حذر المعارض البارز في المعارضة السورية ميشيل كيلو من خطورة استمرار التجاهل الدولي للأزمة السورية، مشيرا إلى أن العالم أمام خيارين لا ثالث لهما إما القبول بسوريا ديمقراطية لكل السوريين بعيدا عن الإقصاء والتهميش، أو أمام سوريا إرهابية تحكمها جماعات تزعزع استقرار المنطقة والعالم. وأوضح في حوار لـ عكاظ أن مشكلة المعارضة تكمن في أن من لديه تمثيل دولي يفتقر إلى تمثيل داخلي وطني، ومن لديه تمثيل داخلي لا يحظى بغير ثقة فئات محدودة غالبا ما تكون مناطقية من الشعب، رافضا اعتبار أن المعارضة السياسية خرجت من دائرة الصراع، كونها تستطيع تعطيل ما قد يطرحه الآخرون.. فإلى تفاصيل الحوار: ● مرت الثورة السورية بعدة مراحل.. اليوم ما هو تعريفها؟ ●● لا معنى آخر للثورة السورية اليوم، ولم يكن لها بالأمس أي معنى آخر غير التخلص من الاستبداد وإقامة نظام حريات ديمقراطي للشعب السوري كله، ينال السوريون فيه حقوقهم جميعها دون قيد أو شرط مهما كان نوعها. وبقدر ما تبتعد الثورة عن الحرية والديمقراطية تفقد هويتها كثورة وتتحول إلى تمرد أو فوضى. ● البعض يرى أن المعارضة السياسية خرجت من حسابات الصراع.. فهل هذا دقيق بعد فشل كل مؤسسات المعارضة في تمثيل الشعب السوري وثورته؟ ●● ليس صحيحا أنها خرجت من حسابات الصراع وإن كان من الصحيح أن دورها فيها تراجع كثيرا، هناك مشكلة تواجهها المعارضة هي أن من لديه تمثيل دولي يفتقر إلى تمثيل داخلي وطني، ومن لديه تمثيل داخلي لا يحظى بغير ثقة فئات محدودة غالبا ما تكون مناطقية من الشعب، بسبب تبعثر تعبيرات المعارضة السياسية والعسكرية وأبواب التدخل المفتوحة على مصراعيها أمام كل راغب في حشر أنفه في الشؤون السورية وتولي دور وقيادة المعارضة. لم تخرج المعارضة من معادلات الصراع لأنها تستطيع تعطيل ما قد يطرحه الآخرون، وبالتالي لا بد لهؤلاء من إعطائها شيئا ما - ولا أقصد بالمعارضة في هذه الحال الائتلاف أو الائتلاف وحده - لأنه من أكثر فصائل العمل السياسي السوري انصياعا للخارج وارتباطا بخياراته وسياساته وأمواله. ● يسعى ديمستورا لجنيف ٣ وأنت كنت من المتحمسين لجنيف ٢ الفاشل فما هو موقفك من فكرة جنيف٣؟ ●● كنت ومازلت متحمسا لجنيف وللحل السياسي الذي اعتمدته وثيقته بإجماع الدول الخمس الكبرى وتأييد الأمم المتحدة والشرعية الدولية وجامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي.. إلخ. كنت متحمسا لجنيف لأنه جعل حل المسألة السورية ووقف المذابح موضوعه الوحيد، رغم تحول سوريا إلى ساحة صراعات عربية وإقليمية ودولية، وإذا كنا لم نصل إلى حل كهذا، فذلك ليس ذنب جنيف ووثيقته، بل يعود إلى أمرين: أحدهما رفض النظام أي حل غير عسكري، وثانيهما استمرار الصراعات الدولية والإقليمية والعربية في بلادنا، وتعارضها مع حل سياسي. واليوم أيضا، الحل السياسي هو المطلب الرئيس الذي يجب أن نتمسك به ونعمل له، مع أن بلوغه قد لا يكون ممكنا قبل وصول الجيش الحر إلى مشارف وكر الأسد في دمشق. المشكلة مع الحل ترتبط ارتباطا عميقا جدا وعضويا بأوضاع المعارضات السورية، وبما هي عليه من تهافت وسوء، لو كانت المعارضة في حال أحسن، لشهد موقف العالم من المشكلة السورية تغيرا نسبيا هو في واقع الحال ما نحتاج إليه كي ندفع بشعبنا إلى خارج المسلخ وبثورتنا إلى تحقيق رهاناتها الأصلية. ● منذ فترة لم نسمع بأصدقاء الشعب السوري.. أين هم وهل تقلصوا أم تراجعوا؟ ●● لم يتقلصوا بل سئموا من الصراعات والانقسامات الاستنزافية والمحيرة، ومن حال اللاوعي والجري وراء مصالح شخصية، التي هيمنت على قيادات الائتلاف المتعاقبة. لقد ضجر العرب والعالم من أشخاص أضاعوا الثورة باسم قيادات، تمت تنحيتهم جانبا بعد نجاحهم في إقناع العالم بأنهم أشخاص يمتلكون قدرا من السطحية لا يستحقون معها أن يتولوا أي منصب، لذلك أحجم العالم عن الاهتمام بهم وامتنع عن إيلائهم أية أهمية. ● هل مازلتم تقولون للمجتمع الدولي أنكم تتطلعون لسوريا ديمقراطية في الوقت الذي تسيطر على الأرض وفي كل مكان الرايات السوداء ورايات الأسد؟ ●● نعم، إما سوريا ديمقراطية أو سوريا إرهابية، لا خيار أمام الخارج غير القبول أخيرا بسوريا ديمقراطية، أو بسوريا إرهابية ستقلب الدنيا على رأسه وستحشد السوريين في معركة ستدمر سوريا والمنطقة وربما العالم، وستهز بقوة غير مسبوقة أمن وسلام العالم، وستعمل لتقطيع طرق مواصلاته وتخريب تقدمه. ليست سوريا الديمقراطية مجرد خيار وطني، لقد أصبح قيامها من مستلزمات استمرار السلام الدولي وتقدم العالم وأمنه.