ليس هناك مثل الشعب العربي غراما بالألقاب وتوزيعها عمال على بطال. وقد بز المصريون أشقاءهم في هذا الغرام حتى أصبح لكل مصري لقب يتسيد به على كل مجال من مجالات الحياة في عالمه العربي الواسع. وقد أصاب هذا الداء، داء الألقاب، لبنان والخليج، وربما المغرب العربي الذي لا نحيط بكثير من أموره وشؤونه. مؤخرا، جرت حرب فنية ضروس على منح مطربة خليجية، عادية جدا، لقب (فنانة العرب)، وقيل إن من أسبغ عليها هذا اللقب هو فنان العرب محمد عبده. يجوز أن يجامل مطرب مطربا آخر أو يمنحه، على المستوى الشخصي، ما يريد أن يمنحه، فلسنا وكلاء على ألسنة الناس ولا أقوالهم، لكن الخطأ هو أن يصدق (الملقب) ويصر على أن يعمم ذلك جماهيريا، وكأن ما قاله فلان أو علان لا ينزل الأرض. الناس فيما أعلم هم الذين يمحضون المطرب أو المطربة، أو الممثل والممثلة، حبهم وولاءهم واعترافهم بدون ألقاب أو احتلال غاصب وغاشم لمناطق الآخرين وسيرهم التاريخية الكبرى والمثلى. إذا كانت هذه الفنانة ــ على سبيل المثال ــ فنانة العرب، فأين يمكن أن نضع قيثارتنا وسفيرتنا إلى النجوم الكبيرة والعظيمة فيروز؟! وإذا أردتم الابتعاد عن الساحة الفيروزية الاستثنائية، فأين تضعون جوليا بطرس أو نجوى كرم اللبنانيتين أو نوال الكويتية أو شيرين المصرية، أو حتى الصغيرة والجديدة ياسمينا علواني خريجة برنامج إم بي سي الشهير (آراب جوت تالنت)؟! من المهم ومن الجيد أن نكون واقعيين حين نصدر أحكاما أو ألقابا لكي نتجنب أولا احتمالات الإصابة بالغرور والتزيد على الآخرين. ولكي ــ ثانيا ــ ألا نتصادم مع ذائقة الجماهير العريضة التي تميز بقوة وحرفية بين أصوات الطرب العرب وتملك قدرة فائقة على فرز الغث من السمين. ومن المهم ــ أيضا ــ أن يعمل رواد الأغنية العربية الطربية الأصيلة على استعادة الزمن الجميل بشروط الحاضر. أي أن يتماهى المطرب أو المطربة مع الحاضر، لكن على أسس قوية من تميز الصوت وقدرة الأداء، وإلا أصبحنا ــ كما هل حاصل ــ كلنا مطربين وكلنا نتقلد ألقابا لا نستحقها. زبدة القول أن ما أطالب به هو أن نكف عن توزيع الألقاب مجانا أو نفرضها بحكم قوة المال ونفوذه في أوساط الفن والفنانين. اتركوا الناس يسمون مطربيهم ومطرباتهم بأسمائهم ويعجبون أو لا يعجبون بهم بالطريقة التي تناسبهم. لقد ظل اسم (ليدي غاغا) كما هو دون أن يحتاج الأمريكيون لتتويجها ملكة أو يمنحونها لقب (فنانة الأمريكان)، ومنهم من يطقطق معها، ومنهم من لا يطيق طلتها وجنونها.