قالت منظمة الصحة العالمية "إن عدداً قليلاً جداً من الحكومات يقوم بتحصيل الضرائب على السجائر ومنتجات التبغ في الحدود الدنيا من المستويات العالية، لتخفق بذلك في استخدام مقياس فعال، غير مكلف، ثبتت فعاليته للحد من الطلب على التبغ وإنقاذ الأرواح وجمع الأموال لتعزيز النظم الصحية". وركزت المنظمة في تقريرها السنوي تحت عنوان "الوباء العالمي للتبغ 2015" على زيادة الضرائب المفروضة على التبغ، قائلة "إنه على الرغم من أن 33 بلداً يجمع رسوماً تمثل أكثر من 75 في المائة من سعر البيع في التجزئة لعلبة السجائر، إلا أن دولاً كثيرة أخرى تفرض معدلات ضريبية منخفضة للغاية، وأن دولاً معينة لم تفرض حتى أي ضريبة خاصة على منتجات التبغ". وأوضحت الدكتورة مارجريت تشان، المدير العام للمنظمة في التقرير الصادر باسمها أن زيادة الضرائب على منتجات التبغ هي واحدة من الوسائل الأكثر فاعلية، والأقل تكلفة، في الحد من استهلاك المنتجات التي تقتل، علاوة على أنها تولد دخلاً كبيراً لميزانيات الدول. مضيفة "أدعو جميع الحكومات إلى النظر بدقة إلى البيانات الواقعية، لا حجج الصناعة، واعتماد سياسة فرض الضرائب العالية على التبغ كواحد من أفضل الخيارات السياسية الرابحة المتاحة أمام القطاع الصحي". وقالت المنظمة في تقريرها إن استراتيجيات تقليص الطلب على التبوغ الواردة في إطار الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية التي وقعت عليها الدول الأعضاء، "أسهمت بفاعلية في إنقاذ أرواح ملايين البشر على مدى العقد الماضي". وأسست المنظمة هذه الاستراتيجية عام 2008 لتعزيز عمل الحكومات في ست استراتيجيات بهدف وضع نهاية لوباء التبغ، وهي: مراقبة استهلاك التبغ، وحماية السكان من دخانه وتقديم المساعدة إلى الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين، وثالثاً، التحذير من مخاطر التدخين، وفرض حظر على الإعلان عن التبغ والترويج والرعاة، وزيادة الضرائب المفروضة عليه. وحققت السعودية نتائج متواضعة في تنفيذ هذه الاستراتيجيات عموماً، لكن بنتائج جيدة في مجال حماية السكان من دخان التبغ، فقد انضمت المملكة ابتداءً من الأول من كانون الثاني (يناير) عام 2013 إلى 51 دولة تطبق إجراءات منع التدخين في الأماكن العامة، غير أن الإجراءات السعودية في هذا المجال لا ترقى إلى الصرامة التامة التي تطبقها الدول الأخرى خاصة الأوربية، والولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزلندا، ومدغشقر، وروسيا، والصين، إذ تصل نسبة منع التدخين في الأماكن العامة في هذه الدول إلى 100 في المائة. ووفقا لأحد الاستنتاجات الرئيسة للتقرير الصادر في (198 صفحة)، إن زيادة الضرائب، (الاستراتجية السادسة في الاتفاقية الإطارية للمنظمة)، هي "الأقل تنفيذاً بين الاستراتيجيات الأخرى، كما سجلت قدراً ضئيلاً من التقدم، ما يتعلق بتنفيذ الحكومات الاتفاقية الإطارية منذ عام 2008". ومع ذلك، ففي عام 2014 زاد 11 بلداً الضرائب على التبوغ بالنسبة التي تنشدها المنظمة وهي أكثر من 75 في المائة من سعر البيع بالتجزئة لعلبة السجائر. وبهذه الزيادة انضمت هذه البلدان إلى الدول الـ 22 التي أدخلت هذه المستويات العالية من الضرائب، لتمثل بذلك نسبة 10 في المائة فقط من سكان العالم، وهو تحسن طفيف عن نسبة الـ 7 في المائة التي كانت تغطي سكان العالم في عام 2012. وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور دوجلاس بيتشر، مدير دائرة الوقاية من الأمراض غير المعدية في المنظمة أن زيادة الضرائب المفروضة على التبغ والأسعار "هي أحد الأساليب التي أثبتت فاعليتها في التقليل من استهلاك منتجات التبغ، وتشجيع المستهلكين على الإقلاع عن التدخين"، مشيرا إلى أن الأدلة في الصين وفرنسا تبين أن ارتفاع أسعار منتجات التبغ المرتبطة بزيادة الضرائب قد قلل من انتشار التدخين والآثار السلبية المرتبطة به، مثل الوفاة بسرطان الرئة. ويعيش 690 مليون إنسان في 33 دولة فقط فرضت فيها معدلات عالية من الضرائب على السجائر، من بينها: بريطانيا، إسبانيا، فرنسا، تركيا، إيرلندا، الأردن، نيوزلندا، إيطاليا، بلجيكا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، كرواتيا، قبرص، الجيك، فنلندا، اليونان، هنغاريا، شيلي، ومدغشقر. وللمقارنة بين دول الخليج العربي الست، فإن سعر علبة السجائر (ذات العلامة الأكثر مبيعاً التي تضم 20 سيجارة) يبلغ في السعودية حدود 2.67 دولار (نحو 10 ريالات) بمجموع من الضرائب لا يتجاوز 20 في المائة، مقابل 2.75 دولار في قطر، و2.72 دولار في دولة الإمارات (العلبة ذاتها). ويفرض البلدان الأخيران النسبة ذاتها من الضرائب التي تفرضها السعودية. وفي الكويت يبلغ سعر علبة السجائر 2.65 دولار، بنسبة من الضرائب قدرها 34.72 في المائة، وبسعر 2.34 دولار في عُمان، بنسبة من الضرائب قدرها 22.22 في المائة، و1.33 دولار في البحرين بنسبة من الضرائب بنسبة 40 في المائة. ويُمكن أن نجد في أفغانستان أرخص علبة للسجائر (ذات العلامة الأكثر مبيعاً التي تضم 20 سيجارة) بين دول العالم أجمع، إذ لا يتجاوز سعرها 35 سنتيماً أمريكياً، وبنسبة من الضرائب 2.7 في المائة، وهي أدنى نسبة من الضرائب في العالم أيضاً. أما أغلى علبة سجائر فهي في أستراليا 15.90 دولار، والنرويج 15.95 دولار)، ونيوزلندا 14.43دولار)، وفنزويلا 14.32، وإيرلندا (12.84)، وبريطانيا (12.69)، وإيسلندا (10.59)، وسنغافورة (10.44). وتصل أعلى نسبة ضرائب على السجائر في القارة الأوربية، وأمريكا الجنوبية، فمثلاً في فنلندا تبلغ الضرائب على السجائر 81.53 في المائة، وفي فرنسا 80.30 في المائة، وبولندا (80.29 في المائة)، سلوفاكيا (81.54 في المائة)، سلوفينيا (80.41 في المائة)، تركيا (82.13 في المائة)، بريطانيا (82.16 في المائة)، بلجيكا (75.92 في المائة)، بلغاريا (82.65 في المائة)، البوسنة والهرسك (82.33 في المائة)، الجيك (77.42 في المائة)، فنزويلا (71.04 في المائة)، والإكوادور (70.39 في المائة). وتبلغ الضرائب على علبة السجائر في كندا 69.80 في المائة، وفي الولايات المتحدة 42.54 في المائة. ومن القضايا المثيرة التي يذكرها التقرير أن الحكومات تجمع نحو 269 مليار دولار من عوائد الضرائب على التبوغ في كل عام، لكنها تنفق نحو مليار دولار فقط على إجراءات السيطرة على التدخين، وأن 91 في المائة من هذا المبلغ صُرِف من قبل الدول عالية الدخل. وقالت الدكتورة فيرا دا كوستا سيلفا، رئيس الأمانة العامة للاتفاقية الإطارية في المنظمة "إن الاتفاقية تقترح على الحكومات تبني سياسات للتوصل إلى وضع حد لمنتجات التبغ غير المشروعة، أي السجائر المهربة، بهدف الحد من الطلب، وزيادة الإيرادات من بيع منتجات التبغ". وأضافت "ينبغي للبلدان الأعضاء في المنظمة العمل على تنفيذ أحكام البروتوكول الخاص بالقضاء على الاتجار غير المشروع في منتجات التبغ ومكافحة الأسواق غير المشروعة". وقالت "إن فرض الضرائب على التبغ بالنسبة التي حددتها الاتفاقية الإطارية يمكن أن يكون مصدرا حيويا للتمويل اللازم لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة لفترة ما بعد عام 2015". وأكد التقرير الخامس لمنظمة الصحة العالمية حول الوباء العالمي للتبغ، أن 40 في المائة من سكان العالم (2.8 مليار إنسان) مغطى باستراتيجية واحدة في الأقل من الاستراتيجيات الست، وهو ما يُمثل ضعف عدد البلدان وثلاثة أضعاف السكان المشمولين بهذه التغطية مقارنة بعام 2007. يقول التقرير أيضاً أن 20 في المائة من سكان العالم (1.4 مليار إنسان) مغطى باستراتيجيتين اثنتين على الأقل من الاستراتيجيات الست، وهو ما يُمثل ثلاثة أضعاف رقم عام 2007. وفرضت 29 بلداً (من بينها، روسيا، إسبانيا، البرازيل، تركيا دولة الإمارات، أورجواي، واليمن) منعاً كاملاً على كافة أشكال الإعلانات، والترويج، والرعاية للتبوغ، وهو ما يسمح بحماية 209 ملايين شخص إضافي من الوقوع تحت تأثير الترويج. ورفعت 11 دولة الضرائب على السجائر إلى أكثر من 75 في المائة بأسعار التجزئة. ستة بلدان فقط، بما فيها أربعة منخفضة ومتوسطة الدخل، نفذت مالا يقل عن أربع استراتيجيات من الست، هي البرازيل، مدغشقر، نيوزيلندا، بنما، تركيا، وأوروجواي. وقالت المنظمة "إن الأمراض المرتبطة بالتدخين هي واحدة من أخطر التهديدات على الصحة العامة التي يواجهها العالم. ويموت ما يقرب من شخص واحد كل ست ثوان بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين، أي ما يعادل نحو ستة ملايين نسمة سنوياً". ووفقا للتوقعات، فإن هذا الرقم مرشح للزيادة ليتجاوز أكثر من ثمانية ملايين شخص سنوياً بحلول عام 2030 إذا لم تتخذ تدابير صارمة للقضاء على هذا الوباء، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. ويعتبر استهلاك التبغ أيضا هو جزء من أربعة عوامل رئيسة للمخاطر الكامنة وراء الأمراض غير السارية، خاصة أمراض السرطان، القلب، الأوعية الدموية، وأمراض الرئة، ومرض السكري. في عام 2012، كانت هذه الأمراض سبباً في 16 مليون حالة وفاة مبكرة (قبل سن 70)، وأكثر من 80 في المائة منها وقعت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.