×
محافظة المنطقة الشرقية

اعتماد 33 مركزًا انتخابيُا بالجوف

صورة الخبر

نكهة أميركية هوليوودية أضفاها البليونير دونالد ترامب على السباق إلى نيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل. الواضح حتى الآن أن هذا المرشح الذي لا يحظى بتأييد كبير بين أعضاء اللجان الانتخابية الجمهورية على صعيد الولايات، ما زال متفوقاً بأشواط على المرشحين الجمهوريين الخمسة عشر الباقين لدى القواعد الشعبية الجمهورية على الصعيد الوطني العام. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي الأميركية أن شعبية ترامب تتوسع باطراد وسط شريحة واسعة من مؤيدي الحزب الجمهوري التواقين إلى إجراء تغيير جذري في طريقة الإدارة السياسية لشؤون البلاد، واستعادة «العظمة الأميركية» وتحرير البيت الأبيض الذي هو بالنسبة إلى هذه الشريحة الكبيرة من الأميركيين اليمينيين، أحد أبرز الرموز الأميركية التي غيرتها «الاوبامية». قبل أيام قليلة، أثارت قبعة اعتمرها ترامب خلال جولة انتخابية ميدانية على الحدود المكسيكية تسونامي من ردود الفعل المتباينة على مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية. كتب على القبعة التي غطت الشعر الأشقر لرجل الأعمال الناجح الطامح لرئاسة البلاد، شعار حملته الانتخابية: «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً». وعلق أحد المغردين ساخراً على «تويتر» بالقول إن عبارة «صنع في الصين» هي ما ستجده في طيات قبعة هذا الأميركي الحالم باستعادة زخم الريغانية. مغرد آخر رأى أن ترامب يريد إدارة الولايات المتحدة الأميركية وكأنها واحدة من شركاته، وهو المتباهي بثروته التي تعد ببلايين الدولارات، بينما سارع مؤيدوه إلى إطلاق حملة ترويج لتلك القبعة وتسابقت المواقع التجارية الالكترونية على عرضها للبيع بأسعار تتراوح بين 25 و50 دولاراً. الكاريزما الهوليوودية التي تميز ترامب عن بقية المرشحين الجمهوريين جعلت من جولته في منطقة حدودية صحراوية، تنشط فيها عصابات التهريب المكسيكية، مادة تلفزيونية جذابة تماثل صورها وأجواؤها مشاهد سينمائية من زمن أفلام «الوسترن» والحروب الأميركية المكسيكية القديمة. كأحد أبطال الغرب الأميركي، تحدث ترامب في المؤتمر الصحافي الصحراوي الذي عقده بعد جولة برية وجوية للاطلاع على الثغرات الحدودية لولاية تكساس وبعد اجتماعات مع ضباط الحراسة والمراقبة على الحدود. تحدث عن حبه لأميركا وعزمه حماية حدودها من «المجرمين والمغتصبين «القادمين من المكسيك، لذلك على الولايات المتحدة تحصين هذه الحدود بجدار فاصل. أراد أن يقول أن مقاربته الحادة لمسألة الهجرة غير الشرعية ليست مجرد حماسة انتخابية وأنه جاء إلى الحدود من دون أن يأبه لما قد يتعرض له من مخاطر يشكلها التجول في أرض صحراوية، الغلبة فيها لمافيات التهريب المكسيكية. بدا ترامب في قبعته تلك مع لكنة الغرب الأميركي التي كان ينطق بها، وكأنه «كاوبوي» قادم للتو من فيلم هوليوودي يدور حول معركة بين الجيش الأميركي والعصابات المكسيكية أو القبائل الهندية. تصاعدت حدة الانتقادات في خطاب ترامب لخصومه السياسيين منذ خطاب إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة وكلامه عن المجرمين والمغتصبين القادمين من المكسيك واقتراحه حل مسألة الهجرة غير الشرعية ببناء جدار فاصل على حدود المكسيك التي اتهمها بتصدير تجار المخدرات والمجرمين إلى الولايات المتحدة، ما أثار غضب الأميركيين من أصول لاتينية، فيما تظاهر المئات من العمال اللاتينيين الذين يعملون في مشاريع وعمارات تبنيها شركات ترامب في عدد من المدن الأميركية تنديداً بالشتائم العنصرية التي وجهها لهم. الحزب الديموقراطي لم يفوت هذه الفرصة الانتخابية الثمينة وسارع إلى استغلال زلات لسان هذا الثري «المتعجرف» لتأليب الأميركيين من أصل لاتيني على الجمهوريين، ما زاد مخاوف المرشحين من هؤلاء من أن تؤجج حدة خطاب ترامب ومباشرته المشاعر العنصرية لدى ملايين الناخبين من أصول لاتينية وأن تصب أصواتهم في انتخابات العام المقبل في مصلحة الحزب الديموقراطي. مع اقتراب موعد أول مناظرة بين المرشحين العشرة الأوائل من الحزب الجمهوري الشهر المقبل، صعد رامب المرشح من خارج الحزب حملته على منافسيه والمعارضين له في قيادة الحزب مثل السيناتور جون ماكين الذي انتقد بشدة كلامه عن المهاجرين غير الشرعيين والإهانات العنصرية التي وجهها إلى المكسيكيين. تناول ترامب تاريخ ماكين العسكري ومشاركته في حرب فيتنام وتعرضه للأسر بعد إسقاط طائرته، وعلق بالقول أنه لا يعتبر أن ماكين بطل حرب وأنه يفضل من لا يقع في الأسر. موجة الغضب على ترامب تزايدت واتسعت واشتدت حدتها لكن استطلاعات آراء الجمهوريين المتكررة كانت تضيف إليه نقاطاً جديدة وتوسع فرق تقدمه عن أقرب منافسيه في الحزب جيب بوش. ويؤشر هذا التأييد المتزايد لترامب في أوساط القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري إلى الأزمة المزمنة في القيادة التي ما زال يعاني منها الحزب وتدافع المرشحين المتنافسين على تمثيله وتجاوز الحملات الإعلامية بين المرشحين «الخطوط الحمر» واحدة من مظاهر هذه الأزمة. على أن دخول هذا الثري، الذي كان يوماً ما مشروع نجم هوليودي، السباق إلى البيت الأبيض حرك المياه الجمهورية الآسنة وأشعل حماسة المتشددين ضد المهاجرين غير الشرعيين والملونين. نجح هذا الأشقر في مخاطبة وجدان اليمين الأميركي واستخدم لغة جريئة مباشرة تسمي الأشياء بأسمائها وتعبر عن المخاوف الجدية التي تنتاب المتشددين البيض من ذوبان أصولهم الاوروبية في مجتمع المهاجرين من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية وقلقهم الوجودي من أن يتحولوا إلى أقلية في الولايات المتحدة. هؤلاء صاروا ينظرون إلى دونالد ترامب على أنه وريث الريغانية التي مثلت العصر الأميركي الذهبي في ثمانينات القرن الماضي وأنه الوحيد القادر على إعادة ما يعتبرونه تشويهات اوبامية للتاريخ الأميركي. حتى الآن، ما زال رجل الأعمال لا يلقى تأييداً بين أعضاء الحزب الجمهوري وقيادته التي باتت اليوم أمام مأزق جدي. شرائح أخرى من القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري لم تعلن تأييدها لترامب بعد بانتظار مناظرة الشهر المقبل التي يشارك فيها عشرة مرشحين، بينهم صاحب اللسان السليط الذي استدعى تهجمه الشخصي على منافسيه أن تصدر فيه اللجنة الانتخابية في الحزب الجمهوري تعميماً يمنع استخدام أسماء المرشحين المنافسين في الحملات الإعلامية الانتخابية المتبادلة. على حدود المكسيك، تحدث ترامب مع خصومه في الحزب من موقع الزعيم القوي الذي يحظى بشرعية شعبية تجعله الوحيد القادر على حمل شعلة العودة الجمهورية إلى البيت الأبيض. هذا المرشح القادم من خارج الحزب من قطاع المال والأعمال وضع الجمهوريين أمام خيارين: إما الخضوع للقاعدة الشعبية واختياره مرشحاً للحزب، ما يعني تجميع أصوات الجمهوريين. وإما أن يستبعده الحزب الجمهوري، وفي هذه الحال ستشهد الانتخابات منافسة بين مرشحين جمهوري وديموقراطي ومرشح مستقل هو دونالد ترامب، ما يعني تشتيت قوة الجمهوريين الانتخابية وتعبيد طريق البيت الأبيض أمام المرشح الديموقراطي وهذا سيناريو مثالي لعودة آل كليــنتون إلى البيت الأبيض، وهو ما يؤكــده استــطلاع للرأي أجري قبل أيام وأظهر ان المرشحة الديموقراطية المحتملة هيلاري كلينتون ستفوز بنحو 46 في المئة من الأصوات على جيب بوش (نحو 30 في المئة) ودونالد ترامب (21 في المئة) في حال ترشح الأخير في شكل مستقل.