×
محافظة المنطقة الشرقية

بنك الإسكان يربح 5.6 ملايين دينار في 6 أشهر

صورة الخبر

لأن التجاهل كان مستحيلاً فقد كان الالتفاف سريعاً. على هذه القاعدة كان التعاطي الصهيوني مع جريمة قتل الرضيع الفلسطيني حرقاً على أيدي مستوطنين. واللافت أن الأطراف الصهيونية من اليمين واليسار التقت ولكن ليس تجاه بشاعة الجريمة ووحشيتها بل دفاعاً عن إسرائيل ومواجهة لردود الفعل الفلسطينية. بالكلام أسهب نتنياهو في إدانة الجريمة ، ووعد بملاحقة الجناة ومعاقبتهم لكنه بدا كمن يبحث عن مخرج من مأزق وعده ومن صدام مع المستوطنين ، ويبدو أن اللعب على الوقت سيكون خياره. إلى جانب الإقرار الرسمي الإسرائيلي بالجريمة ، كان الإقرار بأن إسرائيل يوجد فيها متطرفون لا يقلون خطورة عن الجماعات المتطرفة في المنطقة. هنا بدا اليسار مدافعاً عن إسرائيل وبدت الحملة في هذا الشأن كما لو أن الجريمة دخيلة على هذا الكيان ، من غير المقبول أخذها على أنها محسوبة على هذا الكيان بمكوناته. على هذا يمكن الإشارة إلى ثلاث مسائل: الأولى: إن المستوطنين يوجدون في المستوطنات التي توفرها لهم الحكومة الإسرائيلية وهم ينعمون برعاية مشهودة في هذا الشأن... وإذا كان هذا حقهم ، فإن هؤلاء يجدون الدعم والحماية من قبل قوات الاحتلال لقيامهم بالأعمال العدوانية ضد الفلسطينيين في أراضيهم ومساكنهم وفي حياتهم ومعيشتهم... وبمعنى آخر أن التطرف في أوساط هؤلاء وجد تشجيعاً من قبل قوات الاحتلال له نتائجه. ثانياً: الإرهاب صهيونياً ارتبط بوجود هذا الكيان ، وفي سجل إسرائيل تاريخ أسود للجماعات الإرهابية التي حملت لواء إيجاد هذا الكيان ، ومنها الهاغانا والأرغون وعوشن إيمونيم وحركة حيروت والجماعات والأحزاب اليمينية والدينية القائمة راهناً. ومن هذه الحالة كانت سياسة وممارسة هذا الكيان وبخاصة تجاه الفلسطينيين إرهابية، وضحايا الإرهاب الصهيوني ليس قيادات وكوادر في جرائم الاغتيالات فقط ، بل شعب بكامله في استقراره وحريته وحياته ومعيشته ووجوده وحقوقه. ثالثاً: إذا كانت القاعدة تقول إن في مواجهة المعتدلين يوجد متطرفون ، فإن اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي لا يحتل مجرد مساحة محدودة في الحياة السياسية وفي التأثير داخل المجتمع... بل إن هؤلاء الذين يعتبرهم اليسار شاذين عن المجتمع الإسرائيلي المتمدن والمتسامح والإنساني هم الذين يسيطرون على السلطة القائمة في البلاد ، وهم النافذون على الرأي العام. هنا يمكن القول إن الخطوة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية في اتجاه رفع جريمة حرق الرضيع الفلسطيني أمام محكمة الجنايات الدولية هي خطوة سليمة ، ولكنها يجب ألا تكون إزاء هذه القضية وحيدة. وبمعنى آخر أن الجريمة الوحشية فتحت ملف الاستيطان والمستوطنين ، ما يعني أن أمام الفلسطينيين الآن فرصة لإثارة قضية الاستيطان والمستوطنين في الأمم المتحدة أولاً ، وأن يقترن ذلك بحملة إعلامية ، وبخاصة تجاه الرأي العام الأوروبي لفضح جرائم المستوطنين في الأراضي الفلسطينية. إن الاستيطان غير شرعي وما تسعى إليه إسرائيل أن تدفع بهذه العملية إلى أقصى حد ، ومن ثم تجري عملية تسوية على الأمر الواقع. ولمواجهة هذا الاتجاه يكون من الصائب أن يصير موضوع إزالة الاستيطان هدفاً للسلطة وفصائل المقاومة والفعاليات والمجتمع الفلسطيني بأسره. إن عملاً كهذا من شأنه إحداث انقلاب في الوضع القائم والمستمر على مدى عقود مديدة، وإن انتشار لجان حماية المواطنين من عدوان المستوطنين سيكون ذا أهمية إذا ما وضعت هدف إزالة الاستيطان في أولويتها... لأن هذا الاتجاه وحده يضع القضية أمام الكيان الصهيوني بقياداته ، ويجنب هذا الوجود الوطني ممثلاً بلجان الحماية من الوقوع في دوامة اللعبة الخبيثة بصراع المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين ، وبينهما قوات الاحتلال التي هي مع المستوطنين في دعمهم قبل حمايتهم. لمرات عديدة طالب الفلسطينيون بوقف الاستيطان وكان الرد الصهيوني إطلاق المزيد من مشاريعه في الضفة والقدس ، وما زاد على هذا أن المستوطنين لم ينهبوا أرض الفلسطينيين وحسب ، بل صاروا يشكلون عصابات تستهدف الفلسطينيين في حياتهم ونشاطهم ووجودهم وهو ما يفترض ردعه. في هذا الشأن يمكن القول إن الفلسطينيين متاح أمامهم الآن فرصة ثمينة هي أن يعلنوا بملء الفم أن الطريق إلى السلام يمر من خلال إزالة الاستيطان ، والجهاد من أجل تحقيق هذا الهدف.