من سوء حظ عالم الإدارة في منطقتنا العربية عامة وفي الجزيرة العربية خاصة أن إدارة الأشياء جاءت عن طريق وراثة فقرات من أنظمة عثمانية قديمة. وعندما حاولنا إحلال علم الإدارة الحديث القادم من الغرب عبر البعثات والمبتعثين، وجدنا صعوبات جمة، لأن الأول قد تمكّن وأنشب أظفاره (أنظمة التزويد والمستوعات والنقل والانتداب) وقل غير هذا الكثير. بودي أن أؤلف مجلدا تحت هذا العنوان. فمثلما راجت الكتب التي تتعاطى الظواهر الغريبة في الكون، وكذلك المطبوعات التي تكتب عن خرائط البروج ومنجمي كشف الطوالع فلابد ان كتابي المزمع سيلقى نفس الرواج أو على الأقل جزءاً منه. وغرائب الإدارة عندنا في الشرق العربي كثيرة. وأكثرها خفي وغامض ومكتنف بالاسرار وربما الألغاز التي لم تتوصل إليها كتب الإدارة الصادرة عن جامعة هارفارد أو جامعة برنستون أو مؤلفي كتب الإدارة في هاتين الجامعتين. تلك الكتب التي تترجم إلى لغتنا وتباع في مكتباتنا ونغرم بها إلى درجة التوقير والهيام. فمن «مجاهل» الإدارة في شرقنا أن المفوض الأعلى في السلم أو - ان شئتم - المدير المطلق لا يريد مدير شؤون العاملين، على سبيل المثال، في منشأته المدنية إلا أن يكون إمعة، يقر أو يؤيد كل آراء المدير من غير انتقاد. وربما اراد بعض المديرين من مديري الشؤون المالية ان يكون متملقا ذليلا على الدوام، ومتزلفا يفرح بصفاء مزاج الرئيس، وانتهازيا لا يمانع في تحقيق مصلحة «العم حتى لو كانت على حساب أولويات الصالح العام. أقول إن هذه «الغرائب» تمارس علناً، ومنظّرو الإدارة الذين درسوا في الغرب يرون ذلك رأي العين ولا يحاولون التقليل منها. الإداري القوي مطلب. لكن بشرط أن يوظف قدرته ومهارته لتحمل أعباء من هم في أعلى السلم وتحريرهم من نير المسؤولية الكاملة عن هموم الناس. والإداري القوي النظيف والنزيه قد لا يجد العمل الذي يناسبه. والفرق واضح والسبب أوضح. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net