لم تَحُل التعقيدات التي تراكمت عشية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء اللبناني اليوم دون استمرار مساعي اللحظة الأخيرة لتَجنُّب أمريْن يُخشى ان تؤدي إليهما الجلسة، وهما تعليق طويل للجلسات الحكومية قد يمتدّ حتى سبتمبر المقبل، ونزول أنصار زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون الى الشارع في تحركات احتجاجية جديدة. وتركّزت هذه المساعي على محاولة إيجاد مخرج لموضوع تعيين رئيس جديد للأركان في الجيش اللبناني مكان رئيس الاركان الحالي اللواء وليد سلمان الذي تنتهي خدمته الجمعة المقبل، والذي يُرجّح ان يجري التمديد لخدمته سنة بقرار من وزير الدفاع، في حال عدم توافق مجلس الوزراء على اسم بديل منه اليوم. وبدا من المعطيات المتوافرة أمس، ان أيّ مخرجٍ لم يتم التوصل اليه، نظراً الى رفْض عون ايّ طرح من نوع التمديد لعدد من ضباط الأركان وبينهم صهره العميد شامل روكز الذي يطالب بتعيينه قائداً للجيش، او العودة الى اقتراح رفْع سنّ التقاعد للضباط. وتبعاً لذلك، فإن من غير المتوقع ان تُفضي الجلسة الوزارية الى تعيين رئيس جديد للأركان، ما يحتّم التمديد لرئيس الاركان الحالي بقرار من وزير الدفاع غداً. واللافت في هذا السياق ان غالبية القوى السياسية في فريقيْ «14 و8 آذار» لا تبدي مخاوف جدية من إمكان تحريك عون لأنصاره في الشارع، وحتى لو حصل ذلك فإن احداً لا يتوقّع تداعيات مهمة من شأنها مثلاً ان تُسقِط الحكومة. وقالت أوساط وزاريّة بارزة لـ «الراي» انه «رغم الاحتدام السياسي الذي يحوط بموضوع التعيينات العسكرية، فإن الخط الأحمر الذي يمنع إسقاط الحكومة لن يجعل عون يخطئ التقدير او يتجاوز الحدّ الاحتجاجي المبدئي الذي يؤيّده فيه بعض حلفائه وأبرزهم (حزب الله)، من دون الذهاب بعيداً في تشكيل ايّ خطر على الحكومة». وفيما رجّحت هذه الأوساط ان «يحصل تعطيل طويل لجلسات مجلس الوزراء بعد جلسة اليوم، التي سيجد فيها رئيس الحكومة تمام سلام نفسه امام معادلة منع الاستقالة واستمرار الأزمة، ما يُتوقّع معه رفعه للجلسة من دون تحديد موعد جديد لأسابيع عدة»، فإن مصادر وزارية أخرى «استبعدت اللجوء الى خيار الترحيل الطويل للجلسات في ظل ضغط العديد من الأطراف السياسيين من (14 آذار) كما من فريق (8 آذار) ولا سيما رئيس البرلمان نبيه بري في اتجاه عدم الوقوع في فخ الشلل الحكومي، في غمرة استحقاقات مالية - اجتماعية داهمة، ولا سيما ملف النفايات الذي يتفاقم في أكثر من اتجاه والمخاوف من أزمة رواتب في سبتمبر المقبل». ونُقل عن بري في هذا السياق، تشديده على «ضرورة استمرار الحكومة ودعوته الرئيس سلام ضمناً الى الخروج من منطق الإجماع في اتخاذ القرارات لمصلحة التصويت بالأكثرية»، اذ طالبه بـ «ان يطبّق ما ورد في الكتاب (الدستور) لتعمل الحكومة في الشكل الصحيح والمطلوب بدل البقاء في القطوع المتواصل الذي تعيشه»، كاشفاً انه يريد من سلام ان «يطحش أكثر في جلسات مجلس الوزراء ويطبق الدستور ولا ينقصه شيء للقيام بذلك». وعبّرت هذه المصادر لـ «الراي» عن انطباعها بأن «عون بات في وضع لا يُحسد عليه في ظل الاتجاه الى إسقاط مطلبه في اعتماد التعيينات العسكرية وصولاً الى تعيين صهره روكز قائداً للجيش». واشارت الى ان «الانتقادات العلنية التي أطلقها الرئيس بري بكثافة في اليومين الأخيريْن بحقّ عون أدت الى رسم صورة بيانية سياسية لغير مصلحة عون بالكامل، الأمر الذي حمل دلالات مهمة وبارزة. اذ ان توقيت بري لحملته على عون استهدف فرْملة هجمات الأخير على الحكومة وإفهامه انها خط احمر فعلي». ورغم التمايز المعروف لموقف بري عن موقف «حزب الله» الداعم بقوة لعون، فإن المصادر نفسها تذهب الى التساؤل عما اذا كان في انتقادات رئيس البرلمان الأخيرة لزعيم «التيار الحر» بعضاً من رغبة «حزب الله» ايضاً في حمل عون على تخفيف هجماته وحملاته. وتضيف هذه المصادر ان «مرور التمديد المرجّح لرئيس الاركان في الجيش بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم سيعني حتماً التمديد في سبتمبر لقائد الجيش العماد جان قهوجي، علماً ان همساً تردد بقوة في الأيام الأخيرة عن إمكان إصدار وزير الدفاع غداً قرارات متلازمة بالتمديد لرئيس الاركان وقائد الجيش والامين العام للمجلس الأعلى للدفاع معاً ودفعة واحدة. وهذه الخطوة في حال حصولها ستشكّل ضربة سياسية ومعنوية قاسية لعون وستؤثّر عليه بمزيد من الخسائر، الأمر الذي يحاول (حزب الله) استدراكه بالدفع نحو مخرج يرضى به عون ويوفّر له سلّماً للنزول عن الشجرة، بعدما بالغ في خطاب السقف العالي، وفي الوقت نفسه لا يجعله يحرج الحزب بين مطرقة الرفْض العوني للتمديد والسندان الاضطراري للتمديد الذي سيلجأ اليه وزير الدفاع». وزيرة الدفاع الإيطالية تطالب بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بيروت - د ب أ - طالبت وزيرة الدفاع الإيطالية السيناتور روبرتا بينوتي امس، بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وحل الخلافات السياسية في لبنان. وقالت بينوتي، خلال تفقدها امس، وحدة بلادها العاملة ضمن قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) إن بلادها تدعم بقوة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وحلّ الخلافات الداخلية، مشيرةً إلى أن هذه الزيارة «مهمة جدا للبنان في ظل الأحداث التي تجري في الشرق الأوسط».وأضافت:«لقد أتيت إلى لبنان منذ أكثر من عام والآن أنا هنا وللأسف هذه المشكلة (عدم انتخاب رئيس للجمهورية) موجودة، حيث أن المنطقة تشهد خلافات كبيرة، وقد ازدادت هذه الخلافات»، مشيرةً إلى أن «مهمة يونيفيل ستستمر رغم ما تشهده المنطقة من خلافات كبيرة». وأشارت إلى أن «أرض الجنوب اللبناني أرض سلام كما نعرف بأن العلاقة مع السكان ممتازة جداً، والمهم جداً عدم إنشاء خلاف مع إسرائيل، فاليونيفيل تعمل بشكل جيد وستستمر في المستقبل لكن هناك أخطار كبيرة».ولفتت إلى أن «العمل الذي تقوم به قوات اليونيفيل المعززة في لبنان هو عمل يستدعي أن يكون هناك استقرار سياسي»، مشيرةً إلى أن قوة بلادها العاملة في «اليونيفيل» ستستمر.