×
محافظة المنطقة الشرقية

وصول أول فوج من حجاج الدول الأفريقية غير العربية

صورة الخبر

قبل أيام قليلة، اختتمت مدينة أصيلة في الشمال المغربي موسمها الثقافي السابع والثلاثين، الذي دام عشرين يوماً وكان حافلاً بالفكر وعلوم السياسة والإعلام، والشعر والموسيقى والتشكيل. أسدلت الساحرة الصغيرة، التي اكتسبت بجدارة لقب مدينة الفنون الستارة على تظاهرتها السنوية، لكن الأفكار التي اطلقتها مخيلات الفنانين وألوانهم لا تزال ماثلة على جدرانها وأزقتها. وكان لفعالية خيمة الإبداع في دورة هذا العام، أن تحتضن الاحتفال بتكريم الفنان التشكيلي فريد بلكاهية، الذي توفي في سبتمبر من العام الماضي، بينما كانت أفكاره سمة مشتركة، استلهم منها الفنانون جدارياتهم ولوحاتهم، تقديراً لإرث الفنان، الذي يعد من رواد الحداثة البصرية في المغرب. ورشات متنوعة قبل مغادرة أصيلة بقليل، قصدنا مشغل الصباغة والحفر في قصر الثقافة، كان الجميع منهمكين في تظهير أفكارهم على القماش أو على الكتل المعدنية، في ورشات متنوعة هذا يرسم وذاك يحفر.. و توزع مغاربة وآخرون قادمون من بلدان عدة، على شكل مجموعات وأفراد. الفنانة المغربية سناء السرغيني رافقت الموسم منذ ولادته، وهي إحدى المشرفين على ورشة الحفر ومشغل الصباغة تقول: كان والدي فناناً وعشقت الفن تأثراً به، فنشأت وأنا أحاول الاعتماد على نفسي لتنمية وصقل مهاراتي. سناء التي تعرضت لإصابة إثر حادث، أصرت على استكمال عملها في المشغل، للمشاركة بعملين في فن الطباعة على الزنك. رواد الفن وليس بعيداً، كان الفنان الياباني أكيمي نوغوشي المقيم في فرنسا، يتخذ ركنه الخاص، وهو يقوم بحفر أشكال فنية على قطعة مستطيلة من النحاس. نوغوشي الذي لا يزال يتمتع بروح شبابية مرحة، يشارك منذ العام 2007 في موسم أصيلة، ونفذ خلال تلك السنوات 12 عمل حفر بمختلف الأحجام والألوان، فهو يعتبر أحد رواد هذا النوع من الفن ويستفيد أغلب الفنانين المشاركين من خبراته ومهاراته. وأشاد الفنان الياباني بجو العمل الجماعي الملهم والمحفز على الإبداع، مشيراً إلى أنه يفتقد ذلك في عمله المنفرد بمشغله الفرنسي. إلى جوار نوغوشي، كان الفنان البحريني محسن المبارك، يعبر عن سعادته بإنجاز منحوتة نحاسية (بورتريه)، وهو يشير إلى ملهمه الياباني. محسن فنان تشكيلي تأثر بمدرسة الفنان الأميركي آندي وارهول التي عرفت بالاشتغال على المزج بين الفن الراقي والمنتجات التجارية المستهلكة. رسم في الهواء الطلق في الحديقة، وتحت شجرة وارفة الظلال، كان الفنان البحريني خالد الطهمازي يضع لمساته الأخيرة على لوحة عن المنطقة القديمة في أصيلة، في مشاركته الأولى بالموسم، فتحدث عن انطباعاته عن المكان وأثره في نفسه، قائلاً: هي مدينة أقرب في سحرها إلى الطبيعة ولها هوية تميزها، جمالها وبساطة أهلها شكّلا حافزاً قوياً لديّ لجعلها موضوعاً للوحاتي. على بعد خطوات، وقف عمار آل محمود يتأمل لوحته، وهو مصمم غرافيك بحريني ومخرج فني شغوف برسم الحروف العربية، تخلى عمار عن دراسة الهندسة ليتمرد على القيود صانعاً لنفسه أفقاً أكثر حرية باختياره الفن وسيلة للانطلاق في فضاءات جديدة وحصد الجوائز. يقول: هنا وجدت نفسي وأنجزت لوحتين من وحي سماء أصيلة وبحرها الأزرق. 37 عاماً من الفنون استقطب موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ37 مفكرين وباحثين ومبدعين من شتى أرجاء المعمورة، طرحوا رؤاهم وأفكارهم وإبداعاتهم على بساط النظر والسمع والبحث والنقد والنقاش، وتلك هي سمات هذه المنصة البديعة، التي أطلقها ذات يوم قبل 37 عاماً، وزير الخارجية المغربي الأسبق محمد بن عيسى، وهو ابن المكان وأمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، التي جعلت من هذه المدينة وجهة سياحية ثقافية بامتياز. ورشة الصباغة للأطفال تصقل مواهب المستقبل لم يقتصر موسم أصيلة الثقافي على دعوة كبار الفنانين والمثقفين فقط، بل أفسح المجال أيضاً للأطفال الصغار بتنظيم ورشات فنية تشجيعاً لقدراتهم الإبداعية. ويتخذ مرسم الأطفال قاعة مجاورة، لا تصدر منها أي جلبة، كعادة الصغار وهم يمرحون. هدوء وتركيز حتى تتجلى الأفكار الصغيرة على القطع الكرتونية البيضاء. علي والأطفال شاهدنا مجموعة من الأطفال يتحلقون حول المشرف على ورشتهم الفنان البحريني الشاب علي حسين ليعرضوا عليه ما صنعته مخيلاتهم وأناملهم الصغيرة من أعمال فنية. درس علي السينوغرافيا ووقع في حب المسرح، ثم استهواه الرسم وألهمته لوحات الأطفال ذات التصميمات العفوية، حيث عمل على توجيه أفكارهم وتقديم النصائح لهم، لا سيما أنه تفاعل لسنوات عدة بلغة الطفل التشكيلية، معتبراً إياها مكسباً أسهم في إغناء مساره الفني. طموح الرسم في المشغل يفرحني، تقول طفلة من بنات أصيلة وعلى محياها ابتسامة خجولة وتضيف: أحب الرسم، وأشارك أيضاً في مشغل الكتابة، وأريد أن أكون فنانة محترفة في المستقبل.