مع وجود الشبكة العنكبوتية وجميع وسائل التكنولوجيا المتاحة، تمكنا من رؤية أشياء كان من سبقنا يعتبرها ألغازا وأحجيات، وذهبت أرواح بشر من أجل قول إن الأرض كروية، فما بالك إذا كانت جميع الكواكب تتخذ الشكل الكروي، ما الذي يدفعها لفعل ذلك؟ لماذا لا تتخذ أي شكل آخر من الأشكال الهندسية الأخرى؟ لماذا لا تكون على شكل مكعبات أو مربعات أو مخروطية؟! هذا الشكل الكروي للأرض هو الذي يجعل تأثيرها عليك سواء كنت في أدغال إفريقيا أو في أحد القطبين واحدا، فأنت لا تطير في الأدغال وتكون ثابتا على الأرض في القطب الشمالي والعكس صحيح، وإنما تكون حالك واحدة في أي نقطة على سطح الأرض، وهذا يدعم كرويتها ويمنحنا سرا من أسرار الخلق التي أودعها الله في الكون. فأنت لو كنت تدير مناقشة مع مجموعة كبيرة من الأشخاص وتريد أن يسمعوك بالقوة نفسها ويكون تأثيرك فيهم متساويا أقرب شكل ستنظمهم فيه هو الشكل الدائري وأنت تتوسطهم، لذا تسمى حلقات المناقشة وحلقات الدرس، وهكذا تفعل الكواكب فبسبب الجاذبية ومركز الطاقة المكون للكوكب، يقوم مركز الكوكب بجذب كل شيء إليه منذ بداية تكون الكوكب، ومع كبر حجمه بمرور الوقت وارتفاع درجة حرارة مركزه بشكل كبير بسبب تفاعل العناصر المشعة وغيرها، يتعامل الكوكب من الداخل مع من حوله على أنه سائل أو شبه سائل وليس مادة صلبة تماما. وبالتالي تنقاد سيولة الكوكب لقوة الجاذبية المركزية فتلتف جميع عناصر ومكونات الكوكب حول المركز وتنظم جزيئاتها، حيث تبعد كل نقطة المسافة نفسها عن المركز مكونة شكلا دائريا تلقائيا يسمح لكل الأجزاء بالتقارب مع بعضها البعض نحو المركز لأقصى درجة ممكنة. الأرض وجميع الكواكب تحتوي على طاقة هائلة بداخلها تجذب إليها الأشياء إلى الداخل مع مراعاة اختلاف قوة الجذب ومحاولتها الدائمة إلى اتخاذ أصغر شكل ممكن للتقليل من الطاقة المبذولة، لذا تجد أن الدائرة هي الشكل الوحيد الذي ستحصل عليه حين تحاول تصغير حجم أي شيء وضغطه للداخل، جرب ذلك مع الصلصال أو حتى قطعة عجين تريدها أن تختمر لتعمل منها قرص خبز لذيذا! ولكن لماذا تبقى بعض الأجرام السماوية الصغيرة والنيازك والمذنبات السابحة في الفضاء على شكلها غير المنتظم دون أن تتحول إلى كرات؟! لقد وجدوا أن السبب في ذلك أن قوة الجذب لها لا تستطيع التغلب على صلابة هذه الأجسام وليس لديها القدرة لتحويل ما بداخلها إلى شبه سائل يسهل جذبه والتحكم فيه لأن ذلك يحتاج إلى حجم كبير نسبيا، فكلما زاد الحجم زادت قوة الجاذبية وسيطرتها، وهذا ما تفتقده الأجسام الصغيرة!