بعيد حصولها على خطة انقاذ اوروبية ثالثة، دخلت اليونان مجددا الجمعة فترة عدم استقرار سياسي مع انتخابات تشريعية مبكرة في ايلول/سبتمبر، هي الخامسة منذ العام 2009، ولا يبدو انها تثير قلق الدائنين. وتأتي الدعوة لهذه الانتخابات بعد استقالة رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس الخميس على خلفية انشقاق داخل حزب سيريزا اليساري الراديكالي الذي يتزعمه، اذ اعلن 25 نائبا عزمهم تشكيل كتلة برلمانية جديدة اعتبارا من الجمعة. واطلق على التكتل الجديد اسم "الوحدة الشعبية"، المماثل لحزب الرئيس التشيلي السابق الاشتراكي سلفادور الليندي. ويعارض المنشقون تدابير التقشف الجديدة المفروضة بموجب الاتفاق الاخير بين اثينا واوروبا للحصول على قرض جديد للبلاد. واعلن تسيبراس في خطاب متلفز مساء الخميس، انه بعدما قام بكل ما في وسعه لتعزيز الاقتصاد اليوناني "القرار الآن للشعب اليوناني ليحكم على القرارات والنجاحات او الاخطاء". واضاف تسيبراس "يعود الامر اليكم (اليونانيون) لتحديد ما اذا كنا مثلنا البلاد بشكل جيد، وما اذا كان الاتفاق يضمن الشروط التي تسمح بنهوض البلاد". وانتخب تسيبراس في 25 كانون الثاني/يناير بحصوله على 36,3 في المئة من الاصوات. وكان ينظر الى تسيبراس البالغ من العمر 41 عاما، على انه السياسي اليساري الذي سيضع حدا "لسياسات التقشف" المرفوضة من قبل اليونانيين والمفروضة على البلاد منذ بدء الازمة قبل خمس سنوات. لكن بعد ستة أشهر من المفاوضات الشاقة، وضغوط الدائنين الذين هددوا اثينا بالخروج من منطقة اليورو، اضطر تسيبراس الى توقيع اتفاق مع اوروبا على قرض جديد قيمته 86 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات. الا ان رد حزبه العقابي لم يتاخر، فقد صوت 40 نائبا من حزب سيريزا من اصل 149 ضد الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي او امتنعوا عن التصويت في البرلمان الاسبوع الماضي. لكن الاتفاق مر بدعم من المعارضة. وبذلك خسر تسيبراس الغالبية البرلمانية ولم يعد له حاليا سوى 119 نائبا من اصل 300 في البرلمان. لكن رغم ذلك، فإن تسيبراس ما زال يتمتع بشعبية كبيرة في البلاد، ويأمل الاستفادة منها في الانتخابات التي يود ان تجري في 20 ايلول/سبتمبر. وعنونت صحيفة اليسار الجمعة "رهان للجميع"، فيما كتبت صحيفة تا نيا (يسار وسط)، الاكثر انتشارا في البلاد، ان "تسيبراس نجح في الخروج من المأزق" داخل حزبه من خلال اتخاذه قرار الاستقالة. لكن الناخبين اليونانيين يبدون مرهقين من اثار الكساد الاقتصادي وخمس عمليات انتخابية خلال السنوات الست الاخيرة في تشرين الاول/اكتوبر 2009، وايار/مايو وحزيران/يونيو 2012، وكانون الثاني/يناير عام 2015، وتلك المرتقبة. وقال نيكوس باباسوتيريو (70 عاما) وهو متقاعد في جزيرة ليسبوس على بحر ايجه انه "كان يمكن لتسيبراس تجنب الانتخابات بطلب تصويت على الثقة في البرلمان، لكنه استعجل". اما فاسو ستاثاكي، احد المقيمين في ميتيلين كبرى مدن ليسبوس، فكان ساخرا بقوله ان "لا شيء سيتغير، القرارات تتخذ في بروكسل، لقد حاولوا (سيريزا) القيام بشيء آخر لكنهم فشلوا". ولا يبدو ان هذه الدعوة الى انتخابات محتملة تثير استياء الدائنين. وقال رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم انه لا يخشى ان تشكل فترة الانتخابات خطرا على تنفيذ الاصلاحات. واضاف ان "الغالبية العظمى ايدت مجموعة التدابير في البرلمان اليوناني، ونحن نتوقع ان يكون هذا الدعم اقوى" بعد الانتخابات. والخميس، حتى قبل الاعلان الرسمي، كتب المسؤول عن مكتب رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر، مارتن سيلماير على تويتر ان "انتخابات مبكرة في اليونان قد تكون وسيلة لتوسيع نطاق دعم" خطة المساعدة. وقدم تسيبراس الخميس استقالته للرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس مطالبا بانتخابات مبكرة في 20 ايلول/سبتمبر للتمكن من تشكيل حكومة "مستقرة". وبموجب الدستور طلب الرئيس الخميس من فاغيليس ميماراكيس زعيم حزب المعارضة اليميني "الديموقراطية الجديدة" محاولة تشكيل حكومة ائتلافية. وبموجب الدستور، فإن استقالة رئيس الوزراء تؤدي تلقائيا الى عملية تشاورية، وتستدعى اكبر ثلاث كتل برلمانية لتشكيل حكومة ائتلافية خلال ثلاثة ايام. وفي حال فشلوا في ذلك، وهو المرجح، فسيدعو الرئيس الى انتخابات تشريعية مبكرة.