مجدداً، ضرب الفنان فايز المالكي مثالاً في الالتزام والوفاء لجمهوره، فبرغم ما يكابده من أحزان على وفاة عمه، أصرَّ على مواصلة تقديم 4 عروض مسرحية بواقع عرض كل أربعة أيام على مسرح مركز جدة الدولي للمعارض وسط حضور جماهيري حاشد.. وفي نهاية الفصل الأول من عرضه لمسرحية (الرحلة), استأذن المالكي جمهوره في إلغاء الفقرة الخاصة بعزف العود بسبب وفاة عمه، وهو الأمر الذي تفهمه الجمهور على الفور ورد على فنانه الوفي قائلا: (مسموح ومعذور)، وهو ما تقبله المالكي بتأثر بالغ أمام الجمهور السعودي الأصيل. وعلى الرغم من نجاحات فايز المالكي في أعماله التليفزيونية, التي كان آخرها برنامج (ألو فايز) على قناة (mbc)، يحتل المسرح مكانة متقدمة في أجندة اهتماماته الفنية، إذ يؤمن بأهمية عودة الروح إلى المسرح السعودي، وبمواصلة النجاحات التي حققها في القرن الماضي من خلال أسماء فنية كبيرة أمثال الراحل محمد العلي، والراحل الدكتور بكر الشدي، والفنان الدكتور راشد الشمراني، وغيرهم الكثير. ولأن المالكي يدرك أن وفاء الجمهور مع نجومه هو انعكاس لوفاء الفنان مع جمهوره، وبرغم تزامن وفاة عمه مع بداية عرض مسرحية "الرحلة"، لذا فقد رفض الاعتذار عن تقديم العرض، وتحامل على نفسه لإسعاد جمهوره في عمل يسلط الضوء عبر قالب كوميدي على الفرص المتميزة التي تقدمها المملكة للشباب من خلال برامج الابتعاث، ولكونه ملتزماً مع الجهة المنظمة بالعرض المسرحي ولكون المركز يوجد به عروض عديدة خلال الفترة المقبلة، صعد المالكي إلى خشبة المسرح، وقدم عروضه بعد أن طلب من الجمهور في الفقرة الخاصة بعزف العود أن يسمح له بحذفها، قائلاً للجمهور بعد احتضانه للعود: (والله يا جماعة عمي مات، تسمحون لي ما أعزف عود)؟، فرد عليه الجمهور بتأثر وإخلاص: (مسموح ومعذور). وهكذا أصبح المالكي يغادر يومياً إلى أقرب رحلة لمدينة الرياض فور العرض المسرحي، ليحضر في اليوم التالي مراسم العزاء، ويسافر بعدها مباشرة إلى جدة ليستكمل عروضه المسرحية مع جمهور جدة. بين الواجب والالتزام وفي هذا الشأن، يقول الفنان فايز المالكي في تصريحات خاصة لـ(النادي): أنا من أشد المؤمنين بأن الجمهور السعودي متذوق ومحب لفن المسرح، وأنه من أكثر الجماهير العربية إخلاصاً لفنانيه، لذا فأنا من الحريصين على ترسيخ قاعدة الالتزام لاسيما فيما يخص المسرح، لأنه يكتسب خصوصية اللقاء المباشر بين الفنان وجمهوره، فالجمهور الذي يأتي خصيصاً لمشاهدة ما أقدمه، ليس أقل من أن احترمه، وأقدم له ما يسعده، بصرف النظر عن ما أعيشه من أحزان أو متاعب. وأشار المالكي إلى أنه وُضع في مأزق بين الواجبات الإنسانية نحو عمه الراحل، وبين الالتزام والوفاء لجمهوره، وكذا مع الجهات المنظمة للعروض المسرحية، لذا: لم يكن من الممكن أن أتخلى عن واجبي تجاه أي طرف، لذا كنت أؤدي دوري في العرض المسرحي بجدة، ثم أسافر مباشرة إلى الرياض لتلقي واجب العزاء، قبل أن أعود مجددًا في اليوم التالي إلى جدة لاستئناف العرض، وهكذا. (الرحلة) وحياة المبتعثين وعن مسرحية (الرحلة), التي قدمها في كل من الرياض والشرقية وجدة، أوضح المالكي في تصرحاته لـ(النادي) أنه حرص من خلالها على تقديم أسماء سعودية شابة وواعدة في الحركة المسرحية السعودية.. لافتاً إلى أنها فكرة وإخراج خالد الباز، إعداد محمد علي ونايف فايز وشاركه بطولتها الفنانان محمد علي ونايف فايز وتمثيل فهد العصفور، عبدالعزيز الأحمد، موسى مجممي والفنان عمار الخالدي (ممثل من ذوي الإعاقة البصرية)، وعبَّر المالكي عن سعادته بحفاوة الجمهور بالعمل، لاسيما أنها تعالج مشكلة مهمة بأسلوب كوميدي مسرحي حديث، وتتناول حياة المبتعثين السعوديين في أمريكا بين الجد واللهو، وكيف أن هناك من يذهبون من أجل السهر واللهو واللعب، وبين من يذهبون للاجتهاد والمثابرة، حيث تقدم المسرحية نموذجاً إيجابياً لشاب ضرير تخرج في نهاية العمل المسرحي ضمن مجموعة من الخريجين، بينما الشباب السلبي يلهون في أحد الملاهي وغير مبالين بما يحدث حولهم. جمهور وفي وحول مدى تفهم الجمهور لطلبه بحذف فقرة عزف العود أوضح المالكي: كان من الصعب على نفسي أن أعزف العود وقلبي ممتلئ بالأحزان على وفاة عمي، وفي الوقت نفسه كنت متخوفاً من ردة فعل الجمهور، لكنه غمرني بكرمه، ففور اعتذاري عن هذه الفقرة وتبيان السبب، أجابني الجمهور على الفور بكلمتي (مسموح ومعذور) وكانتا بمثابة البلسم الذي مسح أحزاني، ومكَّنني من مواصلة العمل بأريحية. وتوجه المالكي بالشكر لجمهوره من خلال صحيفة (النادي) على ما لمسه فيه من وفاء، واعداً في المقابل بأن يظل وفياً له، حريصاً على تقديم الأعمال الذي ترضيه وترتقي بذائقته.