كشفت المعطيات المتوفرة، بعد تصحيح أوضاع مئات آلاف اليمنيين المقيمين في السعودية، أن الاقتصاد اليمني سيتحصل على نحو 533.3 مليون دولار شهريا، وذلك من خلال الحوالات التي سيجري تحويلها من السعودية إلى اليمن بشكل شهري. وأوضحت المديرية العامة للجوازات أن عدد أولئك الذين تم إنهاء إجراءات تصحيح أوضاعهم من اليمنيين المقيمين في السعودية، في مراكز التصحيح بجوازات مناطق المملكة حتى يوم أمس، بلغ 416 ألفا و52 شخصا، فيما جرى إنهاء إجراءات تصحيح أوضاع أكثر من 470 ألفا من قبل السفارة اليمنية، مما يعني وجود نحو 54 ألفا ما زالت معاملاتهم قيد الإجراء لدى الجوازات السعودية. ودعت المديرية العامة للجوازات «الإخوة الأشقاء أبناء الجمهورية اليمنية ممن تنطبق بحقهم شروط الحصول على هوية زائر إلى سرعة الاستفادة» من الأمر الملكي. وقال الدكتور محمد الأهدل مدير مكتب الشؤون الثقافية في القنصلية اليمنية عضو لجنة تصحيح الأوضاع، لـ«الشرق الأوسط»، إن مهلة التصحيح وتمديدها أنهت إجراءات تصحيح أوضاع أكثر من 470 ألف يمني ويمنية من المقيمين في مختلف المناطق السعودية. وأرجع تأخر البعض منهم حتى هذا الوقت إلى الازدحام في الفترة السابقة، وفقد وثيقة البعض الآخر التي تطلبت استخراج بدل فاقد، مبينا أن موظفي الجوازات السعودية أيضا لم يتمكنوا من الانتهاء من صرف هوية الزائر في الفترة الماضية للأعداد الكبيرة التي توافدت عليهم. وقال أيضا إن «الأصل في الإجراءات أنه من لم يصحح وضعه خلال هذه الفترة يعتبر مخالفا لنظام الإقامة، وحتى الآن لم تتضح صورة ماذا سيكون وضعهم بعد انتهاء مدة الوثيقة المؤقتة». وشدد على «الأثر الملموس الذي سيتركه هذا القرار على الاقتصاد الوطني اليمني، من خلال تحويلات الأشخاص الذين قاموا بتصحيح أوضاعهم، إضافة إلى الحد من ظاهرة الفقر والحاجة للمساعدات الإنسانية التي تحتاج إليها كثير من الأسر في اليمن». من جهته، بيّن الخبير الاقتصادي فضل البو عينين لـ«الشرق الأوسط» أن الجالية اليمنية الموجودة في السعودية تعد من أكبر الجاليات الموجودة في العالم، وأن الأموال المحولة من السعودية إلى اليمن من خلال أبناء الجالية اليمنية سواء النظاميون منهم أو من تم تصحيح أوضاعهم في الفترة الأخيرة، ساهم وسيسهم بشكل كبير في رفع الاقتصاد اليمني. وأوضح أن الأموال المحولة إلى اليمن تعد من العملات الصعبة التي تدخل إلى البنك المركزي اليمني وبالتالي تحقق ثلاثة أهداف رئيسية، هي: دعم الأسر في اليمن، ودعم البنك المركزي اليمني الذي يحتاج إلى أموال يمكن أن تساعد في استقرار الريال اليمني والحكومة في توفير الأموال الأزمة لدفع تكلفة الاحتياجات والاستيراد من الخارج، إضافة إلى أن هذه الأموال تعد سيولة في السوق اليمني لدعم اقتصاد بشكل مباشر وغير مباشر. ولفت إلى أن الاقتصادات في الدول غير المستقرة والمضطربة سياسيا كما في اليمن تعتمد بشكل كبير على تحويلات المغتربين، مبينا أنه رغم إغلاق كثير من البنوك والصرافات في اليمن إلا أن التحويلات السريعة ما زالت تعمل وبشكل جيد، كما أن تحرير عدن سيساعد كثيرا في هذا الجانب، خصوصا أن الحكومة ستتخذ من عدن مقرا لها، وبالتالي ستكون المؤسسات المالية أكثر نشاطا وقوة وأمنا، مما يجعل هناك تلقيا أكبر للحوالات المالية كنتيجة مباشرة للأمن الذي ستوفره الحكومة في هذه المنطقة. وبيّن البوعينين أن كل أسرة من الأسر المحتاجة لو حصلت على مبلغ مالي يقدر بألف ريال سعودي شهريا، فإن ذلك يعني ضخ نحو ملياري ريال (533.3 مليون دولار) في جسد الاقتصاد اليمني شهريا، من أبنائها المغتربين في السعودية الذين يصل تعدادهم إلى نحو مليون يمني بعد تصحيح أوضاع المخالفين منهم. وذهب إلى أن المبلغ المتوقع تحويله بشكل شهري إلى اليمن سيوفر لكثير من الأسر الاحتياجات الأساسية، وبالتالي سيعاد توجيه المساعدات الإنسانية بشكل أكبر للأسر المحتاجة التي لا تمتلك معيلا لها في الخارج. ورأى أن تصحيح أوضاع اليمنيين في السعودية يحمل جانبا قانونيا وإنسانيا، بحيث يوفر للعمالة مصدر رزق يساعدهم وأهاليهم على العيش بكرامة، متمنيا أن يعود النظام المالي لعدن من الدرجة الأولى، بحيث يوجد بنك مركزي يتعامل مع الأموال وله علاقة مباشرة مع البنوك العالمية، خاصة البنوك السعودية مما سيساعد كثيرا في دعم اليمن من الداخل.