تثبت المجتمعات الحيوية، وفي طليعتها المجتمع البحريني الأصيل والمسالم، قدرتها بين الحين والآخر، على مجابهة التحديات وحماية ثوابتها الوطنية والرد بحزم على كل من يحاول التدخل في شؤونها الداخلية والعبث بأمنها الوطني. ولذلك جاء الحزم الوطني الرافض للتدخلات الايرانية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، حاملا رسالة واضحة وصريحة لكل من يهمه الأمر، مفادها أن البحرين قوية بتماسكها وترابطها المجتمعي وتسامح أهلها وقادرة من منطلق هذا الرصيد الوطني على حماية شعبها، والذي استطاع توجيه رسالة وطنية حاسمة، أساسها الالتفاف الشعبي حول القيادة الحكيمة والوقوف صفا واحدا وعلى قلب رجل واحد خلف قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، الذي استطاع في الكثير من المحطات التاريخية الفاصلة، تجنيب البلاد العديد من المخاطر وحماية وحدة الوطن وتعزيز مكتسباته. وللتاريخ، فإن ما نود التأكيد عليه، في هذا السياق، أن هذه الملحمة الوطنية الرافضة للتدخلات الايرانية، دشنها الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، عبر مبادرة وطنية، أطلقها في 23 يوليو 2015 وسجل فيها الضربة الأولى، حيث خاطب كل من في قلبه حب وإخلاص وولاء للبحرين داعيا إلى استنكار ورد وطني مخلص تجاه التدخلات الإيرانية الخطيرة بشأن الأمن البحريني. وأكد مجددا بهذه المبادرة أنه رجل وطني من الطراز الأول، ينطلق في مواقفه من مبادئ وتوجهات عروبية أصيلة وفلسفة تؤمن بأن الخط المستقيم هو أقصر الطرق لتحقيق الهدف، فهو يعمل بحس وطني صادق ونهج عروبي خالص ويمتلك ما يكفي من الخبرة والثقة والفكر العصري المنفتح. وبعد أن أطلق راشد بن عبدالله، تصريحه التاريخي النابع من رؤية وطنية وما يواجه البحرين من تحديات، جاءت الهبة الوطنية الحاسمة، ملبية النداء من خلال بيانات الادانة والاستنكار والرفض لهذه التدخلات الايرانية، وانطلقت مكونات المجتمع البحريني بكافة عوائله ومؤسساته قاطبة، معلنة موقفها الوطني الموحد، وتتابعت موجات الاستنكار من كافة الفعاليات والأندية التي دشنت عرائض وطنية وتدافعت المنظمات الاهلية والمؤسسات المجتمعية، متجاوبة مع المبادرة الوطنية لراشد بن عبدالله والتي حركت المشاعر ورسخت الثوابت الوطنية، فكانت النتيجة ملحمة وطنية وإجماعا شعبيا، عز نظيره، حيث قال الشعب البحريني، كلمته بصوت واحد، معبرا عن اعتزازه بوطنه الذي يحتضن الجميع، متحديا كافة التدخلات الايرانية في شؤوننا الداخلية والتي دأب عليها النظام الحاكم في طهران في محاولة يائسة منه للتغطية على فشله الداخلي في تلبية احتياجات شعبه، ولم يجد مخرجاً إلا تصدير أزماته لجيرانه المسالمين، متسترا في ذلك بشعار المظلومية الزائفة الذي عفا عليه الزمن. وحين انطلق هذا المد الوطني الرافض للتدخلات الايرانية والشاجب لكافة الخدع والمماحكات التي يقف وراءها أصحاب العمائم في طهران، كان يستند إلى وقائع وأدلة، حرص وزير الداخلية على تبيانها في تصريحه التاريخي، فالرجل كان واضحاً وصريحاً ولم يتحدث بكلام مرسل، ليس فقط من منطلق تحمل أعباء المسؤولية الأمنية التي يحرص على أدائها ويكرس جهده ووقته لها، وإنما لأن منهجه ومسيرته العسكرية قائمة على الوضوح والمباشرة ووضع الأمور في نصابها والتعامل معها بواقعية، لذلك خاطب إيران بالقول إنكم متورطون في الإخلال بأمن البحرين. ومن منطلق الخبرة الواسعة والإلمام بالواقع وما يجب أن يكون عليه، أيقظ الروح الوطنية الأصيلة لدى مكونات وأطياف الشعب البحريني، والتي تفاعلت مع مبادرة وفكر راشد بن عبدالله، ببيانات الاستنكار والإدانة. إن تاريخنا الوطني المعاصر، سيسجل بأحرف من نور، المبادرات الشجاعة والمواقف الوطنية النبيلة لوزير الداخلية، وسيبقى تصريحه الوطني وموقفه الثابت صفحة ناصعة في سيرة عطائه المتميزة، مؤكدة هذا الفكر الوطني العروبي الأصيل والمتجدد، والذي ينطلق من خبرات وتجارب جديرة بالتقدير والاحترام وفيها المثال والقدوة لكل مخلص أحب هذا الوطن وسعى لخدمته في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه.