ينقسم موسم النجم سهيل إلى أربعة منازل، تبدأ بالطرفة ومدتها 13 يوماً من 24 أغسطس/آب، حيث لا يزال الجو دافئاً ورطباً في الليل، مع بقاء الحرارة المرتفعة في ساعات النهار. ثم الجبهة وتمتد لمدة 13 يوماً، أول نجوم فصل الخريف، وتبدأ من 6 سبتمبر/أيلول، وتزداد خلالها الرطوبة، ويتشكل الضباب صباحاً، وينشط قدوم الكتل الهوائية العالية الرطوبة. تليها الزبرة وتستمر لمدة 13 يوماً، تبدأ من 20 سبتمبر/أيلول، ويتساوى فيها الليل بالنهار، ثم يأخذ الليل في الزيادة. وأخيراً الصرفة 3 أكتوبر/تشرين الأول، سمّيت بذلك لانصراف الحرّ بطلوعها وانصراف البرد بسقوطها، وفيها تلتمس برودة آخر الليل إلى درجة ينصح بعدم النوم تحت أديم السماء. إبراهيم الجروان مساعد مدير مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، المشرف العام على القبة السماوية بالشارقة، يؤكد اهتمام أبناء الجزيرة العربية، منذ القدم، بمطالع النجوم، والنظر فيها ومعرفة منازلها، لارتباطها بحياتهم اليومية، في الليل والنهار، حيث يعرفون من خلالها دخول فصول السنة ووقت نزول الأمطار، وفترات البرد والحرّ، ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعداداً لنزول المطر، وأهل البرّ يعرفون مواسم الرعي والسفر، وأهل البحر يعرفون مواسم الصيد البحري والسفر. عرب الجزيرة العربية، ومنذ القدم يستبشرون بظهور سهيل في الأفق، حيث يمثل علامة على تحول الظروف الجوية القاسية وانكسار حدة القيظ، ومع بدايته يبدأ منخفض الهند الموسمي بالضعف والتراجع جنوباً، وتهبّ مع طلوع سهيل رياح الكوس، وهي جنوبية شرقية عالية الرطوبة، تعمل على تكوين سحب منخفضة، على امتداد السفوح الشرقية لجبال الحجر في عُمان والإمارات، وربما يصاحبها هطول رذاذ، كما تهبّ رياح نشطة يطلق عليها هبايب سهيل تعمل على تلطيف الجو، كما تنشط روايح الصيف، حيث تؤثر في حول جبال الحجر في الإمارات وعُمان، ويطال تأثيرها المناطق الجبلية الوسطى في الإمارات من مدينة الذيد وحتى العين، مسببة عواصف محلية ورياحاً هابطة قوية مصاحبة للسحب الركامية وهطل أمطار رعدية غزيرة. كما أن ظهور نجم سهيل يتزامن مع اعتدال الطقس، وانخفاض درجات حرارة البحر، وبالتالي انتعاش أسواق السمك في مختلف مناطق الدولة، حيث إن معظم الأسماك تهاجر إلى الأعماق خلال الصيف، بحثاً عن الأماكن الباردة، وتعود بكميات كبيرة إلى السواحل بعد اعتدال الطقس، كما أن نسبة كبيرة من الصيادين يعزفون عن الخروج إلى البحر في فصل الصيف، نظراً لارتفاع درجات الحرارة، وقلة المحصول من الأسماك في موسم القيظ الحار. نجم سهيل الذي تستبشر بطلوعه العرب، من ألمع النجوم في السماء، وله مسميات عدة عند العرب، فهم يسمّونه البشير اليماني، ونجم اليمن، وسهيل اليماني أيضاً. وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب، ويظهر مقابلاً للنجم القطبي الشمالي، حيث يشير إلى جهة الجنوب، أما القطب الجنوبي نفسه فلا يظهر في سماء الإمارات. وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي، كما هي الحال في القطب الشمالي. يقول العرب في أساطيرهم إن سهيلاً والشعرى كانا زوجين، فانحدر سهيل فصار يمانياً، فاتبعته الشعرى العبور فعبرت المجرة فسميت العبور، وأقامت الغميصاء، فبكت لفقد سهيل حتى غمصت عيناها، فسميت غميصاء لأنها أخفى من الأخرى. وكان العرب في الصحراء يسترشدون أيضاً بالنجم سهيل، حين يتوجهون صوب الجنوب، والثريا نحو الشمال، كما يدل سهيل على القبلة في بلاد الشام. واستعان بنجم سهيل أيضاً البحارة الصينيون المتوجهون إلى بحار الجنوب، الذي كان نجماً قطبياً جنوبياً، وسهيل يطلق عليه الإغريق اسم كانوبوس، وهو بطل إغريقي وقائد أسطول بحري. من الصعب كما يؤكد الجروان رؤية نجم سهيل في عروض الإمارات يومي 16 و 18 أغسطس، كما هو متعارف عليه عند البعض في الإمارات موعداً لرؤية سهيل، حيث إنه في يوم 18 أغسطس يكون ارتفاع نجم سهيل ما يقارب 3 درجات عن الأفق وقت طلوع الشمس. كانت فرصة رؤية نجم سهيل في جنوب اليمن متوافرة مع بداية الشهر الجاري، وفي ظفار وعسير مع العاشر منه، وفي وسط الجزيرة العربية 24 أغسطس، أما شمال الجزيرة العربية يمكن مشاهدته ابتداء من يوم 9 سبتمبر. تقويم الدرور مع طلوع النجم يبدأ تقويم خاص لأهل الخليج يعرف بالدرور كما يقول إبراهيم الجروان مساعد مدير مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، ويضيف: هذا التقويم يقسم السنة إلى ثلاثة أقسام كل قسم 100 يوم وكل عشرة أيام منها يسمى در، وبالرغم من الاختلاف في تحديد الموعد الدقيق لطلوع سهيل فهو بين 15 أغسطس/آب إلى 28 أغسطس وهي فروق بسيطة، حيث إنها لا تقلل من فعالية التقويم وتطابقها مع حالة الجو والبحر ومواعيد الزرع والحصاد. وبطلوع سهيل تنكسر حدة الحرارة تدريجياً ويبدأ الجو بالاعتدال ليلاً، وبعد سهيل ب 52 يوماً يدخل حساب الوسم مع منتصف أكتوبر/تشرين الأول، وهي 52 يوماً إذا جاء فيها المطر فإنه يكون نافعاً بإذن الله للنبات، حيث تنبت أنواع كثيرة من النباتات البرية، لا تنبت إلا في مطر هذا الوقت، كذلك تأخذ نباتات المراعي دورة حياتها كاملة معه قبل أوان جفافها مع قدوم الحر صيفاً. في المفهوم الفلكي يوضح إبراهيم الجروان مساعد مدير مركز الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، أن سهيل نجم لامع من القدر الأول وثاني ألمع نجوم السماء بعد الشعرى اليمانية، يبعد عن الأرض ما يقارب 313 سنة ضوئية، وكمعظم نجوم السماء، يختفي عن الأنظار فترة من السنة ثم يعود إلى الظهور، في صبيحة 24 أغسطس من كل عام، ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوماً بعد يوم، إلى أن يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية ديسمبر، ثم يظهر بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي، مع نهاية مارس، وبعدها يختفي لفترة حتى يطلع من جديد قبيل شروق الشمس في 24 أغسطس في الإمارات، ويكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي نحو 12 درجة، وظهوره يستمر حتى نهاية فصل الشتاء، وبسبب موقعه في أقصى الجنوب، فإن رؤيته في شمالي الجزيرة العربية نادرة، وغير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض 40 درجة شمالاً. وبما أن الجزيرة العربية تقع على حدود 12 درجة شمالاً، عند جنوب اليمن إلى 30 درجة شمالاً عند العراق، وتقع الإمارات على دائرة عرض 25 درجة شمالاَ في المتوسط، وبناء على الحسابات الفلكية، فإن سهيل يكون مقترناً بالشمس وقت طلوعها في الإمارات بتاريخ 12 أغسطس، ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس، في 24 أغسطس، ويكون بعد هذا الوقت مرئياً.