رأس الخيمة عدنان عكاشة: شهداء الوطن أكثر من مجرد أسماء أو وقائع أو ذكريات عابرة للزمن، هم في الوجدان الشعبي الإماراتي رموز، ومحطات تاريخية في مسيرة الدولة، وشخصيات وطنية، حفرت أسماءها في سجل الوطن وأبطاله وقاماته التاريخية. هم مبعث عز وفخر، ونماذج للتضحية، يرى باحثون أكاديميون وشخصيات مجتمعية ومثقفون أهمية أن تدرج تضحياتهم وسيرهم وما قدموه للإمارات وأبنائها في المناهج الدراسية، كنماذج وطنية للفداء والتضحية وحب الوطن، وبذل الروح من أجل أمنه واستقراره. رجال الإمارات وتاريخ جديد الشيخ مفتاح بن علي الخاطري، من وجهاء منطقة الحمرانية في رأس الخيمة، يختصر مكانة شهداء الإمارات في الوجدان الشعبي والوطني بكلمتين(رجال الإمارات)، الذين أثبتوا رجولة أبناء هذا الوطن وبطولة رجال هذه الدولة، وعزيمة عيال زايد، معتبراً أننا نشهد تاريخاً جديداً لدولتنا، يكتبه هؤلاء الشهداء بدمائهم وتضحياتهم، وحقبة مختلفة تحتم تقديم التضحيات والدماء. ويستدرك الخاطري: ليس رجال الإمارات فقط، من يستحقون التقدير والمحبة والتخليد، بل نساء هذا الوطن أيضاً، ممن أنجبنشهداءنا وأبطالنا، وربينهم، ثم تحمّلن ألم الفراق ووجع رحيل فلذة الكبد. ضمير الشعب الإماراتي الشاعر أحمد العسم، نائب رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، رئيس فرع الاتحاد في رأس الخيمة، قال: إن شهداء الإمارات هم ضمير الشعب الإماراتي، وأصالته، وهم فلذات أكبادنا جميعاً، لهم كل المحبة، وشهداء عند المولى، تبارك وتعالى، بإذنه، ومن يضحي من أجل وطنه وأمته ومن أجل الحق، هو من الرجال الأوفياء، الذين لم تبخل بهم الإمارات، وكلنا فداء لهذا الوطن. عند حسن ظن الوطن د. عتيق جكة، أستاذ الإدارة الحكومية في قسم العلوم السياسية بجامعة الإمارات، وصف مكانة شهداء الإمارات في الوجدان الشعبي الإماراتي: ما قدموا من تضحيات هائلة يرفع رأس أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة، ويؤكد لهذا العالم أنهم مستعدون لتلبية نداء الواجب الوطني والقومي، وعند حسن ظن القيادة والوطن بهم. استوطنوا القلوب نجيب الشامسي، مدير الهيئة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يؤكد أن شهداء الإمارات استوطنوا قلوب الإماراتيين، وباتوا جزءاً محورياً من الوجدان الشعبي الإماراتي، لا يمكن محوهم من الذاكرة الوطنية لأبناء الإمارات على مر السنين. هنيئاً لأمهاتهم وآبائهم ولزوجاتهم وأبنائهم وأسرهم، هنيئاً لنا كإماراتيين جميعاً بهم. أمثلة حية د. أحمد القيشي، أستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة الشارقة سابقاً، يقول إن شهداء الإمارات أمثلة حية ومشرفة لنا، كإماراتيين، للتضحية في سبيل أمتهم ووطنهم، وسيبقون رمزاً للإماراتيين عبر مراحل التاريخ ومسيرة دولتهم. وهم يؤكدون مدى استعداد شعب الإمارات وقدرته على الدفاع عن أمته برمتها، كما هو على أهبة الاستعداد لفداء وطنه وقيادته ومكتسباته الحضارية، التي تحققت منذ الآباء، ثم تأسيس الدولة، وصولا إلى أيامنا الراهنة، تحت ظل القيادة. الذاكرة الشعبية المحامي الإماراتي سالم راشد المفتول، يؤكد أن شهداء الإمارات لهم موقع مركزي وخاص جدا في قلوب الإمارات، في كل مناطق الدولة، وفي وجدانهم وضميرهم الحي، مضيفاً أن استجابة أبنائنا الشهداء الأبرار لنداء الوطن والأمة، ولتعليمات القيادة الرشيدة محل تقدير واحترام، لافتاً إلى ما يشعر به أبناء الإمارات من حزن عميق لرحيل هذه النخبة من أبنائهم، وهو ما يختلط بمشاعر الفخر والاعتزاز. ودعا المفتول إلى إطلاق أسماء شهداء الإمارات على عدد من الطرق والمدارس وسواها من مرافق حيوية، تخليداً لهم في الذاكرة الشعبية للإمارات وأهلها. شرف لنا جميعاً مهرة محمد بنت صراي، مديرة إدارة التثقيف والإعلام الصحي في منطقة رأس الخيمة الطبية، اعتبرت أن شهداء الإمارات شرف لنا جميعاً كإماراتيين، رفعوا رؤوسنا وغرسوا محبتهم في قلوبنا، وزادونا اعتزازاً بالإمارات وعشقاً لها، وطناً وشعباً وقيادة وتاريخاً وتراثاً. وأضافت: شهداؤنا أذكوا فينا هويتنا الوطنية، وعززوا حجم الانتماء الوطن والولاء لقيادة الدولة الرشيدة. رفعوا الوطن فوق هاماتهم الفنان المسرحي سعيد إسماعيل، يرى أن شهداء الإمارات في صميم الوجدان الشعبي الإماراتي، الذي سيخلدهم في صفحات مشرقة وبيضاء، وهم منذ اللحظات الأولى لإعلان خبر استشهادهم على أرض المعركة باتوا نماذج وطنية إماراتية خالصة للتضحية وللفداء، وللعمل الوطني الأصيل، رافعين الوطن فوق هاماتهم، وهم يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل أمن الإمارات واستقرارها وسعادتنا جميعاً. الشقيق الأكبر لفاهم الحبسي: كان يلبي نداء الوطن مبتهجاً رغم الوجع والجرح بوداع الشهيد فاهم الحبسي، يلفت محمد سعيد أحمد الحبسي، الشقيق الأكبر للشهيد إلى أن البشاشة كانت أبرز ملامح فقيد الوطن، والحب لوطنه ودينه، وهذه المرة التي رحل فيها ولم يعد إلى أهله ووطنه لم تكن الأولى، بل سبق له أن لبى النداء مرات عدة، في البحرين وأفغانستان والبوسنة والهرسك، وقبل كل مهمة وطنية له خارج حدود الوطن كان في كامل معنوياته، يؤديها بكل سرور وأريحية، واللافت أنه كان يلبي بأسرع وقت، حتى أسرع من صوت المنادي، وهو ما جعل تواجده في وطنه وبين أهله خلال الأعوام الماضية قليلاً، بسبب انهماكه في تأدية مهامه الوطنية. ويؤكد شقيق الشهيد أنه كان يلبي نداء الإمارات وقيادتها وهو في سرور وبهجة، مستبشراً بالخير. أم الشهيد لم تذرف الدموع والدة الشهيد فاهم، كما يقول شقيقه الأكبر، كانت ردة فعلها عند سماعها خبر استشهاد ابنها لافتة للنظر وتستحق التأمل والقراءة، لم تذرف الدموع، بقيت صابرة ومحتسبة، تذكر الله كثيراً، وتردد: هذا شهيد، رغم كثرة الباكين والثكالى حولها، لفراق ولدها، القريب إلى قلبها وروحها. طيب اللسان وذكريات لا تنضب الشاعر محمد المونة الحبسي، ابن عم الشهيد (فاهم الحبسي)، يقول وهو يستحضر الماضي البعيد والقريب: منذ أن كنا صغاراً كنا مع بعضنا، وفي ليالي حق الليلة ورمضان، لنا ذكريات لا تنضب على هذه الأرض، وفي ربوع هذا الوطن، مشيراً إلى أن من أجمل صفات فاهم، رحمه الله، أنه (طيب اللسان)، طيب الحديث، لا تخرج منه سوى الكلمات الطيبة واللطيفة، التي لا تجرح أحداً ولا تخدش روحاً، ولا تخلو من حميمية. عاش بهدوء ورحل بهدوء أضاف الشاعر الحبسي: كانت تغلب على شهيد الوطن سمات الهدوء في شخصيته وحضوره في المواقف والمناسبات الاجتماعية والعائلية المختلفة، وهو، كما عاش، رحل بهدوء، رغم الحزن الطاغي والتكافل الوطني والتآزر الاجتماعي لأبناء الإمارات جميعاً حول عائلته.