< أكد باحث في شؤون الجماعات الإرهابية أن مقتل الفرنسي لوران باربوت في مدينة جدة عام 2004، على يد تشاديين اثنين من عناصر تنظيم «القاعدة»، اللذين نفذ في حقهما حكم القتل تعزيراً أمس، كان محاولة لإثبات الوجود، والخروج من أزمة ملاحقة التنظيم، ومحاصرته من الولايات المتحدة الأميركية بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، التي سبقتها بثلاثة أعوام. وقال الباحث المختص في شؤون الجماعات الإرهابية الدكتور محمد الهدلاء لـ«الحياة»: «أقدم تنظيم «القاعدة» على عملية قتل الفرنسي عام 2004 كمتنفس له، إذ كان حينها ملاحقاً من العالم أجمع، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بعد تبنيه أحدث سبتمبر 2001، فأقدم على عمليات فردية، ليثبت وجوده أمام العالم، خصوصاً أمام أتباعه». وكان تنظيم «القاعدة» بدأ في تلك المرحلة في التخطيط لإنشاء تنظيم «القاعدة» في المملكة. وولدت الفكرة في بداية تسعينات القرن الميلادي الماضي، إلا أنه أنشئ فعلياً في نهاية التسعينات، وبدأ أولى عملياته بعد تأسيسه عام 2003. وأوضح الباحث الهدلاء أن تنظيم «قاعدة الجهاد» بدأ بشن هجماته في المملكة من خلال عمليات فردية، يعمل تنظيم «داعش» الإرهابي حالياً على محاكاتها، وذلك باستهداف الأجانب والعسكريين والمنتمين إلى الطائفة الشيعية. وأسند إلى ابن لادن قائد التنظيم حينها مهمة تأسيس التنظيم في السعودية إلى يوسف العييري، وذلك بعد خروجه من السجن عام 1998». وأضاف الهدلاء: «تشكلت خلايا التنظيم في بدايتها من فئتين، الأولى من الذين سبق لهم التدريب في معسكرات أفغانستان، وشاركوا في القتال. والثانية من الذين لم يحملوا السلاح بعد، ولم يتمكنوا من زيارة أفغانستان مطلقاً. فيما تفرغ قادة الخلايا للفئة الثانية بشكل أكبر، لتدريبهم عسكرياً، فكانت مواقع التدريب بطون الأودية والأماكن البرية خارج نطاق العمران». وبعد نحو 5 أعوام من التأسيس، بدأت عمليات التنظيم. وعدد الباحث الهدلاء أبرز تلك العمليات، ففي أيار (مايو) 2003 كان الهجوم بثلاث سيارات مفخخة على مجمع سكني بالرياض، غالبية قاطنيه من الغربيين، ما أسفر عن مقتل 26 شخصاً، إضافة إلى مقتل تسعة من المهاجمين. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ذاته، تبنى التنظيم هجوماً بشاحنة مفخخة، استهدف مجمعاً سكنياً في الرياض، وأسفر عن سقوط 17 قتيلاً، و100 جريح ، وفي مطلع مايو من 2004، نفذ التنظيم هجوماً في مدينة ينبع، خلف 6 قتلى غربيين. وفي 29 من الشهر ذاته اقتحم مسلحون مجمعاً سكنياً في الخبر، واحتجزوا العشرات من رهائن، غالبيتهم موظفون في شركات نفط أجنبية. وخلفت العملية مقتل 19 غربياً، وتمكن بعض المهاجمين من الفرار. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2004، هاجم مسلحون مقر القنصلية الأميركية في مدينة جدة، وخلف الهجوم 5 قتلى من عمال القنصلية، إضافة إلى مقتل المهاجمين. وكان من أوائل المستهدفين في ذلك العام المهندس الفرنسي لوران باربوت، في مدينة جدة، إذ أقدم على قتله تشاديين اثنين، كانا عضوان في خلية تتبع تنظيم «القاعدة». وتعد عملية القتل هذه واحدة من العمليات التي طاولت أجانب ومسؤولين حكوميين، واستمرت بين عامي 2003 و2006، وأودت بحياة أكثر من 150 شخصاً، بين سعودي وأجنبي. وكانت أجهزة الأمن اعتقلت أكثر من 11 ألف مُشتبه فيه، وقتلت المئات، ضمن الجهود لاستئصال جذور تنظيم «القاعدة» في البلاد. وعاد الباحث الهدلاء إلى بداية أحداث العنف في الرياض في مايو 2003، وقال: «بدأت خلايا التنظيم بتغيير استراتيجيتها من حيث اختيار معسكرات التدريب، فبدلاً من المزارع الخارجية والأودية، اتجهت إلى الاستراحات الخاصة على أطراف المدن، وبدأت بتحويلها إلى مواقع تدريبية»، مستدركاً: «مع مرور أشهر على بدء الملاحقة العلنية للخلايا، تقلصت فرص عناصره في توفير مواقع تدريبية مؤهلة بشكل فاعل، نتيجة لتساقط الكثير من تلك الخلايا في الرياض خاصة».