×
محافظة المنطقة الشرقية

نقابات العمال في بريطانيا "متخوفة" من تقييد استخدام مواقع التواصل في تنظيم الإضرابات

صورة الخبر

تشريح الميت من المواضيع الصعبة على النفس قبولها او حتى قبول النقاش فيها ولكن ولما لهذا الموضوع من اهمية في عدة مجالات ولعلاقتي بهذا الموضوع من الناحية الادارية والشرعية ورغم تخصصي بالجراحة العامة وليس بالطب الشرعي فإنني وددت فتح هذا الموضوع. تشريح الميت يمكن ان نقسمه الى ثلاثة اقسام: اولا: التشريح للتعلم كما في كليات الطب وهذا ليس مجال بحثنا الآن ثانيا: التشريح الجنائي وهو عندما يكون هناك سبب جنائي للوفاة او عندما تشك السلطة الامنية في وجود سبب جنائي وتطلب التشريح لمعرفة السبب الدقيق للوفاة. ثالثا: وهو مجال البحث وهو التشريح المرضي وخصوصا للمرضى المتوفين بالمستشفى او تحت علاجات او عمليات او اجراءات معينة وذلك لتحديد السبب الدقيق للوفاة. قبل البحث يجب معرفة رأي العلماء -حفظهم الله- وقد افتى المجمع الفقهي الاسلامي بدورته العاشرة بتاريخ 28/2/1408 بجواز تشريح جثث الموتى للتحقيق في دعوى جنائية لمعرفة اسباب الموت او الجريمة المرتكبة وذلك عندما يشكل على القاضي معرفة اسباب الوفاة ويتبين ان التشريح هو السبيل لمعرفة تلك الاسباب وكذلك تشريح المرضى للتحقق من الامراض التي تستدعي التشريح ليتخذ على ضوئه الاجراءات الواقية والعلاجات المناسبة وكذلك لغرض التعليم كما في كليات الطب. وقد وضع المجمع قيودا هي ان تكون الجثة لشخص معلوم وان يأذن هو قبل موته او يأذن ورثته بعد وفاته ان يقتصر التشريح على قدر الضرورة وان تتولى مختصات تشريح النساء إلا اذا لم يتوفر ذلك، كما اشترط المجمع ان يتم دفن جميع الاعضاء بعد الانتهاء من التشريح. كما رأت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في قرارها رقم 47 بتاريخ 20/8/1396 ان مفسدة انتهاك حرمة الجثة مغمورة في جنب المصالح الكثيرة المتحققة بالتشريح سواء كان الشخص معصوما ام لا ولذلك اجازت اجراء التشريح للغرض الجنائي والمرضي. اما من ناحية التشريح لغرض التعليم فقد اجازها من ناحية اجرائها على جثث اموات غير معصومة. والموضوع الذي اود التكلم عنه هو موضوع الشكاوى الطبية امام الهيئة الصحية الشرعية او حتى تلك الاخبار التي ترد في الصحافة الالكترونية والمقروءة عند حدوث أي وفاة او ضرر وتفتتح الخبر بانه نتيجة لخطأ طبي. وبدءا للحديث فانه لايستطيع أي طبيب او مهتم بهذا الشأن انكار وجود اخطاء طبية ولكن لاينبغي المبالغة في وصف حدث الوفاة الطبيعي انه نتيجة لخطأ طبي او انه حتى في وجود اخطاء معينة فليس بالضرورة ان تكون هذه الأخطاء هي التي تسببت في حدوث الوفاة. وفي مواضع اخرى فإن الوفاة قد تكون حدثت نتيجة لخطأ طبي حقيقي ولكن مجريات الاحداث والتفاصيل المدونة بالملف لا تكشف ذلك بشكل دقيق وبذلك يضيع حق المتوفى وحق أهله. لذا أرى انه عند وفاة أي مريض في مستشفى فإنه ينبغي ابلاغ أهل المتوفى بأنه في حالة شكهم بوجود خطأ طبي أدى الى وفاة المريض فانه ينبغي اولا دراسة الحالة بشكل كامل وتحديد ما اذا كانت تحتاج عمل تشريح لكشف السبب الدقيق للوفاة وفي حالة عدم موافقة الاهل على احتمال عمل التشريح فإن ذلك يعني عدم امكانية التوصل الى معرفة سبب الوفاة لانه من الصعب في كثير من الحالات ان يجزم الطبيب الذي يحقق بالسبب الدقيق للوفاة ويكون قرار التحقيق هو تكهنات قد تكون قوية ولكنها ليست جازمة ويمكن بالتالي لاي طبيب مدان او للمدعي الذي يعتقد بانه لم يحصل على حقه ان يعارض الحكم سواء بالهيئة الشرعية او بديوان المظالم. ويمكن ان اضرب مثالا على ذلك بقضية غير طبية خارج المملكة وهي انه حصل حادث مروري بين سيارتين توفي بسببه احد السائقين واتهم السائق الآخر بالتسبب بالوفاة وعند عمل التشريح تبين وجود احتشاء كبير بالقلب عند السائق المتوفى مما حول مسار القضية الى ان الاحتشاء (او مايسمى جلطة القلب وهي حالة مرضية لا تنتج عن الحادث) هي التي ادت الى وفاة السائق ومن ثم حصول الحادث وهذا يبين لنا دور التشريح في كشف السبب الدقيق للوفاة. وتوجد كتب عديدة في مجالي التشريح الجنائي والمرضي اوردت قصصا حقيقية اقرب الى الغرائب عن دور التشريح في كشف غموض وفيات طبية او جنائية وغيرت مسار التحقيق والاتهام بشكل كامل. ولذلك رأى العلماء في التشريح المرضي انه يصون حكم القاضي من الخطأ لان القاضي قد يخطئ في الحكم في ظل عدم وجود الدليل ومع التشريح فإن القاضي يهتدي الى اصابة الحق. كما يجب ان تكون هناك ضوابط لعمل التشريح في هذه الحالات مثل موافقة الورثة وموافقة القاضي الشرعي وان تكون الادلة الاخرى ضعيفة وان يكون الطبيب الذي يقوم بالتشريح متخصصا في هذا المجال. مما سبق اعتقد انه يجب علينا النظر بمفهوم للتشريح المرضي اوسع مما هو يحصل حاليا وبحث الموضوع من الناحية النظامية والشرعية والله الموفق... * رئيس قسم الجراحة العامة مدير المستشفى العام مدينة الملك سعود الطبية