×
محافظة المنطقة الشرقية

استراتيجية لـ 3 سنوات قادمة تركز على الاستثمار العقاري في الخليج العربي وأوربا

صورة الخبر

أنور حامد بي بي سي هكذا بدأت المهرجانات في التاريخ: أغنيات يرددها الفلاحون في المواسم لإشاعة أجواء الفرح وتخفيف وطأة الأعمال الزراعية، ورقصات يؤدونها تارة من أجل كسر روتين العمل وحينا كنوع من الشعائر الدينية الوثنية لاستمطار السماء. في الأراضي الفلسطينية استلهم المزارعون مؤخرا أفكار الأجداد وصاروا يقيمون مهرجانات غناء ودبكة في المواسم، بهدف مختلف ولكنه على صلة بالفكرة الأصلية، وهو مزاوجة المحاصيل وخيرات الأرض بالغناء والرقص والمرح، بهدف مختلف هذه المرة وهو ترويج المحاصيل الزراعية. هكذا نشأت مهرجانات الفقوس في قرية دير بلوط والعنب في مدينة الخليل والجوافا في قلقيلية، والمشمش في جفنا، بعضها تصاحبه رقصات الدبكة والأغاني التراثية، كما يقول حمدالله حمدالله المسؤول في وزارة الزراعة الفلسطينية. العمل التطوعي والفن أما مهرجان وادي الشعير في بلدة عنبتا فهو خير ممثل لنمط الحياة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، حيث استولد غياب المؤسسات والدولة منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية نمط العمل التطوعي. غطى نشاط اللجان التطوعية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي مجالات واسعة، من التعليم وتنظيف الشوارع إلى البناء والمسرح. هكذا بدأت فرقة بلالين المسرحية مثلا، والتي أسسها المخرج فرانسوا أبو سالم، نشاطها في رام الله في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت تتكون من شبان وفتيات هواة يعملون في مجالات العمل التطوعي الأخرى. وهكذا بدأت فرق الرقص الشعبي الفلسطيني (الدبكة)، ثم تطورت عنها فرق احترافية في وقت لاحق. مهرجان وادي الشعير وبعد توقيع اتفاقية أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تشكلت الوزارات والمؤسسات الحكومية، لكن المؤسسات غير الحكومية بقيت تضطلع بمهام أساسية، خاصة في المجالات الثقافية. وعلى الرغم من احتكار رام الله لمعظم النشاطات الثقافية والعروض الفنية، إلا أن بعض المؤسسات الشبابية في البلدات والقرى تمكنت من إقامة مشاريع ثقافية رائدة. أحد هذه المشاريع مهرجان وادي الشعير الثقافي الذي ينظمه مركز واصل لتنمية الشباب في مدينة عنبتا شمالي الضفة الغربية منذ عام 2011. يقول محمد سلامة مدير المهرجان إن فريق متطوعي المركز اختار اسما تاريخيا للمهرجان يرتبط بالظاهر بيبرس رابع سلاطين الدولة المملوكية ، سلطان مصر والشام الذي كان يستخدم المنطقة الممتدة من غرب نابلس الى شرق طولكرم وما بينهما من قرى لتخزين تموين الجيوش والخيول التابعة له، وسميت هذه المنطقة بـ وادي الشعير . حمل المهرجان إسم مهرجان وادي الشعير للثقافة والسياحة والفنون، لأن أحد اهدافه أيضا تشجيع السياحة الداخلية الى جانب الحفاظ على الأصيل من الموروث الثقافي الفلسطيني ، وابراز السمات والخصائص الحضارية للثقافة الفلسطينية وابداعات الشباب في شتى مجالات الفنون والاداب ، كما يقول سلامة وقد أقيم المهرجان الأول في تموز من عام 2011 لمدة اسبوع ، اشتمل على معارض للتراث وأعمال تطوعية وورشات أدبية وثلاث امسيات فنية تشمل فقرات موسيقية وغنائية ودبكات شعبية شاركت بها 15 فرقة من مختلف محافظات الضفة والقدس والداخل الفلسطيني. ولاقى المهرجان نجاحا وإقبالا ملفتا من الجمهور يدل على تعطش أبناء المنطقة لمثل هذه الانشطة، خاصة بعد فترة الاختناق وتقييد حركة المواطنين على مدى سنوات طويلة خلت. تمويل المهرجان وكما في جميع المشاريع التطوعية التي تقام في الأراضي الفلسطينية من بناء المدارس إلى المهرجانات، تكاتفت المؤسسات الرسمية مع رأس المال المحلي وتبرعات المواطنين في الداخل والمغتربين لتمويل المشروع، كما تقول سمر صلاح الدين عضو مجلس ادارة ومنسقة دائرة الشباب والمتطوعين في المركز. ابتدأ المهرجان بميزانية ابتدائية تراوحت بين 40-50 ألف دولار تم جمعها من المصادر المذكورة سابقا، واختصرت التكاليف الإدارية إلى الحد الأدنى لأن الفريق بكامله، والذي يبلغ 150 متطوعا، لا يتقاضي أجرا مقابل عمله. استقطاب الفرق المشاركة لم يكن استقطاب الفرق الفنية المحلية والعربية للمشاركة في المهرجان عملا سهلا كما تقول لنا بكر مسؤولة النشاط الثقافي والفني في مجلس إدارة مركز واصل ومسؤولة اللجنة الفنية . في البداية واجهتنا صعوبات بإقناع بعض الفرق المحترفة بالمشاركة بهذا المهرجان لعدم ثقتهم بأن هذه المؤسسة بمتطوعيها وخبرتها الحديثة ستكون قادرة على إنجاز نشاط ضخم وكبير كمهرجان وادي الشعير . ومع نجاح المهرجان الأول من حيث التنظيم والنشاطات وتنوعها، ومن حيث الإقبال الكبير من الجمهور على المشاركة بفعالياته ، حيث شاهد فعاليات المهرجان الاول على مدار ايامه الثلاث حوالي 15 ألف شخص، أصبحت الأمور أكثر سهولة في الدورات التي تلت. ولكن كيف يستطيع فريق من الهواة تنظيم كل هذه المهام، من الاتصال بالفرق إلى ترتيب إقامتها، واستصدار تصاريح للفرق القادمة من خارج الضفة. يقول سفيان بركات مدير فرع مركز واصل في عنبتا بالنسبة لاستقبال وإقامة الفرق المشاركة في المهرجان ، لم تواجهنا أية مشكلة فيما يتعلق بالفرق المشاركة من الضفة ومن الداخل الفلسطيني ، سوى إعاقة وصول إحدى الفرق في المهرجان الثاني عام 2012 بسبب حاجز احتلالي على مدخل محافظة طولكرم . اما فيما يتعلق بالفرق القادمة من الخارج فهي تحتاج لجهود كبيرة ، اولا تقديم تصريح دخول لاعضائها قبيل المهرجان بشهر ونصف على الاقل للجهات الاسرائيلية من خلال وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية . ويتابع بركات قائلا عدد من الفرق والفنانين الذين طلبنا لهم تصاريح دخول تم رفضها خلال الأعوام الماضية ومنها الفنانة الاردنية مكادي نحاس وفرقة الحنونة للتراث الشعبي الفلسطيني من الأردن . أما الفرق التي كان يسمح لها بالدخول الى فلسطين والمشاركة بالمهرجان فقد كنا نوفر لهم اقامة في احدى فنادق مدينة رام الله وبعض الفرق الصغيرة في مبنى مركز واصل حيث تتوفر غرفتان للاقامة تتسع لستة اشخاص. وشاركت في المهرجان حتى الآن فرق من الضفة الغربية ومدن الداخل كذلك من خارج الأراضي الفلسطينية ولم يغفل المهرجان برامج الأطفال، حيث شاركت فرق ترفيهية وغنائية للأطفال في فعاليات الدورات المختلفة.