يقف السودان على أرضية إثنية وسكانية تقوم على الكثير من التمايز التراثي والثقافي، فالجامعة العربية اختارت الخرطوم عاصمة للثقافة العربية عام 2005، والاتحاد الأفريقي رشحها لتصبح أول عاصمة للثقافة الأفريقية, واختارت منظمة التعاون الإسلامي مدينة "سنار" عاصمة الدولة الإسلامية الأولى في السودان لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2017. ويرى العديد من المثقفين أن مشروع العواصم الثقافية رغم دلالاته الواسعة انحصر في جانبه الاحتفالي أكثر من تكريسه مشروعا تنمويا ثقافيا يؤسس لدور سوداني مميز على الصعيد الثقافي والسياسي على المستوى العربي والأفريقي. صديق المجتبي بعض الدول حققت مكتسبات مهمة من تجربة العواصم الثقافية (الجزيرة)تجارب ناجحةلكن السؤال الأبرز يتعلق بوضع السودان والعاصمة الخرطوم في ظرفها السياسي والاقتصادي الحالي وهل هي مؤهلة لاستضافة مثل هذه الفعالية الضخمة .. أم أن فشل العاصمة الثقافية العربية سيتكرر للمرة الثانية. ويقول الأستاذ صديق المجتبى وزير الدولة بوزارة الثقافة السودانية السابق إن التجربة لم تحقق في الوطن العربي ما هو مطلوب منها في أهدافها المعلنة والثقافية، وذلك لفقدان الحرية والديمقراطية في بعض الأقطار بجانب اختلاف الرؤى نحو مفهوم الثقافة". ويرجع مجتبى فشل الخرطوم عاصمة للثقاقة العربية والتي كان مسؤولا عنها لعدم التزام الجهاز التنفيذي والمنفذين بالخطة الأساسية التي أجازها مجلس الوزراء, ويرى أن المؤسسات لم تكن ناضجة بجانب عدم توفر التمويل, إضافة إلى أن الإنسان السوداني كان مهموما بحروب أهلية في الجنوب والغرب والشرق. ويضيف صديق أن بعض الدول حققت مكتسبات من هذا المشروع، مثل الجزائر وقطر التي أنشات مدينة الحي الثقافي وعززت نشاطاتها الثقافية المتنوعة، خاصة في مجال استقطاب المزيد من التراث العربي. من جانبه يرى الناقد عامر محمد أحمد حسين أن فشل احتفالية الخرطوم عاصمة للثقافة العربية يعود للتاريخ الخطأ الذي برمجت فيه، إذ كانت مع تباشير اتفاقية "نيفاشا" وكان هناك شد وجذب وأصوات مناوئة.أحمد صادق أحمد: السودان بحاجة لاستعادة دوره الثقافي على الصعيد الأفريقي (الجزيرة) عودة الدوروعن ترشيح الخرطوم أول عاصمة للثقافة الأفريقية تقول الأستاذة فاطمة بلية الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الآداب والفنون إن القرار لم يبلغ لهم بعد كمجلس, لكنهم رهن الإشارة متى اختيرت اللجان المختصة. وأشارت إلى اهتمام المجلس بالثقافة الأفريقية من خلال الاحتفال بيوم الكاتب الأفريقي في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، وأكدت أن تكامل الأدوار يؤدي إلى إنجاح أي عمل ثقافي بما في ذلك تظاهرة الخرطوم عاصمة للثقافة الأفريقية. من جهته أشار عبد الله علي ابراهيم المفكر وأستاذ التاريخ الأفريقي بجامعة ميزوري بالولايات المتحدة إلى أن "اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة الأفريقية يعد مكسبا للسودان على الصعيد الثقافي ويمكن من الانفتاح على محيطنا الأفريقي، كما العربي". من جانبه يتساءل الروائي إبراهيم إسحق "هل سيأتي الضيوف ليجدوا معروضات ضخمة من الإنتاج الإبداعي السوداني وترجماته؟ أم ليتوقفوا عند الفلكلور وبعض الرقصات الأفريقية؟". أما الناقد أحمد صادق أحمد فيقول إن "اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة الأفريقية سيضعنا في أعلى مراتب الوجدان, وحضور أفريقيا في السودان له نكهة خاصة، فهو معبر وجسر أفريقيا ويحتاج إلى أن يعود إلى هذا الدور". وكانت الدورة الرابعة لمؤتمر وزراء الثقافة الأفارقة في أوائل نوفمير/تشرين الثاني بالعاصمة الكونغولية كينشاسا بحضور 28 دولة أفريقية قد اختارت الخرطوم عاصمة للثقافة الأفريقية وطلب من الاتحاد الأفريقي الخرطوم إجراء دراسة جدوى مشتركة لاستحداث عواصم ثقافية أفريقية.