وقفت الدبلوماسية التي أبداها مندوب الرياض الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي حائلا دون إحراج مدير مركز مكافحة الإرهاب جهانقير خان، الذي يزور السعودية هذه الأيام، في توجيه انتقادات للسلوك الإيراني الداعم للجماعات المتطرفة في المنطقة. وشكك الدبلوماسي السعودي بالدراسة التي ذهبت إلى نتيجة مفادها أن 60% من السعوديين لديهم ميول إرهابية، وقال أن يكون هناك 2000 هذا لا يعني شيئا أمام 30 مليونا. بدبلوماسيته المعهودة، استطاع مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله المعلمي، تجنيب رئيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، جهانقير خان، الذي يقوم بزيارة البلاد، حرج توجيه الانتقادات إلى الدور الإيراني الإرهابي في المنطقة العربية، وذلك حينما انبرى مرتين في مؤتمر صحفي مشترك، عقداه أمس للرد على تساؤلات إعلاميين حول موقف المركز من دعم طهران للأعمال الإرهابية ومدى إسهامها في الإجماع الدولي لمحاربته. ورد المعلمي على تساؤل وجه لخان حول موقف مركز مكافحة الإرهاب من أنشطة إيران المزعزعة للأمن، وأسباب عدم تصنيف بشار الأسد وحسن نصر الله على قائمة الإرهاب العالمي، بالقول "علينا التفريق بين الأمم المتحدة كجهاز معني بالنزاعات السياسية، وبين مركز مكافحة الإرهاب، الذي يعتبر مركزا فنيا متخصصا. فالمركز لا يعلق على الأسئلة السياسية لأن مجلس الأمن هو الذي يقرر قائمة الأفراد أو المنظمات الإرهابية". الإجابة بالإنابة، حضرت كذلك مرة أخرى في الرد على تساؤل حول مدى التزام إيران في دعم مركز مكافحة الإرهاب، حيث أعطى السفير السعودي إجابة دبلوماسية في هذا الصدد، بالقول "إيران دولة عضو في الأمم المتحدة وشاركت بالإجماع العالمي لإنشاء المركز"، دون أن يحدد مدى التزامها بوضع مساهمة مالية في هذا الصدد، كما فعلت السعودية والتي قدمت دعما يقدر بـ110 مليون دولار منذ إنشائه في العام 2011. زيارة مدير مركز مكافحة الإرهاب إلى السعودية، جاءت بهدف الوقوف على تجربة الرياض الثرية –كما وصفها- في حربها على إرهاب القاعدة وداعش، والنظر في أوجه التعاون المستقبلي بين الأجهزة في المنظمة الدولية ونظيرتها داخل المملكة. واستحضر خان والمعلمي، بدايات نشأة فكرة مركز مكافحة الإرهاب، الذي انطلقت من رؤية الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في العام 2005، فيما أشاد المندوب السعودي بالاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في المركز ودعمه ومتابعة أنشطته. وقال خان "لقد أتيت إلى السعودية لكي أتعلم من خبرتها في مكافحة الإرهاب والحد منه.. فهي جزيرة من الهدوء والسلام وسط محيط يغزوه الإرهاب". وشكك مندوب الرياض الدائم لدى الأمم المتحدة، بالأرقام التي حملتها إحدى الدراسات البحثية، والتي أشارت إلى أن 60% من السعوديين لديهم ميول إرهابية. وقال في تعليقه "أعتقد أن ذلك كلام غير واقعي وغير حقيقي، فإذا وجد من بين 30 مليون 100 أو 200 أو 1000 أو 2000 فإن أولئك لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة من غالبية رافضة للإرهاب". بدوره، امتدح مدير مركز مكافحة الإرهاب، الدور الذي يلعبه مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية. وقال "لقد زرت المركز الذي يهتم بإعادة تأهيل الإرهابيين، وهو فريد ورائد فيما يقدمه من برامج ابتكارية وجديدة.. وكثير من الإرهابيين هنا تم إصلاحهم ودمجهم في المجتمع.. مثل هذا المركز قليل في العالم وعلينا الاستفادة منه". وأبان جهانقير خان بأن مركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، بصدد تطوير شبكة NAT والتي تم الإعلان عن إنشائها في اجتماع عقد داخل السعودية بهدف تنسيق الجهود العالمية في الحرب على الإرهاب ومحاصرته. ويشكل استغلال داعش لشبكة الانترنت في عملية تجنيد عملاء التنظيم وتجييشهم هاجسا مؤرقا بالنسبة لمركز مكافحة الإرهاب. وقال خان عن ذلك الهاجس "بالنسبة للانترنت فذلك تحد كبير بالنسبة لنا لأن الكثير من الجماعات الإرهابية وتحديدا داعش تلجأ إليها لتجنيد العملاء". وأفصح المسؤول الأممي الرفيع، عن وجود مشروع عالمي يتبناه المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، يسعى للتقليل أو الحد من تمويل الإرهاب، والذي عادة ما تستند في تحصيله المجموعات الإرهابية من عمليات الخطف مقابل الفدى المالية، وهو مشروع يمتد كذلك لتأمين الحدود من تدفق الأموال والأشخاص والأسلحة. وفي رده على سؤال لـ"الوطن" حول أكثر مناطق العالم تضررا من الإرهاب والدلالات التي يمكن قراءتها من ذلك، قال خان أن الأعداد الأكبر تضررا من الإرهاب موجودة في المنطقتين العربية والإسلامية حيث دفعت دولها ومنها المملكة العربية السعودية الثمن الأكبر من الإرهاب.