بعد أن نشرت الترجمة العربية لكتابيه: تاريخ القراءة ومع بورخيس، أصدرت دار الساقي في بيروت، مؤخراً، كتاب المكتبة في الليل للكاتب والروائي الأرجنتيني ألبرتو مانغويل، والذي نقله إلى العربية أحمد أحمد.. وفي بداية الكتاب، اعتراف من الكاتب بـأننا نعيش عالماً يخلو من المعاني والهدف الواضح. ومع ذلك، فإننا بسعادة نقوم بمراكمة وجمع كل ما يتوفّر أمامنا من معلومات، وحشدها في رفوف فوق رفوف، ونخصّص لها مساحات واسعة في بيوتنا. وفي كتابه المستوحى من عملية تكوين مكتبة بيته في فرنسا، حيث يعيش حالياً ويشغل منصب مدير هيئة الفنون والآداب، يسرد مانغويل القصة الآسرة للدور الحيوي الذي لعبته المكتبات في الحضارة الإنسانية، بدءاً من رفّ كتبه في طفولته، مروراً بالمكتبات الكبرى التقليدية، ووصولاً إلى مكتبات الإنترنت، متوسّعاً في هذه العوالم، من مصر القديمة حتى غوغل. وذلك، في رحلة أخّاذة عبر تاريخ المعرفة، مع ما تتضمّنه من استنطاق واضح للحياة السريّة للكتّاب وكيف يمكن لعناصر كتابتهم أن تتوحّد، وفي سياق انشغاله بالمكتبة كـميثولوجيا، ترتيب، مكان، سلطة، ظلّ، شكل، مصادفة، مشغل، خيال، هوية ووطن. ومن بوّابة طرح الأسئلة حول هوس الإنسان بالكتابة والكتاب، ضمن عدد من المحاور التي تشير إلى المكتبة، وفي سرد شيّق، يعرض مانغويل المكتبات، سواء مكتبته الخاصة أو تلك العامّة التي يشارك فيها جموع القرّاء، والتي تبدو له دائماً أمكنة مجنونة على نحو ممتع. وبقدر ما تسعفه الذاكرة في عرض أسرار عشقه لها، يشير إلى إيمانه بأن الهرميّة الراسخة للحروف والأرقام ستقوده ذات يوم إلى غايته الموعودة. كتب ألبرتو مانغويل ألّف العديد من الكتب غير الخياليّة، مثل: قاموس الأماكن الوهميّة (كتبه بالاشتراك مع جياني جوادالوبي عام 1980)، تاريخ القراءة (1996)، المكتبة في الليل (2007) وإلياذة وأوديسة هوميروس: سيرة ذاتية (2008). وذلك، إضافة إلى العديد من الروايات، كـأخبار جاءت من بلد أجنبي (1991)، والنصوص السينمائية، كـعروس فرانكنشتاين (1997)، ومجموعة من المقالات، كـالبحث من خلال الزجاج الخشبي (1998).