×
محافظة المنطقة الشرقية

#بالصور .. وفاة شخصين وإصابة ثالث بحادث تصادم سيارتين #السعودية

صورة الخبر

جلنا هذا الشهر في أوروبا وشملت زياراتنا ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وهي المرة الأولى التي تحضر «الجبهة الثورية السودانية» إلى أوروبا كمجموعة. جاء قادة الحركات ككتلة موحدة: هذه هي الرسالة الأولى! أما الثانية فهي أن الحرب مستمرة في السودان: تتعرض دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق للقصف يومياً، ونزح 3.2 مليون مدني من ديارهم. وتُركوا ليوجهوا مصيرهم، وترفض الخرطوم دخول المساعدة الإنسانية على رغم قرارات الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي. والرد الدولي ليس في مستوى المأساة. ويتعين تبني مقاربة جديدة، فلا نستطيع المتابعة على هذا المنوال. ونأمل من فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن أن تفرض ضغطاً على الحكومة. وعلى رغم استقلال جنوب السودان في 2011، تستمر الحرب في الشمال. يرجع ذلك إلى أن النظام القائم هو نظام حرب. كانت هناك الحرب في الجنوب أولاً، ثم في دارفور والآن تدور رحى الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق. وما من حلول موضعية. لقد وقع هذا النظام 42 اتفاق سلام من دون أن يحترم أي منها. ولن تضع حداً للحرب غير مقاربة دولية. وينبغي تغيير قواعد اللعبة. من أجل ذلك أسسنا الجبهة الثورية السودانية. نحن منظمة سياسية وسلمية: ولئن خضنا الحرب فذلك لأنها فُرضت علينا. أما هدفنا فهو تسوية المشكلات الكبرى التي لم تعالج منذ استقلال السودان [في 1956]. لقد صغنا «ميثاق الفجر الجديد» [في العاصمة الأوغندية كمبالا في كانون الثاني (يناير) 2013]، الذي يضم 39 حزباً وحركة شبابية ومنظمة غير حكومية ونقابة إلى جانب «الجبهة الثورية». في ذلك النص، دعوة إلى انفصال بين المؤسسات الدينية والتنفيذية، على عكس السائد لدى السلطة الحالية التي لا تكف عن الخلط بين الاثنتين. ولا يمكن أن تقوم هوية السودان على العرق والدين حتى لو كانا العروبة والإسلام. لقد سوينا مسألة مهمة أخرى: كيفية حكم السودان في المستقبل وليس مَن يحكمه. يجب أن يكون سودان الغد غير مركزي وفيديرالي. ولا يسحق المركز المناطق. هذه ليست المرة الأولى التي تتحد المعارضة فيها. وكان النظام ينجح دائماً في تقسيمها وفي الصمود. لكن دينامية جديدة وُجدت في السودان بفضل التظاهرات التي جرت نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي احتجاجاً على ارتفاع الأسعار. وتدهور الوضع مسألة حقيقية. وعلة ذلك الحرب: يمتص الجيش والأجهزة الأمنية 70 في المئة من الموازنة. يضاف إلى ذلك أن الخرطوم فقدت 70 في المئة من عائداتها النفطية منذ استقلال جنوب السودان [في تموز (يوليو) 2011]. عائدات الدولة حالياً هي أربعة بلايين دولار سنوياً. فليس مدهشاً والأمر كذلك أن يخرج الناس إلى الشوارع. ولجأت الحكومة في مواجهة الاحتجاجات إلى قمع لا رحمة فيه أسفر عن 250 قتيلاً وأكثر من ألف جريح لم يتمكنوا من التوجه إلى المستشفيات خشية تعرضهم للاعتقال. وألقي بثلاثة آلاف شخص في السجون من بينهم عمال ونساء ومراهقون ولم يُفرج سوى عن 1200 منهم. وبالنسبة لنا، سقط النظام. وتكمن المسألة في كيفية التخلص من بقاياه. تجوف النظام من داخله. ووقع انفصال بين الرئيس عمر البشير وبين حسن الترابي في نهاية التسعينات. وتقدم الآن مجموعة من ثلاثين شخصاً من حزب المؤتمر الوطني الحاكم نفسها كشخصيات إصلاحية من بينها المستشار الرئاسي غازي صلاح الدين العتباني ما يهدد بوقوع انشقاق جديد. وهذا صدع جدي في قمة السلطة. وكل شيء ممكن اليوم حتى وحصول انقلاب داخل النظام. في ما يتعلق بدارفور، وبعد التدخل النشط للدول الغربية أواسط العقد الماضي، يبدو أنها في حالة ترقب وانتظار. الدليل على ذلك أن الأميركيين يفضلون التعامل مع عمر البشير الذي يعرفونه حق المعرفة بدلاً من المجازفة بالقفز إلى المجهول. بيد أن المحكمة الجنائية الدولية تتهمه بارتكاب إبادة جماعية. ودرّب نظامه وآوى الإرهابيين في طول القارة الأفريقية وعرضها، من مصر إلى مالي مروراً بالصومال وكينيا ونيجيريا. لقد تخرجوا جميعاً من «جامعة أفريقيا الدولية» في الخرطوم. بل إن مقاتلي «القاعدة» الفارين من مالي يعيدون اليوم تجميع صفوفهم في معسكر قريب من بلدة مدني. لا يمكن انتظار أمر طيب من هذا النظام. و «الجبهة الثورية» هي الحركة الوحيدة في العالم العربي التي تقاتل التطرف والسلاح في يدها. ونتشارك بالقيم الغربية، قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان. فلماذا يتجاهل الغرب مبادئه في السودان؟ ولماذا يجري التبادلات التجارية مع نظام مجرم وإرهابي؟ ويتصرف الغربيون كما لو أن استقلال جنوب السودان في 2011 قد سوى كل شيء. ليس الأمر كذلك على الإطلاق وهم يعلمون ذلك تمام العلم.     * رئيس «الجبهة الثورية السودانية» التي تضم تحالف قوى مـناهـضة لحكومة الخرطوم في دارفور، عن «لوموند» الفرنسية، 12/11/2013، إعداد حسام عيتاني