تستعد تونس لاتخاذ سلسلة تدابير لمعالجة الثغرات في الجهاز المصرفي المحلي الموروثة من عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. واعتبر حاكم المصرف المركزي الشاذلي العياري أن الحكومات السابقة لم تقوّم أوضاع المصارف منذ 2006. وأطلقت أخيراً عمليات تدقيق في حسابات المصارف الحكومية الرئيسة وهي «الشركة التونسية للبنك» و «بنك الإسكان» و «البنك الوطني الزراعي»، التي تؤمّن 40 في المئة من الموازنات المصرفية، وتُشغل 7200 موظف وتؤمن منتوجاً مصرفياً يُقدر بأكثر من 400 مليون دولار، ما يجعلها قاطرة الاقتصاد التونسي. ولكن هذه المصارف تستأثر بـ 80 في المئة من القروض المتعثرة، ما يعني أن أوضاعها قد تزداد سوءاً في المرحلة المقبلة. ويُتوقع أن تُستكمل عملية التدقيق في حسابات المصارف الثلاثة مع نهاية السنة، ما سيُوضح الخيار الأفضل بين عدة خيارات، والذي وفق خبراء يتمثل في معاودة رسملة المصارف أو دمجها وتقليص حصة الدولة فيها. ويُقدر خبراء كلفة الرسملة خلال العامين المقبلين، في حال إقرارها، بـ 1.1 بليون دولار، أي 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكد مصدر مطلع لـ «الحياة» أن «الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية أبلغت أخيراً صندوق النقد الدولي أنها قد تنفق أكثر من بليون دولار لإعادة رسملة البنوك الحكومية الثلاثة». وكان الصندوق وافق على إقراض تونس 1.74 بليون دولار على مدى عامين لمواجهة الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية للمرحلة الانتقالية وتخفيف الصدمات التي قد تأتي من الخارج. وسيُسدد القرض في غضون خمس سنوات مع فترة سماح مدتها 39 شهراً وبفائدة لا تتجاوز نسبتها 1.1 في المئة. وكان الصندوق طلب من تونس اعتماد إصلاحات لم تُحدد طبيعتها، ولكنه ترك الباب مفتوحاً للجانب التونسي ليُحدد أجندة الإصلاحات بالوتيرة التي يراها مناسبة. وكان العياري نفى أن يكون الصندوق مارس أي ضغوط على تونس في المفاوضات، موضحاً أن «تونس لن تلجأ بالضرورة إلى استخدام المبلغ الذي سيوضع في تصرفها إلا في حال اضطرتها الأوضاع لذلك». ولكن سفارة الولايات المتحدة في تونس أكدت في بيان عدم اتخاذ أي قرار في شأن ضمانات قروض إضافية لتونس لهذه السنة، وأن الموضوع ما زال قيد البحث من جانب الولايات المتحدة. وأتى هذا الإيضاح في أعقاب ما تداولته وسائل إعلام محلية، استناداً إلى بيان من وزارة المال التونسية، عن إعلان سفير الولايات المتحدة لقائه وزير المال إلياس الفخفاخ أخيراً، عن موافقة الإدارة الأميركية مبدئياً على مواصلة ضمان جزء من القروض التونسية لهذه السنة. وقد يكون للتحفظ الأميركي علاقة بتراجع مركز تونس في التقارير الدولية الخاصة بمكافحة الفساد. وفي المقابل، اتجهت الحكومة التونسية إلى المؤسسات المالية الإسلامية للحصول على ما تحتاجه من أموال في شكل مستعجل، وفي هذا الإطار وافق «البنك الإسلامي للتنمية» الشهر الماضي على منحها خط تمويل يشمل قروضاً ومنحاً بـ 1.2 بليون دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، بمقدار 400 مليون دولار سنوياً، لتمويل مشاريع في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة.