تناثرت مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي العديد من النكات التي تسخر من شدة حب المرأة للتسوق وولعها به، مقابل الإزعاج والمشقة والملل الذي يعانيه الرجل بسبب هذا الشغف النسائي المبالغ فيه، فالعديد من الرجال يجدون أن النساء يبالغن في التردد على الأسواق ومراكز التسوق ويقضين الساعات الطويلة في التنقل بين المحال وواجهات المتاجر من دون ملل أو كلل في حين أن الرجل لا يشعر بأية متعة في عملية التسوق الطويلة ويصبح هذا الاختلاف في الرؤى في كثير من الأحيان سبباً لتفجر المشكلات. حول هذا الموضوع يدور هذا التحقيق. تقول حنان محمود: أكره التسوق كثيراً بصحبة زوجي الذي يتذمر ويصاب بالملل سريعاً وهذا يحدث في كل الأحوال سواء كنت أقوم بشراء ملابس وأحذية أو حتى لو كنت أقوم برحلة التسوق الروتينية التي تتكرر كل أسبوع لشراء مستلزمات البيت من البقالة والطعام والشراب، فإذا كان زوجي معي داخل السوبر ماركت وأنا أتنقل بين أرفف البقالة لا يكف عن التذمر ومطالبتي بالاكتفاء بما اشتريت، وأن هذا الطعام غير صحي أو لا يقبل عليه الأبناء أو يسخر من شرائي لسلعة تظهر في إعلانات التليفزيون بشكل مكثف، وتستمر انتقاداته لكل اختياراتي لأنواع السلع وهو يرافقني واضعاًَ يده في جيوبه قائماً بدور المتفرج الناقد وليس المشارك الفعال في عملية الشراء، وكثيراً ما يتسبب هذا الانتقاد الدائم في إصابتي بالتوتر ودفعي لإنهاء عملية الشراء مبكراً من دون إكمال شراء احتياجاتي أو أنسى العديد من الأشياء بسبب هذه الحالة من الاستعجال، والشيء الوحيد الذي يذهب لشرائه راضياً متطوعاً هو عندما نقترب من ركن اللحوم حيث يذهب ليشرف على تقطيع الأجزاء التي يختارها بنفسه ويوصي البائع بالاهتمام بكل تفاصيل العملية. أما رشا السيد - ربة بيت في الشارقة - فتقول: زوجي يصر على مرافقتي في التسوق بهدف ضبط الميزانية والتحكم في معدل الإنفاق فهو دائماً ما يتهمني بالإسراف وعدم القدرة على تقدير السعر المناسب للمشتريات وكثيراً ما يرفض أشياء أو ملابس قمت بشرائها بمفردي من بعض المحال بدعوى أنها ليست جيدة سواء على مستوى الخامة أو السعر وعادة ما ينتهي الأمر باصطحابي لنفس المكان لاستبدال المشتريات ومشاركتي في اختيار القطع الجديدة. وتضيف رشا: أعتقد أن السبب في ذلك يرجع إلى صغر سني بالنسبة لزوجي فهو يكبرني ب 11 عاماً وأكثر مني خبرة وتجربة ولذلك يرى دائماً أنني بحاجة لتوجيه خاصة فيما يخص مسائل التسوق والإنفاق حتى ما يخص المشتريات الخاصة بالمنزل والبقالة الأسبوعية فإنه يظل يراجع كل قطعة أقوم بشرائها ويتحقق من السعر والجودة وتاريخ التعبئة قبل أن يوافق على شرائها. صافيناز حسين، موظفة بعجمان، تقول: التسوق بالنسبة لي متعة وفن وذوق بل إنه يجلب لي حالة من السعادة وأستمتع كثيراً بصحبة صديقاتي في المراكز التجارية وتفقد المحال حتى لو لم أكن أريد الشراء فمن المهم أن تتابع المرأة الأذواق الجديدة والموضة وتراقب الأسعار وتتعرف الى المحال الجديدة والعروض الخاصة والتخفيضات والأشياء المميزة فكل هذه الأشياء ضرورية ومفيدة لعملية تسوق ناجحة، وأفضل قضاء الوقت مع صديقاتي في التنقل بين المحال ومتابعة السوق أو الشراء والتسوق بدلاً من الجلوس بأحد المقاهي نتناول الأطعمة والحلوى التي تزيد من الوزن ونتجاذب أطراف الحديث فالتسوق أمر مسلٍ وممتع للمرأة في كل الأحوال خاصة عندما تكون الرفقة مهتمة بهذا التسوق ومعاونة عليه وعادة لا يحسن الرجال تقدير أهمية التسوق في حياتنا. أما أحمد سالم، موظف بشركة خاصة بدبي، فيقول: أعذر المرأة في شغفها بالتسوق وأتعاطف معها أحياناً فأنا أيضا أهوى التسوق ولكن بالطبع ليس بنفس قدر النساء، ولكن فعلاً التسوق يصيبني بحالة من السعادة خاصة إذا تمكنت من الاستفادة من عروض أو تخفيضات جيدة واقتنصت لنفسي مشتروات وملابس جيدة، خاصة أنني أهوى شراء الأحذية والملابس الرياضية وأفضل الأماكن بالنسبة لي هو الأوتليت مول بطريق العين حيث أجد أحياناً قطعاً مميزة من ماركات عالمية بأسعار مغرية. ويضيف سالم: رغم أنني أعذر النساء في ولعهن بالتسوق إلا أنني أشعر أن كثيراً منهن لا يحسن الاستفادة من الفرص والتخفيضات أو تقدير قيمة ما يشترين فهن يمارسن التسوق من دون تدبر وحكمة ويمكن أن ينبهرن بقطعة لمجرد أنها غالية الثمن وربما يزهدن فيها إذا وجدنها بسعر زهيد، فالتباهي بالأسعار الغالية والانبهار بالجديد والأسماء الرنانة يدفع النساء أحياناً لارتكاب أخطاء كبيرة في عملية التسوق وشراء ما لا يلزمهن ولا يحتجن اليه على الإطلاق. مدحت كشك، محاسب بدبي، يتحدث عن التسوق بطريقة عقلانية ويقول: التسوق شيء جيد وضروري بشرط أن يكون منظماً وفي مواعيد محددة وليس في أي وقت وليس على سبيل الترفيه أو كسر الملل، ولذلك اتفقت مع زوجتي على اتباع نظام جيد عند الخروج للتسوق وهو أن نقوم بوضع قائمة باحتياجاتنا وقائمة أخرى بطلبات المنزل والأبناء وأن نلتزم بهذه القائمة تماماً فهذا يحمينا من الدخول في نقاش وجدال أثناء التسوق بشكل ربما يسيء إلينا كما أن ذلك يجنبنا نسيان شراء أشياء نحتاج اليها أو أن نشتري أشياء لم نكن نحتاج اليها فطالما اتفقنا على قائمة التسوق قبل الخروج من المنزل تسير الأمور بسلاسة وتفاهم من دون توتر أو إزعاج. فاطمة زبيدي مدرسة بدبي تقول: كثيرا ما أعذر الرجال على اعتراضهم على هوس النساء بالشراء والتسوق فأنا رغم أنني سيدة وأحب التسوق والأزياء، كثيرا ما أجد نفسي أنتقد بعض صديقاتي اللاتي يتحول عشقهن للتسوق إلى إدمان حقيقي وكثيراً ما يشترين أكثر من حاجتهن وينفقن الكثير من الوقت والجهد والمال في التنقل بين المحال التجارية بلا هدف معين أو تلبية حاجة معينة ولكن التجول والتسوق في حد ذاته يمتعهن حتى لو كان من دون حساب أو عقل. وبحكم حبي الشديد للقراءة خاصة بمجال علم النفس والعلوم الإنسانية بشكل عام أعلم أن هناك العديد من الدراسات النفسية التي تؤكد أن حب التسوق ربما يصل عند البعض النساء إلى إدمان حقيقي خاصة ان هناك هرمونا يعرف باسم هرمون السعادة يفرز في الدم عند الشعور بالرضا ويعمل على تحسين المزاج وتقليل التوتر بالتالي يحدث نوع من الارتباط الشرطي بين التسوق وشعورها بالسعادة والرضا خاصة إذا كانت المرأة لديها وقت فراغ مهدر سواء كان نفسيا أو ماديا، والبعض يتسوق كوسيلة للتخلص من الضجر والاكتئاب والقلق في حين ينصح الاختصاصيون النفسيون بعدم الذهاب للتسوق عند الشعور بحالة نفسية سيئة في حين يفضل في هذه الحالات التحدث إلى صديق أو الخروج في نزهة والتمتع بالمناظر الطبيعية وذلك لتفريغ الشحنات النفسية السلبية وتجديد النشاط. الطعام أولاً تبدأ داليا شريف حديثها معي ضاحكة، وتقول: كل مرة أذهب مع زوجي للتسوق يدب الخلاف والتوتر وربما ينتهي الأمر بمشاجرة وخصام يستمر ليومين، بسبب أنه بعد مدة وجيزة من بداية تفقد المحال لشراء الملابس لي وللأبناء يبدأ باستعجالنا والتشويش علينا ويطلب منا إنهاء أمورنا سريعاً، وغالباً ما يداهمه شعور قوي بالجوع فيبدأ بمطالبتنا بترك التسوق والتوجه فوراً إلى ركن المطاعم، وفي حالة الرفض والاعتراض يتحول الأمر بالطبع إلى حالة من التوتر والعتاب والتأنيب المتبادل فيما بيننا، ولذلك بدأت أضع خطة عند الخروج للتسوق، حيث نبدأ جولتنا بتناول وجبة الغداء أو العشاء ونجلس سوياً لفترة ثم نبدأ بعدها رحلة التسوق مع تقسيم أنفسنا أنا وابنتي نذهب لشراء حاجاتنا في أقسام الملابس النسائية وزوجي يذهب مع ابني لشراء متطلباتهما من أقسام الملابس الرجالية، وبذلك ننجز عملية التسوق بشكل أسرع وأكثر فعالية.