عبر عدد كبير من الإثيوبيين المستضافين بمركز الإيواء بمقر جامعة نورة شرق الرياض ل"الرياض" عن الشكر والعرفان لحكومة المملكة على موقفها الإنساني معهم وما أسموه بشيك الغفران المقدم لهم من الحكومة ونسيان الماضي الأسود الذي ارتكبوه بمخالفتهم لنظام الإقامة والعمل حين كان البعض منهم يمارس أعمالا مخالفة. نخضع لأفضل رعاية صحية.. والخلطات الشعبية جلبت لنا الأمراض وأشار العديد من العمالة الإثيوبية أنهم كانوا يعيشون بالمملكة دون وثائق رسمية تثبت هوياتهم أو بلدهم الأصلية، حيث دخلوا عبر الحدود مع اليمن، وعندما سلموا أنفسهم طلباً للترحيل لم يتمكنوا من الحصول على أي وثيقة تسهل عودتهم لولا جهود الحكومة السعودية في التنسيق مع سفارتهم باستخراج تلك الوثائق وتسهيل إجراءات سفرهم. مراكز الإيواء أكثر أمناً من منفوحة التي كانت تقاسمنا فيها العصابات ففي الوقت الذي أخذت تتجاوز فيه مصروفات المواد الغذائية ومستلزمات الأطفال من حليب ومناشف مبلغ المليون ريال يوميا، إضافة لتضاعف الخدمات الصحية اليومية التي تجاوزت الفحص على أكثر من (200) شخص وتسجيل حالات ولادة بشكل يومي، لا زالت الجهات الأمنية في شرطة الرياض تواصل استقبالها لأعداد من العمالة الإثيوبية ممن يسلمون أنفسهم طواعية للاجهزة الأمنية للترحيل المجاني، وسط اقبال أعداد جديدة من بعض المحافظات التابعة للعاصمة مثل الخرج والمزاحمية وضرماء والقويعية وغيرها. وتواصل "الرياض" تواجدها اليومي في مواقع الإيواء لرصد الجهود التي تبذلها الجهات الأمنية والخدمات المقدمة للعمالة المخالفة وانطباعات الإثيوبيين المستضافين. وفي البداية تحدث أحد الإثيوبيين المتواجدين ضمن مئات المراجعين للعيادة الطبية التي تم توفيرها مؤخراً بمركز الإيواء بجامعة نورة وكانت تبدو عليه حالة من الإعياء الشديد، قائلاً ل"الرياض" بلغة مكسرة: عانيت من تعب شديد خلال الأشهر الماضية وقبل أن أسلم نفسي طواعية للجهات الرسمية طلباً لترحيلي، واليوم شعرت بعودة التعب، وحين كشف علي الطبيب قال لي إني مصاب بمرض الدرن وطمأنني بأن العلاج بسيط وسوف يتم نقلي لمستشفى متخصص بواسطة الإسعاف العلاجي. وأضاف: كنت أذهب في السابق لأخذ علاجات شعبية من بعض الإثيوبيين في حي منفوحة كوني لا أملك إقامة رسمية ولا أستطيع الذهاب للمستشفى، واليوم وللحمد لله أنا أحسن حالاً وأشكر المملكة على غفرانها لنا ما بدر منا بمخالفة الأنظمة وعدم محاسبتنا على الماضي الأسود وترحيلنا على حسابها الخاص، فالمملكة هي بلد الإنسانية ودائماً تقف مع الشعوب المتضررة وهذا ليس بمستغرب عليكم فالشكر لخادم الحرمين الشريفين وسمو أمير الرياض وسمو نائبه على هذا الموقف الإنساني. من جانبه، قال مخالف آخر: نشعر بعناية كبيرة فنسمع كل يوم هنا عن زيارة مسؤول كبير في الدولة للاطمئنان علينا رغم أننا مخطئون، وشاهدنا زيارة سمو أمير الرياض وسمو نائبه، وكان عدد كبير منا لا يملكون وثائق ثبوتية وتم مطالبة سفارتنا بتوفيرها في وقت قصير، وأنا أشاهد اليوم عددا كبيرا من موظفي سفارتنا يقومون بتقديم معلومات عنا للمملكة ونحن عاجزون عن الشكر لكم، سامحونا كثير من شبانا طائشون يرتكبون بعض الأفعال ولا يعرفون أنكم تساعدون لكن أقول سامحونا على ما بدر منا ولن ننسى للمملكة موقفها الإنساني معنا. وفي إحدى غرف المستضافين كان أحدهم أكثر سعادة وحوله عدد من الأشخاص يهنئونه، اقتربت "الرياض" منه واتضح أنه سعيد بقدوم مولوده الجديد، وذكر أن زوجته كانت قبل أن يسلموا أنفسهم طواعية في الشهر الأخير من الحمل، وبلغني أنه تم نقلها من الموقع المخصص للنساء لمستشفى الولادة وخرجت وهي وطفلنا بصحة جيدة، مضيفاً: قمت بزيارتها في المستشفى وعدت مرة أخرى لمكان الإيواء ولم يمنعني أحد من رجال الأمن عندما قلت إنني أريد مشاهدة طفلي الجديد وقام بعضهم بالمباركة لي ووفروا لي سيارة أجرة نقلتني للمستشفى. وأوضح: قدمت للمملكة عن طريق التسلل وبعد أن سكنت في حي منفوحة تعرفت على إحدى المتسللات من جنسيتي تقيم مع أسرتها واتفقت معها على الزواج وحينما قدم مولودي الأول لم أستطيع الذهاب فيها للمستشفى فقمنا بتوليدها عند إحدى (النساء) في الحارة وكانت تتعامل بالسحر والشعوذة، مشيراً إلى أن هناك سعوديات كن يقدمن إليها للعلاج بالشعوذة، وبعد توليدها بقيمة (500) ريال بأسابيع توفي لعدم وجود رعاية صحية وبسبب الأدوية التي كنا نستخدمها من تلك السيدة، أما طفلي الجديد فهو يعيش بصحة جيدة وفي مستشفى كبير بالمملكة فأنا أشكركم على حسن الضيافة وعلى ما تقدمونه لي ولزوجتي من خدمة ولن ننسى هذا الكرم السعودي. بدوره أكد أحد المخالفين أنه يشعر بالأمن في دار الإيواء أكثر من حي منفوحة، وعندما سألناه لماذا؟، قال إن الحي كانت تسيطر عليه جماعة من العصابات التي تمارس السطو والسرقة خارج الحي ضد بعض المقيمين والسعوديين وكانوا يمارسون الفوضى داخل الحي ولا نستطيع التحدث معهم أو مجاراتهم، كنت أبيع على الرصيف وأخاف منهم أكثر من خوفي من البلدية كانوا يسرقون بضاعتي ومالي علناً، أما البلدية فكانت تسامحني أكثر من مرة. واتفق معه آخر، حيث يقول: كنت أعمل على الرصيف وفي بعض الأحيان في صب القهوة والشاي بقصور الأفراح مقابل (200) ريال في اليوم وعندما أعود للحي كانوا يعرفون أنني أملك مالاً فيضربوني في أكثر الأحيان وأعطيهم جزءا منه. بينما قال أحدهم: كنت لا أستطيع أن أوفر قوت يومي بسبب الفوضى في حي منفوحة أما اليوم كما تشاهدون فإني آكل ثلاث وجبات مختلفة ومن أفضل المطاعم التي لم أكن أستطيع زيارتها بسبب ضعف دخلي اليومي. كما رصدت "الرياض" تواصل الجهود التي تقوم بها الجهات المعنية تنفيذاً لتوجيهات سمو أمير منطقة الرياض وسمو نائبه لتوفير كافة سبل الراحة للمستضافين من العمالة الإثيوبية المخالفة لنظام الإقامة والعمل بدور الإيواء، حيث تواصل تزويد المواقع بعدد من المستلزمات الطبية بمتابعة مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض الدكتور عدنان العبدالكريم، كما تم توزيع عدد من البطانيات والفرش والمناشف للمستضافين الجدد من المخالفين الإثيوبيين وزيادة مصروفات المواد الغذائية ومستلزمات الأطفال من الحليب بأنواعه المتعددة.