يحكى أن هناك رجلا ظالما له مكانة كبيرة في قريته كان يمشي فرآه صياد مسكين اصطاد سمكة كبيرة، فقال له الرجل أعطني إياها فرد عليه المسكين: اصطدتها لاُطعم بها أبنائي، فأصر الرجل فرد عليه : أرجوك إن أبنائي ليس عندهم طعام، فأخذ الرجل السمكة ظلماً والصياد كان يبكي لأنه قد ظُلم فقد أُخذ عشاء أولاده، وأثناء عودة الظالم إلى بيته عضته السمكة في أصبعه فأوجعته فرجع البيت فطبخها وأكلها، وفي تلك الليلة لم ينم الظالم من شدة الألم في اصبعه، وبعد أيام ازداد سوءاً فذهب لطبيب فقال له: أصاب أصبعك الآكلة ولا بد من قطع ابهامك فقطعوها، وبعد أيام ازداد الألم في كفه فقطعت ،وبعدها بأيام شعر بآلام في ساعده فذهب إلى أكثر من طبيب فنصحوه بقطع ساعده حتى قطعوا كتفه، فلما استشار الناس قالوا له فعلت شيئاً عظيماً فتذكر صاحب السمكة، فذهب له حتى لا يصل المرض لبقية جسمه فيموت، فوجد ذاك الصياد فقال له أستحلفك بالله تحللني، فقال: حللتك وعفوت عنك، فسأله ماذا فعلت عندما أخذت منك السمكة فقال: إنني دعوت عليك وقلت (يارب قد أريتني قدرة عبدك علي، فأرني قدرتك على عبدك). فهذه عاقبة الظالمين كما قال الله تعالى: (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، فكم من مظاهر الظلم نراها قد تفشت في مجتمعنا هذه الأيام سواء كان ظلماً معنوياً أو مادياً، فكم من عاق لوالديه لم يستشعر عاقبة ظلمهُ ،وكم من زوج ظلم زوجته متفاخراً بقوته وكم من خادم تمت إهانته في منازلنا سواء كان بكلمة أشعرته بالإهانة أو سُلبت حقوقه المادية، وكم من رجل أراد أن يتزوج زوجة ثانية ولم يستطع أن يعدل بينهما فدخل في دائرة الظلم، وكم من مواطن كفؤ طلب الوظيفة التي يطمح لها واليوم يجلس في البيت بسبب الواسطة التي فضلت غيره عليه، وكم من مسؤول قد سلب حق موظف غير مبال بعاقبة تصرفه المشين، وكم من شخص طعن في ذمم الآخرين واتهمهم زوراً وظن فيهم سوءاً فبماذا سيلقى الله إذا كان ظنه خاطئاً؟ فمن يمتلك القوة والمنصب الآن قد يفقد كل هذا لاحقاً، فلا تتكبر على الآخرين وتظلمهم وأحذر من دعوة المظلوم فهي ليست بينها وبين الله حجاب ،فكما قال الإمام الشافعي رحمه الله: أتهزأ بالدعـاء وتزدريـه وما تدري بما صنع الدعاء سهام الليل لا تخطي ولكن لهـا أمـد ولـلأمـد انقـضـاء فمن شعرت أنك ظلمته اذهب إليه الآن واعتذر منه ،وتسامح منه وتب إلى الله قبل أن تلتقوا يوم القيامة تحت ظله، يوم لا ظل إلا ظله . * كاتب كويتي Twitter :- @Aziz_815