استبشر المثقفون وتهللت أسارير وجوههم، حال قراءتهم لخبر اجتماع سمو محافظ جدة مع أعضاء اللجنة التنظيمية العليا لمعرض الكتاب الدولي القادم، وأجزم أن كثيرًا منهم قد بات ينتظر اللحظة التي يتلامس فيها مع الكتاب، ولست بعيدًا عنهم، لكني ومن تجربة عملية سابقة في تنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب 2014م، حيث كان لي شرف رئاسة اللجنة الثقافية بالمعرض، أدرك أن إقامة معرض للكتاب ليس بالأمر السهل، لاسيما إذا اقترن بأي نشاط ثقافي. فالكتاب الورقي لا يزال محافظًا على مكانته من حيث المبيع والتسويق وتصدر مسارات المعرفة، لهذا ومن تجربة ومعاينة تجد معارض الكتب إقبالاً كبيرًا من قبل كل المهتمين ذكورًا وإناثًا، حتى بلغ في معرض الرياض الدولي عدد مرتادي المعرض قرابة مليون زائر، وهو رقم يسيل معه لعاب كل دور النشر في العالم العربي، مما يجعلها في تنافس كبير للحصول على مساحة عرض مناسبة، لتحصد شيئًا من المكسب، الذي يكون مجزيًا في العادة. ذلك كان ولا يزال في معرض الرياض الدولي للكتاب، وأجزم أن معرض جدة لن يكون بأقل منه، حيث سيتكالب الناس عليه رغبة في الشراء، واحتفاءً بالمعرفة، كما ستتكالب عليه دور النشر، رغبة في اقتطاع جزء من كعكة المبيع والتسويق، وهو أمر مشروع لهم ولغيرهم، لكن ما هو غير مشروع أن تستغل دور النشر حالة اندفاع القارئ السعودي فتبيع كتابها بأغلى ثمن له، وهنا يأتي دور أحد لجان المعرض المتخصصة، التي يقع على عاتقها تحديد قيمة أسعار الكتب دون إجحاف أو مبالغة، وإيجاد آلية دقيقة لعرض الأسعار بعد ذلك، ولو بفرض تطبيق الباركود على دور النشر المشاركة، وهو ما أراد معرض الرياض فعله في السنوات السالفة، لكن ذلك لم يتم. من جهة أخرى أؤمن أن معرض الكتاب ليس مكانًا لبيع الكتب وحسب، بل هو كرنفال تجتمع فيه العائلة الثقافية، لينتقل أفرادها بين ردهات دور النشر والفعاليات المصاحبة لذلك، هنا تبرز قيمة المكان ومدى وسعه لاستضافة هكذا كرنفال تحتفي به كل الأمم، وأتصور أن ذلك من أولى أولويات اللجنة العليا للمعرض، خاصة إذا أدركنا أن حجم المشاركة سيكون كبيرًا، سواء من قبل دور النشر أو الجمهور المتابع. بقي لي أن أشير إلى أن تنظيم البرامج المصاحبة وعلى رأسها البرنامج الثقافي يحتاج إلى جهد كبير، وذهن متألقة، وتنظيم محكم، والأهم إرادة صادقة لعرض مشهد ثقافي يحتفي به المثقفون، ويخرج بالصورة المرضية التي تعكس بصدق حالة الثقافة الوطنية للداخل والخارج. zash113@gmail.com