405526414 غيمة اقتصادية سوداء تغطي سماء السعودية والمحللون ما بين متشائم بشدة أو متفائل بأن الأمور ستعود كما كانت بأن يرتفع النفط لأكثر من 100 دولار... شخصيا لست متفائلا!. هكذا غرد الاقتصادي السعودي عصام الزامل على موقع تويتر الأسبوع الماضي وسط موجة متصاعدة من مواقف اقتصاديين ورجال أعمال بارزين يعربون فيها عن مخاوفهم من بقاء أسعار النفط التي هبطت لأدنى مستوياتها في ستة أعوام منخفضة لسنوات أخرى. وبعد أكثر من عشر سنوات من طفرة نفطية دفعت إيرادات اقتصاد أكبر مصدر للخام في العالم لنمو سريع يبدي السعوديون تخوفهم من أنهم قد يكونون مقبلين على فترة طويلة من ظروف اقتصادية أقل رفاهية وأكثر تواضعا. وانعكست آثار هذه المخاوف على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الصحف المحلية والنقاشات العامة. ويقول الكاتب عبد الحميد العمري : إنّ السعودية تستقبل مرحلة اقتصادية مختلفة 100% عن السنوات العشر الماضية. سنواجه شح السيولة وارتفاع الفائدة على الريال وضعف النمو والتوظيف. وأضاف: طوال 10 سنوات ذهبت نصائح الخبراء أدراج الرياح فلم يستمع لها الجهاز الاقتصادي بل نام على وسادة ارتفاع النفط ونسب النمو لسياساته. لكن العمري يرى في الفترة المقبلة رغم صعوبتها فرصة لتصحيح التشوهات الاقتصادية من إدمان القطاع الخاص للدعم الحكومي وتركز السيولة على مضاربات الأسواق المحلية لاسيما سوقي الأسهم والعقارات. وحفلت الصحف السعودية بمقالات لكتاب وخبراء وأكاديميينورجال أعمال يطالبون المسؤولين بالعمل بشكل أكبر على تنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط والحد من الاعتماد على ملايين العمال الأجانب. تنويع الإقتصاد وإعتبر الاقتصادي إحسان أبو حليقة ان التحديين الأكثر بروزا وتأثيرا على الاقتصاد السعودي تنمية ونموا هما استقرار إيرادات الخزينة العامة وتنويع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي... النفط وإيراداته يمسك اقتصادنا السعودي إمساكا تاما.وأضاف: هذا ليس اكتشافا جديدا، لم نبارح هذه العقبة كأداء بما يحقق استقرارا لإيرادات الخزينة وتنويعا للأنشطة الاقتصادية لنجد أننا وجها لوجه مع متلازمة البرد النفطي - إصابة اقتصادنا بالبرد عندما عطس النفط!.وتابع أبو حليقة: عند التمعن يمكن الجدل أن ما سيخرجنا من متلازمة البرد النفطي هما مرتكزان اثنان: إيجاد حل لمعضلة سوق العمال السعودي وتنفيذ استراتيجية الخصخصة...من خلال تنشيط الشراكات العامة الخاصة. أمّا الاقتصادي فضل البوعينين فشدد على أنّ المملكة لا تعاني من ندرة الأفكار والأهداف الإستراتيجية بقدر معاناتها مع الأجهزة التنفيذية التي يفترض أن تهتم بتحويل الأهداف الموضوعة إلى واقع ...وقال: تحديات الدخل الحالية يفترض أن تدفعنا نحو مراجعة الخطط الاقتصادية التي لم تسهم في تحقيق الأهداف الرئيسة. وأضاف: ما حدث في أسواق النفط مؤخرا وما قد يحدث مستقبلا يجعلنا أكثر حاجة لتنويع الاقتصاد وخلق قطاعات إنتاج جديدة قادرة على خلق الوظائف وزيادة الناتج المحلي ورفع حجم الصادرات وتوفير مصادر دخل حكومية مستقلة عن إيرادات النفط. من جانبه إعتبر المستشار الاقتصادي فواز العلمي إن المملكة كان يمكن ان تستعيض عن إصدار سندات لتمويل عجز الموازنة بإصلاح أساليب دعم الطاقة وتوجيهها للمستحقين. الاحتياطيات وسجلت السعودية احتياطيات مالية هائلة خلال السنوات الماضية تحول بينها وبين تعرضها لأزمة اقتصادية مثلما يتخوف البعض. ومع وصول سعر مزيج برنت إلى 45 دولارا للبرميل ستسجل المملكة عجزا في الموازنة يقارب 150 مليار دولار، لكن لديها احتياطيات اجنبية تزيد على 600مليار دولار كما أن الدين الخارجي منخفض. وتشير هذه الأرقام الى أن الرياض لا تزال قادرة على الإنفاق ودعم الاقتصاد.ولم تصدر أرقام رسمية بعد لكن هناك علامات على أن الناتج المحلي الإجمالي سجل نموا قويا في الربع الثاني من العام مع زيادة المملكة إنتاجها النفطي في تعويض جزئي لتراجع الاسعار. كذلك لم يتأثر إنفاق المستهلكين الذي دعمته مكافآت سخية من العاهل السعودي الملك سلمان عندما تولى عرش البلاد في يناير / كانون الثاني حيث سجلت شركة جرير أحد أكبر شركات التجزئة في المملكة نموا بلغ 9% على أساس سنوي في مبيعات الربع الثاني. زمن المكافآت ولـّى؟ ويتخوف السعوديون من أن يكون زمن المكافآت قد ولى مع تراجع النفط. ودفعت تلك المخاوف سوق الأسهم للهبوط بنحو 12% في اغسطس / آب وخسارة 50 مليار دولار من قيمته السوقية.وما يعزز المخاوف كذلك قلة التصريحات الحكومية حول خطط مواجهة تراجع النفط لسنوات. ولم تظهر أي تصريحات حكومية مباشرة في الآونة الأخيرة لكن وزير المالية إبراهيم العساف كان قد طمأن في ديسمبر/ كانون الأول بان المملكة قادرة على استيعاب تراجع النفط على المدى المتوسط وإنها ستواصل الإنفاق على خطط التنمية. وفي يوليو تموز أصدرت الحكومة سندات للمرة الأولى منذ عام 2007 لتمويل عجز الموازنة لكنها لم تعلن عن المبلغ المتوقع اقتراضه مما أثار مخاوف مصرفيين من وجود أزمة سيولة.وقد يترك غياب التصريحات الحكومية الأسواق عرضة للمضاربات. وكان صندوق النقد الدولي حث الرياض الأسبوع الماضي على إجراء إصلاحات تتعلق بأسعار الطاقة المحلية وعلى خفض فاتورة أجور القطاع الحكومي وفرض ضريبة القيمة المضافة وفرض رسوم على الأراضي خلال السنوات المقبلة. ويرى الكثير من الاقتصاديين أنه لن يكون هناك بديل عن تلك الإصلاحات على المدى الطويل غير أنّ المسؤولين الحكوميين لم يعلقوا حتى الآن على اقتراحات الصندوق.