×
محافظة المنطقة الشرقية

الأحساء تطلق اسم الأمير سعود الفيصل على أحد الطرق التجارية الحيوية في المحافظة

صورة الخبر

كتاب الدكتور طه حسين (في الشعر الجاهلي) أحدث دويا هائلا لم يهدأ حتی الآن رغم مرور 90 عاما علی صدوره؛ لكونه أول كتاب عربي يصم الشعر الجاهلي بالانتحال والاختلاق، ويتفق مع آراء المستشرق (مارغوليوث) في فرضياته واستنتاجاته، بل اعتبر البعض أن طه حسين أعاد إنتاج أفكار ذلك المستشرق، يقول الباحث (سامي مهدي): "أعجبت بالكتاب في مطلع شبابي وإن لم أقتنع بالكثير مما جاء فيه، وتحفظت على رأيي حتى قرأت بعد سنوات كتاب الدكتور ناصر الدين الأسد (مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية) وعندئذ تبدد ما علق في ذهني من هواجس"، اعتمد طه حسين على الدليل اللغوي منطلقا من مقولة (أبو عمرو بن العلاء): "ما لسان حمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا"، مؤكدا على أن العرب الباقية عربان: قحطانيون وعدنانيون، القحطانيون عرب عاربة منازلهم الأولى اليمن، والعدنانيون عرب مستعربة منازلهم الأولى الحجاز، يتحدثون جميعا بلغتين متمايزتين بينهما خلاف قوي، فالعاربة لغتهم العربية والمستعربة لغتهم العبرية أو الكلدانية، وهذا تقسيم ملفق على رأي (سامي مهدي) فلا وجود لهذا التقسيم في أي مرجع قديم مكتوب من مراجع ما قبل الإسلام، ولم تتطرق له أخبار العرب في الجاهلية ولم ترد حوله أي إشارة في الشعر الجاهلي على كثرة المنازعات والحروب بين القبائل العربية، ولم يذكر عنه شيء في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية، ولذا فالعرب أمة واحدة وليسوا (عربين) ويصح أن نسميهم (عرب الجنوب وعرب الشمال)، إن آراء طه حسين افتراض محض مبنية على الأساطير والخرافات والتوهمات، ثم لماذا لم يشكك في مقولة (أبي عمرو بن العلاء) ولا في بيت شعري ورد في بحثه لـ(لبيد بن ربيعة العامري). إن طه حسين الذي يشك في الأخبار التي ينقلها الرواة يرفضها حين يريد ويقبلها سندا له حين توافق هواه كما يقول الباحث، ثم إن نص مقولة ابن العلاء كما أوردها طه حسين ليست كما وردت عند محمد بن سلام الجمحي في كتابه (طبقات فحول الشعراء) حيث ذكرها الجمحي: (ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا) فحرفها طه حسين لكي يوسع الهوة بين لغة العرب وهذا تحريف يجافي قواعد البحث العلمي كما يقول الدكتور الأسد، ويخلص سامي مهدي في نهاية بحثه إلى (أن الدليل اللغوي الذي استند إليه طه حسين في بناء شكوكه في الشعر الجاهلي وعدّه أبلغ دليل لإثبات صحة ما ذهب إليه، هو في حقيقته دليل متهافت وأن الشعر الجاهلي الذي عرض بأكثريته المطلقة نشأ نشأة طبيعية وتطور تطورا متدرجا خلال خمسة أو ستة أجيال سبقت ظهور الإسلام، بما لا يدع أي مجال للتشكيك، ولو كان في هذا الشعر ما يدعو إلى مثل هذا الشك المبالغ فيه لما سكت عنه أوائل العلماء).