هلل لاجئون يمنيون وأطلقت الزغاريد مع اقتراب هبوط طائرتهم في عدن ليعودوا إلى حياة محفوفة بالمخاطر في مدينتهم بعد ثلاثة أسابيع من انتهاء القتال فيها ،وعقب أشهر من فرار معظمهم. لكن فرحة العودة للوطن بالنسبة للكثير من اللاجئين العائدين إلى مدينة تفتقر لإمدادات الماء والكهرباء منتظمة وعانت حرب شوارع ضارية لشهور كانت ممزوجة بالحزن لحجم الدمار والغموض الذي يكتنف المستقبل. وقال مهيب إسحق بهدوء وهو يرمق بفزع مبنى المطار المدمر وما تبقى من حظائر الطائرات لا يسعني تصديق هذا. لا يمكنني أن أصدق الدمار. واضطر والده الذي جاء معه في نفس الطائرة إلى أن يشيح بوجهه بعيداً في حزن قبل أن يقول انظر ماذا فعلوا! اعتدت كل هذا منذ مولدي. كانت جنة. ودفعت الحكومة اليمنية التي تعمل من الرياض تكاليف الرحلة الجوية التابعة للخطوط الجوية اليمنية والتي نقلت اسحق ووالده من الأردن إلى عدن في إطار جهود لإعادة الحياة إلى طبيعتها في المدينة اليمنية بعد أن استردها مقاتلون محليون تدعمهم الحكومة من أيدي المسلحين الحوثيين. وكانت عائلة إسحق وهي عائلة ميسورة الحال تنتمي للطبقة المتوسطة قد غادرت عدن على متن سفينة تابعة للبحرية الهندية في طريقها إلى جيبوتي في العاشر من أبريل/نيسان بعد أن بدأت قذائف الدبابات والمورتر تسقط قرب منزلها حتى أنها اضطرت لترك بعض أمتعتها على رصيف الميناء فيما حلقت رصاصات القناصة فوق الرؤوس. وقال مهيب اسحق (35 عاماً) وهو جالس إلى جوار ابنه النائم محبوب (أربع سنوات) هل سيكون هناك ماء و كهرباء؟ لا أعلم. وقررت العائلة التي تشمل والدي مهيب وإخوته وأسرهم العودة إلى عدن رغم تلك المخاوف بسبب المصاعب التي واجهوها كلاجئين فقراء أولاً في جيبوتي ثم في الأردن. وقال أفراد العائلة إنهم عازمون على إعادة إعمار عدن مسقط رأسهم وسرعان ما عبروا عن حبهم للمدينة واعتزازهم بالحياة السعيدة الناجحة التي كانوا ينعمون بها قبل الحرب. وقال القدر توفيق (22 عاماً) وهو طالب يدرس الهندسة الميكانيكية عاد إلى عدن في نفس الطائرة بصحبة زوجته وابنه الرضيع نحن طلبة وعمال فحسب. أناس عاديون. كنا نحب كرة القدم. لكن الحوثيين جاؤوا ليقتلوا. حاربت من أجل عدن فقط. وغادرت أسرة توفيق عدن في قارب أوائل يونيو/حزيران بعد إصابته عقب شهرين من القتال الذي راح ضحيته الكثير من رفاقه الطلبة وأصدقائه. وبينما كان يكشف عن جرح كبير أحدثته رصاصة في جسده وصف توفيق تلك الأيام بأنها أيام قذرة. ويأمل توفيق الآن في أن ينضم إلى المقاتلين الذين يطردون الحوثيين من أبين آخر محافظة جنوبية ما زالوا فيها. وأضاف سنحرر الجنوب. يمكن للحوثيين أن يعودوا إلى الشمال. وساورت نفس المشاعر مأمون عمر (48 عاماً) وهو طيار يمني سابق يحمل الجنسية البريطانية وولد في زنجبار بمحافظة أبين ويعيش الآن في يوركشاير بإنجلترا. وعاد عمر إلى اليمن في فبراير/شباط لمساعدة ابنه المعاق وزوجة ابنه وحفيدته الرضيعة على الفرار. ولم يتمكن عمر من استخراج تأشيرة سفر بريطانية لزوجة ابنه ولا حفيدته. وعندما اشتد القتال في عدن كثيراً دفع ألف دولار نظير نقله إلى الحدود مع سلطنة عمان عبر العشرات من نقاط التفتيش التابعة للحوثيين وباستخدام إمدادات بنزين شحيحة. وقال بعد ما فعله الحوثيون.. ما من سبيل لبقاء اليمن موحداً. وبعد هبوط الطائرة تأججت مشاعر الغضب من الحوثيين لرؤية حي خور مكسر في عدن إذ دمرت أحياء بالكامل وخلفت القذائف ثقوباً في جدران المنازل كما لو كان زلزال قد ضرب المدينة. (رويترز)