شهدت الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، أمس، توتراً شديداً غداة مواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد يوم دامٍ استشهد خلاله ثلاثة فلسطينيين أحدهم الرضيع علي دوابشة، الذي احترق حياً في حادثة إضرام مستوطنين متطرفين النار في منزلين، فيما أدانت الإمارات بأشد العبارات الجريمة الإرهابية البشعة التي أدت إلى استشهاد الرضيع دوابشة حرقاً وإصابة عائلته بجروح بليغة، إثر استهداف المستعمرين الإسرائيليين منزلهم وإحراقه بالضفة الغربية المحتلة، في جريمة يندى لها جبين الإنسانية. وشيع آلاف الفلسطينيين، أمس، في مخيم الجلزون، الشاب ليث الخالدي (16 عاماً) الذي استشهد الليلة قبل الماضية برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات وقعت بالقرب من بلدة بيرزيت في الضفة الغربية، إثر حادث استهشاد الرضيع. ورفع المشاركون في الجنازة رايات مختلف الفصائل الفلسطينية، فيما أطلق ملثمون النار في الهواء متوعدين بـالثأر. واندلعت مواجهات بين عشرات الشبان والجيش الإسرائيلي على أطراف المخيم بعد انتهاء الجنازة. وأكد مصدر أمني فلسطيني أن مواجهات حدثت في مناطق تماس عدة مع الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، مثل بيت لحم وعطارة ورام الله، بعد تظاهرات صغيرة انطلقت احتجاجاً على حرق الطفل علي دوابشة وعائلته في قرية دوما في شمال الضفة فجر أول من أمس. ونصبت خيمة عزاء في الطفل علي دوابشة أمام منزله في قرية دوما شمال الضفة الغربية، زارها المئات من الفلسطينيين والمسؤولين، في حين لايزال أبوه وأمه وأخوه بين الحياة والموت في المستشفى في إسرائيل جراء إصابتهم بحروق خطرة. وجرت مواجهات، أمس، بين مستوطنين يهود وفلسطينيين في قرية عصيرة الشمالية شمال الضفة الغربية، بينما قالت وكالة الانباء الفلسطينية وفا إن عشرات الفلسطينيين أصيبوا بجروح طفيفة في مواجهات الليلة قبل الماضية في القدس الشرقية. واندلعت دوامة العنف الجديدة فجر الجمعة عندما ألقى مستوطنون ملثمون زجاجات حارقة من النافذة داخل منزلين بينهما منزل عائلة دوابشة ومنزل آخر كان خالياً في قرية دوما شمال الضفة الغربية. واحترق المنزلان وتحولا كتلة رماد. واحترق علي البالغ من العمر 18 شهراً حياً بينما يصارع أبواه سعد وريهام وشقيقه أحمد ابن الأربع سنوات الموت. وقال مستشفى بئر السبع في جنوب إسرائيل إن سعد دوابشة مصاب بحروق من الدرجة الثالثة في 90% من جسمه. وأكد مستشفى تل هشومير في تل أبيب أن زوجته وابنه في حالة خطرة جداً وحياتهم في خطر. والهجوم الذي قام به إرهابيون يهود كما قالت السلطة الفلسطينية، مستخدمة عبارات نادرة في قسوتها، هو الأخير من لائحة طويلة من العمليات الانتقامية التي يقوم بها اليمين الإسرائيلي المتطرف والمستوطنون. وأعلن مسؤولون فلسطينيون أن المستوطنين نفذوا منذ عام 2004 لغاية اليوم 11 ألف اعتداء، تشمل القتل والحرق واقتلاع أشجار. ودان القادة الإسرائيليون، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، الهجوم ووصفوه بأنه عمل إرهابي. وفي خطوة استثنائية، قام نتنياهو والرئيس ريوفين يرفلين بزيارة والدي الرضيع بينما أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالاً هاتفياً برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليؤكد له أن العدالة ستأخذ مجراها. وشكك عباس في رغبة إسرائيل في تطبيق عدالة حقيقية، وطلب في مستهل اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية بمقر الرئاسة في رام الله من وزير الخارجية الفلسطيني التوجه غداً إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف سنقدم غداً ملف جريمة إحراق الرضيع علي دوابشة إلى المحكمة الجنائية الدولية. من جهة أخرى، أعلن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أن فلسطينياً استشهد برصاص الجيش الاسرائيلي وأصيب آخر الجمعة قرب بلدة بيت لاهيا في شمال غرب قطاع غزة. وقال الطبيب أشرف القدرة استشهد محمد حامد المصري وعمره (17 عاماً) برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب شاطئ البحر غرب بلدة بيت لاهيا، مبيناً أن شاباً آخر اصيب بجروح متوسطة برصاص الاحتلال. من جانبها، أدانت الإمارات بأشد العبارات الجريمة الإرهابية البشعة التي أدت إلى استشهاد الرضيع علي دوابشة حرقاً. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، إن هذه الجريمة تمثل تصعيداً خطيراً في أعمال الإرهاب التي يرتكبها المستعمرون ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يحتم الضغط على إسرائيل لكي تتعامل بجدية مع إرهاب المستعمرين. ودعا سموه المجتمع الدولي لتحمّل مسؤوليته حتى لا تعتبر إسرائيل أنها محصنة وفوق القانون الدولي والإنساني، وأنها تستطيع مواصلة انتهاكاتها الإرهابية. وقال سموه إن أجواء العنصرية والكراهية التي تجسدها الجريمة البشعة ضد طفل بريء وأسرة مدنية هي نتيجة طبيعية للممارسات الإسرائيلية الإرهابية، وتأتي في سياق سلسلة متصلة من الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين العزل. وأكد سموه أن هذه الجريمة هي نتيجة طبيعية لانتشار المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهي تجسيد للثقافة العنصرية الوحشية التي يحملها هؤلاء المستعمرون ضد الفلسطينيين ويمارسونها ضد الطفل والمرأة والمدنيين العزل تحت حماية وصمت المؤسسات الإسرائيلية الرسمية. واختتم سموه تصريحه قائلاً لا توجد مصداقية للاستنكار الإسرائيلي الرسمي لهذه الجريمة، حيث إن الأطر القانونية والممارسات القضائية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي الأركان الأساسية لنظام الاحتلال العنصري التي تستوجب وقفة جادة من المجتمع الدولي، لإثبات أن إسرائيل غير محصنة من قبل الأسرة الدولية. كما أدانت كل من السعودية والكويت حرق الرضيع الفلسطيني. وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشدة، حرق الرضيع، داعياً إلى تقديم مرتكبي هذا العمل الإرهابي للمثول أمام العدالة.