يثير تراجع مبيعات العقارات في دبي خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 69% العديد من المخاوف والقلق بشأن الوضع الاقتصادي في هذه الإمارة التي تحتل مكانة متميزة عند أهل الخليج. فدبي الآن أمام تقاطع للعديد من الخطوط التي تمر بها. ويأتي على رأسها الاتفاق النووي مع إيران. فهذا الاتفاق، على الرغم من تقرير مجلة "الإيكونيميست" المتفائل، يتوقع أن يؤدي إلى تراجع نشاط رؤوس الأموال الإيرانية التي استفادت من موقع دبي المتميز للتخفيف من أثر العقوبات المفروضة على إيران. فرؤوس الأموال تلك كانت تساهم في تحريك السياحة والتجارة والعقار والمصارف في الإمارة. كذلك فإن انهيار سوق الأسهم الصينية واحتمال تراجع نمو اقتصاد التنين الأصفر سوف يؤثر على نشاط رؤوس أموال هذا البلد في العالم ومن ضمنه دبي. كما ان العقوبات المفروضة على روسيا وتراجع وتائر نمو اقتصادها قد بدأت تنعكس بالسالب على السياحة في دبي التي بدأت تشعر على نفسها أيضاً انخفاض عدد السياح القادمين من أوروبا نتيجة انخفاض سعر صرف اليورو، الأمر الذي أدى إلى تراجع إيرادات الفنادق 9%. وهذه المصاعب التي تواجه دبي الآن تعود بنا إلى عام 2009، عندما عجزت وقتها عن سداد الديون المستحقة على مجموعة دبي العالمية ونخيل العقارية مما أدى إلى أزمة تراجعت على أثرها أسعار العقارات بنسبة 65%. حينها لعب تصميم بلدان الخليج، على مساندة دبي وعدم تركها في المحنة وحدها، دوراً كبيراً في استعادتها لعافيتها ومعاودتها تدريجياً تصدر عناوين الأخبار العالمية. فمطارا دبي والإماراتية عادت من جديد إلى الواجهة وكأنما هذه الإمارة لم تكن قبل عدة سنوات تعد على الأصابع أمام محنة اقتصادية كانت كفيلة بمحو كل تلك الإنجازات وتحطيم سمعتها. بل ان دبي الآن تستعد لدخول نادي النخبة بعد قرارها إطلاق مسبار الى كوكب المريخ لاستكشافه. بالفعل فإن تمكن دبي من الخروج من أزمة 2009 ومعاودتها التطور خلال هذه الفترة الزمنية القياسية هو أمر يفترض ألا يمر دون دراسة متأنية. فمثلما نرى فإن أيّ من البلدان الأوروبية لم يتمكن حتى الآن من الخروج من أزمته رغم الدعم من بقية البلدان الأوروبية له. فتعافي دبي بهذه السهولة وخلال تلك الفترة الوجيزة يعني أن الدعم الذي حصلت عليه من الدول الشقيقة يختلف عن الدعم الذي حصلت عليه اليونان مثلاً من أوروبا. فتعامل البلدان الأوروبية مع الأزمة اليونانية لم يؤدّ إلى خروج هذا البلد من ورطته وإنما أثقل كاهل مواطنيه بالديون وخدمات سدادها. إننا جميعاً نأمل ألا يكون تأثر دبي بتقاطع الخطوط المار بها على تلك الدرجة التي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي فيها إلى درجة خطيرة. فهذا من شأنه أن يضع على بلدان مجلس التعاون عبئا يضاف إلى المصاعب التي تواجهها الآن جراء تراجع عائدات النفط. ولذلك فإن بلدان المجلس ربما تحتاج إلى انشاء صندوق للطوارئ، على غرار صندوق النقد الدولي، برأسمال يتراوح ما بين 200 إلى 400 مليار ريال سعودي أو ما يعادلها. فهذا من شأنه أن يقدم القروض الميسرة التي تخفف من معاناة أي بلد خليجي عندما يواجه أي مصاعب اقتصادية غير متوقعة لا سمح الله.