أكد مجلس الوزراء على الدور الرائد لـ سوق عكاظ في دورته التاسعة، وذلك من خلال محافظته على الثقافة والتراث والإبداع عبر مختلف فعالياته التي ما زالت تواصل جهودها في جادة السوق، تحت اشراف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتتنوع بين استعراض لمسيرات القوافل العربية إلى السوق قديمًا، وأيضًا تقدم مشاهد حية تجسد السوق في العصر الجاهلي وصدر الإسلام، إضافة إلى المساجلة الشعرية بين فرسان الكلمة وشعراء المعلقات، وكذا العرض المسرحي المفتوح نقش من هوازن، وهو ما أكسب هذه الفعاليات حفاوة غير مسبوقة من جمهور السوق انعكست على الإقبال الجماهيري المتزايد. مسيرة القوافل تبدأ المسيرة من بداية الجادة إلى نهايتها، والممثلون يلبسون الزي الخاص بالعمل ويحملون الدروع والسيوف والرماح، وتسير خلفهم الجمال والخيول، مع موسيقى تعطي إيحاء الماضي، بينما يقف على بعد خطوات منهم الجمهور وزوار الجادة يشاهدون كيف كانت حياة القبائل في الجزيرة العربية في تلك الحقبة التي تسبق ظهور الإسلام، لتجسد الفعالية التقاء عصرين بينهما أكثر من 1500 عام. سوق عكاظ أما الفعالية الثانية والتي تستأثر أيضًا باهتمام كبير من الجمهور، فهي الأداء التمثيلي لـلحياة في (سوق عكاظ) القديم، حيث يقدم فريق العمل عرضاً مكونا من 6 مشاهد تمثيلية لتوافد قوافل التجارة من الشام واليمن وما تضمه من بضائع متنوعة، فضلاً عن ما يشهده السوق من مبارزات حامية بين فرسان ذلك العصر، فيرصد المشهد قدوم قافلة من الشام تحمل الكثير من البضائع يتقدمها شيخ تجار الشام أبو الوليد، وحركة باعة التمور والتوابل، وباعة العطور والحرير، وكذا باعة السيوف والرماح والدروع وغيرها، وكل ينادي على بضاعته، بينما باعة الشام يقدمون القمح والزيتون والأواني النحاسية، والسيوف الدمشقية وغيرها. ويتابع الحضور في المشهد الثاني ظهور رجل حكيم كبير بالسن، يبدو مهيبًا بزيه العربي الأصيل، شامخًا وهو يعتلي صهوة جواده الأصيل، ويترجل عند مدخل السوق ويتذكر أمجاد وذكريات سوق عكاظ، مرددًا في نفسه: ما زلت تنتظر روادك القادمين من كل حدب وصوب يحملون إليك خيرات بلادهم. ويرصد المشهد الثالث وصول قافلة جديدة أتت من اليمن، محملة بالجلود المدبوغة والملونة والمزركشة وبجانبها عطور وبخور تنعش القلب، إضافة إلى سيوف يمانية مهيبة. وفي المشهد الرابع تقرع الطبول على ساحة نزال حامية وأصوات المشجعين، والناس يتجمهرون لمتابعة نزال جديد بين مصارعين أحدهما تبدو عليه ملامح التكبر والعظمة، وآخر يضع لثامًا على وجهه، ويصف الحكم الأول بأنه: السموأل صاحب السواعد القوية والقبضة الحديدية، قوي كالهرماس، سريع كالغزال، ينقض على خصمه كالنسر، ينساب كالافعوان ويلدغ كالعقرب، ويصف الملثم بأنه: يلاحق السموأل بعيون كعيون الصقر ويراوغه مراوغة الذئب، لينتهي النزال الحامي لصالح الملثم المجهول. ويعود الرجل الحكيم للظهور في المشهد الخامس متابعًا تجواله بين الناس في السوق، وفي الوقت ذاته تصل قافلتان من الهند، وينادى التجار والباعة على ما بهما من بضائع. ويختتم المشهد السادس أيضًا بالرجل الحكيم بعد أن تبضع وحمل جواده من مختلف بضائع السوق، ومن ثم امتطى جواده وهو يحدث نفسه مودعًا أركان السوق قائلا: القدوم إليك أيها السوق متعة ما بعدها متعة، وفراقك أسى يلفه شوق شديد للعودة. وبعد هذه العبارة التي تختتم الفعالية التمثيلية لـسوق عكاظ، تنطلق صيحات الإعجاب وتصفيقات من جمهور الجادة، معبرين عن إعجابهم بالأداء الذي جعلهم يتعايشون مع سوق عكاظ في عصور مجده السالفة. المعلقات الشعرية بعد هذا الأداء الشيق ينتقل جمهور الجادة مع غروب الشمس إلى فعالية المعلقات الشعرية، والتي يتبارى فيها عدد من الممثلين في أداء شخصيات شعراء المعلقات، مرتدين أزياء تلك الحقبة التاريخية، وبأداء شعري وتمثيلي متقن من الفنانين الذين يلقون قصائدهم بعد ان جسدوا شعراء المعلقات وسط عبارات الثناء من الجمهور. وتنتهي الفعالية مع رحيل آخر ضوء للشمس، لتبدأ بعدها الاستعدادات للفعالية المحورية للجادة وهي عرض مسرح الشارع نقش من هوازن، فيسارع الممثلون بتجهيز أنفسهم للعرض الذي يجسد سيرة الشاعر والصحابي لُبيد بن ربيعة العامري من الجاهلية إلى الإسلام. تنمية الوعي ويوضح ممدوح سالم منتج ومخرج فعاليات الجادة مدير عام مؤسسة رواد ميديا أن فريق العمل والذي يضم أكثر من 250 ممثلا وفنيًا دخل في تحدٍ مع نفسه لتحقيق هدف جوهري من خلال هذه الفعاليات، وهو إمتاع الجمهور بفعاليات متنوعة وراقية المضمون، وفي الوقت ذاته تنمية وعيه ومعارفه من خلال المحتوى الذي تقدمه جميع هذه الفعاليات. وأضاف سالم: ما أسهل تقديم محتوى يضحك الجمهور، لكن ماذا بعد الضحك؟ هل خرج الجمهور بعد انتهاء هذا المحتوى بقيمة جديدة، أو معلومة عن تاريخ وطنه ورجالات أمته؟ هل تعرف على فرسان الكلمة؟ ما الذي اكتسبه من قيم وصفات من خلال ما شاهده؟ هذا بالضبط ما نحرص على تقديمه من خلال فعاليات الجادة، سواء من خلال فعالية مسيرة القوافل التي تشعر المواطن بالمهابة تجاه قوة وعنفوان العرب، وخصالهم، واستماتتهم في الدفاع عن حقوقهم وشرفهم، أو فعالية سوق عكاظ التي تعكس تاريخيًا مجتمع الجزيرة في العصر الجاهلي وأوائل ظهور الإسلام، وكيف كانت سوقًا رائجة تفد إليها قوافل التجارة من شتى أرجاء الدنيا، كما كانت ساحة للنزال سواء للمبارزة بالسيوف، أو المبارزة بالكلمة من خلال منافسات الشعراء فيما بينهم. تجسيد المسيرات والقوافل بسوق عكاظ