قالت مصادر أمنية: إن جنديين تركيين وحارسًا مسلحًا قتلوا عندما فجر مقاتلون أكراد لغمًا محلي الصنع صباح أمس في إقليم شرناق في جنوب شرق البلاد. وسقط القتلى وسط تزايد هجمات حزب العمال الكردستاني ضد الجيش وشن سلاح الجو التركي ضربات جوية على أهداف للحزب في شمال العراق. وذكر مسؤولون أمنيون أن مقاتلي الحزب زرعوا عبوة يتم التحكم بها عن بعد وفجروها أثناء مرور سيارة تابعة للجيش. وقتل جنديان وأصيب اثنان آخران في الانفجار كما قتل حارس قرية، وبذلك يرتفع عدد القتلى في صفوف أفراد قوات الأمن التركية في هجمات لحزب العمال الكردستاني منذ 20 يوليو تموز إلى 18 شخصًا على الأقل في أسوأ إراقة للدماء منذ أن وقع الحزب اتفاقًا مع الحكومة لوقف إطلاق النار عام 2013. وأعلن حزب العمال الكردستاني أنه سيصعد الهجمات في منتصف يوليو/تموز بسبب ما وصفها بأنها انتهاكات لوقف إطلاق النار، ورد الحزب بالمزيد من العنف منذ أن بدأت تركيا حملتها الجوية على معسكرات الحزب في شمال العراق في 24 يوليو/تموز في إطار ما وصفه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو بأنه «قتال متزامن ضد الإرهاب». وفي سياق آخر، خطفت جبهة النصرة من جديد خمسة مقاتلين على الاقل كانوا قد تلقوا تدريبات في اطار برنامج التدريب الامريكي لمقاتلين في المعارضة السورية في شمال غرب البلاد بعد أيام من خطفها ثمانية مقاتلين آخرين في مجموعة مقاتلي المعارضة «المعتدلة» التي تسمى «الفرقة30» أو«سوريا الجديدة». وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس: «خطفت جبهة النصرة (خلال اليومين الماضيين) خمسة مقاتلين على الأقل من الفرقة30 في قرية قاح الحدودية مع تركيا». وكانت جبهة النصرة خطفت ثمانية عناصر من «الفرقة30» بينهم قائد الفرقة العقيد نديم الحسن مساء الأربعاء قرب مدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي، بحسب المرصد، الا ان وزارة الدفاع الامريكية نفت الأمر. وأشار عبدالرحمن الى ان جبهة النصرة «قامت باقتحام مخيم للنازحين في قرية قاح كان المقاتلون قد التجؤوا إليه الإثنين». وقال مدير المرصد: «شوهد اختطاف خمسة مقاتلين» مضيفًا: «لكن عدد المختطفين قد يكون أكثر من ذلك». وذكر أن جبهة النصرة «تقوم بمطاردة المقاتلين» الذين تلقوا تدريبات في اطار البرنامج الامريكي في محافظة ادلب (شمال غرب) كما في ريف حلب (شمال). وينتمي هؤلاء الى مجموعة من 54 عنصرًا من الفرقة30 تلقوا تدريبات عسكرية في تركيا، واجتازوا منتصف تموز/يوليو الحدود الى داخل سوريا لمحاربة تنظيم داعش. وهاجمت جبهة النصرة الجمعة مقرًا للفرقة30 في المنطقة نفسها، ووقعت اشتباكات بينها وبين المدافعين عن المقر تسببت بمقتل 25 جهاديًا من تنظيم النصرة وسبعة من المقاتلين والموالين لهم الذين جاؤوا لمؤازرة الفرقة، بحسب حصيلة للمرصد الذي اشار الى تزامن الاشتباكات مع غارات نفذها الائتلاف الدولي. وتأتي عملية خطف المدربين أمريكيًا، بينما أعلنت الولايات المتحدة انها استخدمت القوة الجوية دفاعًا عن فرقة المعارضة السورية30، وأكدت وزارة الدفاع الامريكية ان الولايات المتحدة نفذت الجمعة أول غارة جوية لها في الاراضي السورية «للدفاع» عن المقاتلين المتدربين لديها. وقال المتحدث باسم البنتاغون بيل اوربان: إن هذه الغارة الدفاعية الامريكية الاولى من نوعها على الاراضي السورية نفذت الجمعة لمؤازرة مجموعة «سوريا الجديدة». وقال المتحدث: «سنتحرك للدفاع عن مجموعة سوريا الجديدة التي دربناها وجهزناها». وصرح المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست أمس الأول أنه على النظام السوري «ألا يتدخل» في العمليات التي تقوم بها القوات المعارضة التي دربتها الولايات المتحدة، وإلا فإن «خطوات إضافية» قد تتخذ للدفاع عنها. لكن هذه القوة السورية المدعومة من الامريكيين لم تلعب دورًا حاسمًا في مسار الحرب ومنيت بسلسلة هزائم على الأرض حتى الآن. وبين المجموعات العسكرية التي تدعمها واشنطن وحدة تتألف من 54 عنصرًا موجودة في محافظة حلب منذ منتصف تموز/يوليو ضمن مجموعة من المعارضين المسلحين ينشطون في اطار ما يعرف بالفرقة30. واعلن المرصد السوري ان ثمانية من العناصر الـ54 خطفوا مساء الاربعاء على ايدي جبهة النصرة التي تبنت عملية الخطف، وبثت شريط فيديو يظهر فيه خمسة اشخاص على الاقل يسيرون في حقل ايديهم وراء رؤوسهم، يرافقهم ملثم مسلح، وأكدت أنهم من عناصر هذه الفرقة. وكانت الولايات المتحدة اتفقت مع تركيا مؤخرًا على اقامة «منطقة خالية من تنظيم داعش» في شمال سوريا، وقال مسؤول كبير في الادارة الامريكية طلب عدم كشف هويته أن تفاصيل هذه المنطقة «يجب أن تحدد». كذلك سمحت تركيا لواشنطن باستخدام قاعدة انجرليك التي تتمتع بموقع استراتيجي خصوصًا بسبب قربها من سوريا لشن غارات على هذه المجموعة. لكن مواطنين في القرى التركية المحاذية لسوريا يشككون في الخطط الأمريكية بشأن مكافحة داعش. ففي دكان تكتسي بعض أغراضه بالأتربة يستبعد مصطفى قرطاش أن تحدث الخطة الأمريكية فرقًا كبيرًا بالنسبة لتجارته في أي وقت قريب، وقال: «لدي أصدقاء وزملاء على الجانب الآخر يقولون: إن داعش زرعت ألغامًا في المنطقة الحدودية بالكامل وكذلك في بلدة قرقميش. سيكون من الصعب جدًا تطهير (منطقة) جرابلس». والشارع التجاري الرئيسي في قرقميش وهي بلدة تركية يسكنها عشرة آلاف و500 نسمة يقع في الجهة المقابلة لنقطة العبور الحدودية مباشرة. وتم إغلاق المعبر قبل اكثر من عام وسده الجيش بحائط من الحجارة منذ بضعة أشهر. ويرفرف داخل سوريا وراء الحائط مباشرة علم تنظيم داعش. تقع قرقميش على المشارف الشمالية الشرقية لمستطيل من الأراضي السورية طوله نحو 80 كيلو مترًا يسيطر عليه داعش. وتأمل الولايات المتحدة وتركيا في أن يؤدي إخراج التنظيم الدموي من هذه المنطقة الحدودية لحرمانه من طريق تهريب ساهم في انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب لصفوفه وساعد في ملء خزائنه من عوائد التجارة غير المشروعة. ويقول دبلوماسيون مطلعون على هذه الخطط: إن قطع واحد من خطوط الإمداد الرئيسية عن داعش يمكن أن يغير دفة الأمور في هذا المكان بالحرب السورية المعقدة، لكن هناك تحديات كبيرة. ولا تثق تركيا بوحدات حماية الشعب الكردية التي أثبتت أنها حليف مفيد للولايات المتحدة في قتال داعش. حيث تسيطر الوحدات على أراض متاخمة على الجانب الشرقي من نهر الفرات المواجه مباشرة لقرقميش وبلدة جرابلس التي يسيطر عليها داعش. ولا تريد لها أنقرة أن تحرز مزيدًا من التقدم وتعتبر الفرات خطًا أحمر يجب عدم تجاوزه. ويقول سكان: إنهم يسمعون أصوات معارك بالأسلحة النارية في الليل لكن لا يستطيعون تحديد اي الأطراف الثلاثة هي التي تتبادل إطلاق النار. ووصفت تركيا شريط الأرض الذي تريد تطهيره من داعش بأنه سيكون «منطقة آمنة»، وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: إن ذلك سيمهد الطريق أمام عودة أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري تستضيفهم تركيا. حتى الآن لا توجد دلائل تذكر على تزحزح داعش وإن كان دبلوماسيون ومسؤولون يقولون: إن العمليات لن تبدأ بجدية الا عندما تصل طائرات التحالف إلى قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا وهو أمر متوقع حدوثه في الأسابيع المقبلة. وقال دبلوماسي مطلع على الخطط: «داعش أفضل تجهيزًا بكثير بالمقارنة بالمسلحين المعارضين الذين يقاتلون حاليًا. يمكن نشرهم هنا وهناك وفي وحدات مختلفة. إنهم يوفرون فرصة جيدة لتحقيق مكاسب في ظل إمكانية حصولهم على دعم جوي من على مقربة». في بعض القرى في هذا الشريط من الحدود لا يفصل سوى سياج من الأسلاك الشائكة بساتين التين والبندق والزيتون في تركيا عن الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش في سوريا. ويحتمي الجنود الأتراك من الشمس الحارقة تحت أبراج مراقبة تفصل بينها مسافات طويلة. في الجهة المقابلة لقرقميش يوجد منزل وردي اللون في موقع بارز يقول قرويون: إنه قاعدة محلية لداعش ويمكن رؤيته بوضوح من المواقع العسكرية التركية. وحوله رجال يضعون أقنعة سوداء تظهر منها عيونهم يعززون دفاعاته ويحفرون خندقًا بحفار.