×
محافظة المنطقة الشرقية

في كاس ولي العهد : تأهل النهضة والخليج لدور الـ(16)

صورة الخبر

طفل عربي في السابعة من عمره، أفاق من نومه متأخرا بعض الشئ، فجهزته أسرته بسرعة، وخرج إلى الشارع في انتظار الحافلة المدرسية لتقله مع زملائه إلى المدرسة، لكنه لسوء حظه وجد أن الحافلة سبقته بثوان فقط وانطلقت في طريقها المعتاد إلى المدرسة، فوقف الصغير حائرا ماذا يفعل. ولم يطل انتظاره، فيبدو أن الصغير كانت تحيط به مجموعة من الظروف غير المواتية، فكان قراره وسلوكه الوحيد في تلك اللحظة الحرجة أن سار على خط سير الحافلة الذي اعتاد عليه كل يوم، واعتلى كوبري لا مكان فيه للمشاة وسار الصغير يتخبط بين السيارات، وسرعان ما اكتشفته كاميرات غرفة القيادة في شرطة الشارقة، وهرعت دوريات الشرطة في محاولة لإنقاذ الصغير، وفي إحداها كان قائد الشرطة، وبرعاية من المولى عز وجل وجهود أمنية مشكورة أمكن إنقاذ الطفل. الطفل الطبيعي والذي يعيش في بيئة صحية، كان سيعود إلى البيت ليخبر أسرته أن الحافلة المدرسية سبقته ولم يستطع اللحاق بها، وكانت الأسرة ستتصرف وتوصله إلى المدرسة سالما معافى، أو في أسوأ الافتراضات ستتصل هاتفيا بالمدرسة وتلتمس عذرا في عدم دوام طفلها في ذلك اليوم، وكانت الأمور ستمر بسلام وهدوء، وطفلنا في حالة نفسية طبيعية. لماذا اختار الطفل مرغما أن يسير عدة كيلومترات مشيا على الأقدام، في أحوال جوية غير مواتية، ولم يعد إلى المنزل ليطلب مساعدة من فيه؟ الخوف، الرعب الذي امتلك كيانه الصغير عندما شعر أن عدم قيامه في الموعد المناسب من نومه، أو تلكؤه في الاستعداد لموعد الحافلة، سيكون رد فعله التعرض لعقوبات شديدة من أولي أمره في البيت، أو من معلميه في المدرسة، فآثر أن يسلك طريق الحافلة ولا يعود إلى البيت مستنجدا بأهله، ولا يغيب عن المدرسة حتى لا يتعرض لعقوبات التوبيخ والوقوف طويلا، وغيرها من المؤذيات التي لا يتحملها الجسد الصغير. هناك جهل مفجع في التربية النفسية للأطفال يعاني منه الكثيرون ولا يعترفون، لأنهم قد لا يشعرون بأنهم بتأخرهم السلوكي اجبروا الطفل على ارتكاب حماقة لا يعنيها ولا يقدر أبعادها، وإلا لما عرض حياته لخطر الموت في كل ثانية سارها فوق الجسر، وهناك ملايين السلوكيات غير السوية التي نرتكبها نحن الكبار بحق صغارنا بلا وعي. حماية الأطفال يجب أن تكون من جميع النواحي، ولا نكتفي بحمايتهم من الأخطار المباشرة، والواضحة، والمعروفة للصغير والكبير، بل يجب أن تشمل أيضا تلك الأخطار غير المرئية، النفسية، والناجمة عن عقد وجهل وعدم خبرة وغيرها. حماية الأطفال بطرد الخوف من قاموس حياتهم، وتربيتهم على الجرأة والمواجهة، وعدم الهروب من الحقيقة حتى لو كانت شديدة المرارة، وحينها سنسعد ونفخر بأجيال قادمة رؤوسها مرفوعة في السماء .