×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / انطلاق مهرجان "من أجل مكة " الرابع غدًا

صورة الخبر

بقلم : د. عدنان علي ستيتية (خبير اقتصادي) .. مع تراجع أسعار الفائدة على الودائع، وفي ظل تقلبات أسعارأسواق الأسهم، وتراجع أسعارها خلال الآونة الأخيرة، ظهر إلى السطح مرة أخرى السؤال المتكرر والمزمن، ماهي بدائل الاستثمار المالي الآمن؟ هل هي الصكوك أم السندات أم الأسهم. للإجابة عن هذا السؤال، سنستعرض الخصائص العامة لكل من الأوراق المالية آنفة الذكر. الخصائص العامة للصكوك والسندات والأسهم: الصكوك في الاقتصاد الإسلامي، ويقابلها السندات في الاقتصاد التقليدي، هي إحدى أوعية الاستثمار، وأداة للتحوط من مخاطر الاستثمار المالي. والفرق بين الصكوك والسندات، هو أن الصك يمثل ملكية شائعة في أصول أو منافع، وهو يعطي دخلًا لمالكه مقابل تجارة معينة أو تأجير لأصل أو غيره من أنواع الصكوك المتاحة. كما يتميز الصك بضرورة وجود الأصل. بينما في المقابل قد تصدر السندات فقط بضمان هيئة عامة كالدولة أو مؤسسة مالية أو شركة. وتمثل السندات قرضًا في ذمة مصدرها دون ملكية أية أصول خلافًا للصكوك. إضافة لذلك، لاتعتبرعوائد الصكوك التزامًا في ذمة المصدر، وإنما ناشئة عن ريع العقود التي بُنيت هيكلة الصكوك عليها. بينما عوائد السندات إنما هي التزام من المقترِض (مصدر السند) وهي ثابتة في ذمته يلزمه الوفاء بها في مواعيد استحقاقها. والسندات بشكل عام، هي أداة دين تلجأ إليها الحكومات والشركات لتمويل مشاريعها، حيث توفر عائدًا جيدًا للمستثمرين مقابل مخاطرة مقبولة. ويختلف معدل العائد المتوقع من مصدر إلى آخر. وذلك حسب طبيعة المصدر لتلك السندات وأدائه وتاريخه وملاءته المالية والوضع الاقتصادي العام ونسب التضخم. حيث إن العائد المتوقع يتناسب عكسًا مع طبيعة المصدر سواءً كان دولة، أو هيئة عامة، أو مؤسسة مالية أو شركة كبيرة أوشركة صغيرة، ويكون أعلى كلما تدنت مرتبة مصدر السندات. والسندات هي أوراق مالية ذات قيمة معينة تعلن عن أن مالك السند دائن إلى الجهة المصدرة للسند، سواء كان حكومة أو شركة، أو مشروعًا. وعادة تطرح هذه السندات للبيع في سوق المال لتأمين التمويل الكافي لمشروع أو لهدف محدد بضمانات معينة من قبل الجهة المستفيدة من القرض المسند. وتتميز الصكوك والسندات أيضًا، بأنها قابلة للتداول في الأسواق، وذلك في حالة احتياج مالكها إلى السيولة النقدية. فالمالك يستطيع بيع ما لديه من صكوك وسندات بسعر يتناسب مع المدة الباقية من عمر الصك أو السند، ومع العائد المتوقع أو سعر الفائدة المتفق عليها عند البيع. أما الأسهم فهي أيضًا إحدى أوعية الاستثمار ذات السيولة العالية، وهي أيضًا تمثل ملكية شائعة في صافي أصول المشروع أو الشركة ذات الصلة. وهي تعطي لمالكها الحق في الحصول على حصته من الأرباح السنوية الموزعة. كما تتميز الأسهم بوجود الأصول. ولا تمثل الأسهم قرضًا في ذمة مصدرها. إضافة لذلك، لاتعتبر عوائد الأسهم التزامًا في ذمة الشركة، إلا إذا قررت الجمعية العامة للشركة توزيع الأرباح. وتصبح تلك التوزيعات التزامًا في ذمة الشركة يجب الوفاء بها بتاريخ الاستحقاق. والأسهم هي أوراق مالية متعددة القيمة. فهناك القيمة الاسمية التي يصدر بها السهم. والقيمة الدفترية التي تمثل نصيب السهم الواحد من صافي الأصول والخصوم. والقيمة السوقية، وهي سعر تداول السهم في السوق المالي. والأخير يعكس على الأغلب القيمة الحقيقية للسهم. كما تتميز الأسهم أيضًا، بأنها قابلة للتداول في الأسواق، وذلك في حالة احتياج مالكها إلى السيولة النقدية. تلخيصًا لما سبق تشترك الصكوك والسندات من جهة، والأسهم من جهة أخرى بعدد من الخصائص التي ينبغي الإلمام بها، وهي: > نوع الصك/السند/السهم: يتم تحديد مواصفات الصك/السند/السهم بوضوح في النشرة التعريفية الخاصة. وهناك العديد من أنواع الصكوك /السندات يمكن تعديلها لتلائم احتياجات المصدر مثل صكوك المرابحة، وصكوك المشاركة، وصكوك الإجارة، السندات البسيطة، والسندات المستديمة وصفرية الكوبون ... إلخ. كما أن هناك العديد من أنواع الأسهم، منها: الأسهم العادية، الأسهم الممتازة، وأسهم أفضلية وأسهم ذات الصوت المتعدد. > تاريخ الاستحقاق: وهو تاريخ استحقاق تسديد القيمة الاسمية للصك أو السند. بينما لايوجد تاريخ استحقاق للسهم، على الرغم من وجود مدة محددة للشركة، تمدد لمدد أخرى بقرار من الجمعية العامة غير العادية للشركة. > تاريخ الإصدار: وهو التاريخ الرسمي لإصدار الصك/السند. وهو أيضًا التاريخ الذي تبدأ منه استحقاقات العوائد. بينما لا يكتسب تاريخ الإصدار في الأسهم نفس الأهمية. > القيمة الاسمية: وهي قيمة الصك/السند المصدر من الجهة المصدرة، والذي سيحصل عليه حامل الصك/السند عند تاريخ الاستحقاق. بينما في الأسهم هو قيمة حسابية لاحتساب رأس المال. > العائد السنوي: وهي نسبة مئوية ثابتة من القيمة الاسمية، والتي تمثل العائد السنوي للصك/للسند، بحيث يتم توزيعها على دفعات (فترات) أو مرة واحدة خلال السنة. أما في الأسهم فهي نسبة غير محددة وغير ثابتة، ويتوقف تحديدها على الأرباح المتحققة وتوزيعاتها. > تعدد المالكين: تتميز الصكوك والسندات والأسهم بأنها غير قابلة للتجزئة، ولكن يجوز أن يشترك في ملكية كل منها شخصان أو أكثر على أن يمثلهم شخص واحد. أما أهم الفروقات بين الصكوك والسندات فهي التالية: ضمانات السندات لا يعتبر مالك السندات شريكًا في المشروع أو الشركة التي طرحت السندات للبيع. وليس لمالك السند أي صوت في الجمعية العامة للشركة مصدرة السندات. كما أن لمالك السند الأولوية في التحصيل فيما لو تعرضت الشركة أو المؤسسة المالية مصدرة السند لأي انتكاسة مالية، فصاحب السند له الأولوية في التحصيل في حالة الإفلاس، وهو بذلك يتقدم على المساهمين في توزيع حصيلة التفليسة. لذلك تعتبر السندات أقل مخاطرة من الأسهم. ومن أشهر السندات المعروفة وأقلها خطورة وأكثرها ضمانًا هي سندات الحكومات. وهي غالبًا سندات تصدر بضمان الدولة كسلطة سيادية، وتطرحها الدولة للحصول على تمويل لمشروعاتها الكبيرة. التصنيف الائتماني للسندات: تقيّم وكالات التصنيف الائتماني المقترضين بمقياس يبدأ من درجة AAA إلى D. بحيث يكون السند الأفضل والأقل مخاطرة والأكثر ضمانًا هو السند من تصنيف AAA، وهذا يشمل أفضل نوعية المقترضين مثل السندات الحكومية. أما السندات الأسوأ والأكثر مخاطرة والأقل ضمانًا فهي من درجة تصنيف D. في حين تكون السندات متوسطة المخاطرة والضمان بين درجتي AA و CCC (مثال درجة +BBB و BBB و-BBB). هناك عدد كبير من وكالات التصنيف الائتماني للسندات التي تقوم بهذه المهمة، من أهمها: وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية الثلاثة: ستاندرد آند بورز وفيتش وموديز. الصكوك والسندات آلية فعالة لضبط الأداء الاقتصادي ولتمويل التنمية والمشاركة بها: تظهر أهمية تطوير أسواق الصكوك والسندات المحلية من خلال التحديات التي ظهرت أثر الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، سواء من حيث تراجعت التدفقات المالية والقروض المصرفية عبر الحدود، أو من خلال التعديلات على المبادئ والمعايير الدولية، وأهمها اتفاقية بازل (3) ومتطلباتها الجديدة، ولما لهذه الأسواق من دور في تعزيز الاستقرار المالي. كما يعتبر تطوير أسواق الصكوك والسندات المحلية طلبًا اقتصاديًا ملحًا، ومن أفضل أدوات السياسة النقدية التي تعمل على سحب وامتصاص السيولة الفائضة من السوق وضخها في مشاريع تنموية ولضبط معدلات التضخم ولتجنب تداعياته على الاقتصاد الوطني. الخيار الأنسب: بناءً على المزايا التي تتمتع بها الصكوك والسندات، فإنه يتوقع أن تتصدر الصكوك والسندات خيارات الاستثمار في القطاع المالي بالنسبة للمستثمرين الراغبين بالحصول على عائد مقبول بمخاطر منخفضة وضمانات أعلى. حيث تجمع الصكوك والسندات بين إيجابيات الاستثمار في أسواق الأسهم من حيث العائد من جهة، وبين ضمان أو أمان الاستثمار في الودائع المصرفية من جهة أخرى. إلا أننا على الرغم من تلك المزايا نلاحظ إحجام المستثمرين العاديين عن الاستثمار في الصكوك والسندات مقابل إقدام المؤسسات المالية وشركات التأمين على هذا الخيار من الاستثمار. ولعل أسباب إحجام الأفراد والمستثمرين العاديين يكمن في العوامل التالية: إن من أهم أسباب إحجام الأفراد والمستثمرين العاديين عن الاستثمار في الصكوك والسندات، هو غياب المعلومات وعدم الدراية والمعرفة وفهم آلية عمل الصكوك والسندات وعدم الإلمام بآلية ودرجات التصنيف الائتماني. هذا بالإضافة إلى طول مدة الاستثمار، وصعوبة التخارج حال هبوط أسعار الصكوك والسندات في الأسواق المالية. كما يعتبر حجم الاستثمار سببًا آخر من أسباب الإحجام، حيث يشترط شراء عدد أدنى من الصكوك والسندات. وتشكل فرص الاستثمار البديلة، كالعقارات والأسهم سببًا آخر من شأنه أن يلفت نظر الأفراد والمستثمرين العاديين عن الصكوك والسندات. كما يضيف تجنب شبهة الربا سببًا آخر، بالإضافة إلى حداثة أسواق المال المتخصصة في الصكوك والسندات، وحداثة الإطار القانوني المنظم لأسواق المال. كما تضيف الخبرات السيئة سواء الفردية أو في دولة ما، أخفقت في الوفاء بالتزاماتها (وهذا ما حدث عقب الأزمة الاقتصادية المالية العالمية الأخيرة) سببًا آخر يدفع الأفراد والمستثمرين العاديين إلى الإحجام عن الاستثمار في الصكوك والسندات. على الرغم من المزايا التي تتمتع بها الصكوك والسندات، فإننا لانستطيع أن نجزم بأن أسواق الصكوك والسندات المحلية هي بيئة آمنة بالمطلق. فقد تتأثر هذه السوق ببعض العوامل المناوئة المحلية والإقليمية والعالمية، التي قد تؤثر على الأسواق المالية، وعلى أسعار السندات والصكوك، أو على قدرة مصدر السندات والصكوك على الوفاء بالتزاماته حين الاستحقاق. إلا إنه من شأن وجود إطار قانوني ضابط ومشدد أن يجنب أسواق السندات والصكوك، تلك المخاطر لحد بعيد. كما يعتبر التضخم أكبرعامل مناوئ للاستثمار في الأسهم والسندات، كونه يؤدي إلى تآكل كامل قيمة العوائد بالإضافة إلى جزء من قيمة الأصول. أما الاستثمار في الأسهم، إذا ما تم بعيدًا عن الفورات السعرية، وبناء على المؤشرات الأساسية، فإنه يعتبر خيارًا استثماريًا أكثر أمانًا من الاستثمار في الصكوك والسندات. نظرًا لكون آلية السوق تلعب دورًا في تعديل أسعار الأسهم وتخفيف أثر التضخم على القيم الحقيقية لتلك الأسهم. لذا، فإن الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وإن كان خيارًا استثماريًا أمنًا للأفراد كما هو للمؤسسات، إلا أن الاستثمار في الأسهم، بعيدًا عن الفورات السعرية يبقى خيارًا استثماريًا أكثر أمانًا. كما يعتبر الاستثمار في الأوراق المالية بشكل عام نمطًا من أنماط المشاركة في التنمية المستدامة، وبالتالي في المسؤولية المجتمعية. adnan.steitieh@gmail.com