×
محافظة المنطقة الشرقية

القرى التراثية.. مجمعات اقتصادية

صورة الخبر

باستذكار تجربة الأعوام السابقة نجد أن عدداً من المدارس، وفق تقارير صحفية وميدانية، لم يكُ مؤهلاً لاستقبال الطلاب بسبب نواقص في التجهيزات من نوع أو آخر. ليس مقبولاً ألا تكون مدارسنا على أتم الاستعداد وأحسنه؛ فما ننفقه كبلد على منظومة التعليم يقدر بنحو 217 مليار ريال للعام المالي الحالي (2015)، مما يجعلنا في صدارة دول العالم انفاقاً على التعليم (كنسبة من إجمالي الانفاق العام، إذ يقدر ما يخصص من الميزانية العامة للدولة على التعليم بنحو 25 بالمائة متجاوزة بذلك جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهي الدول الأكثر ثراءً في العالم). أي أنه يساير البلدان المتقدمة تكلفةً، ونتطلع -بطبيعة الحال- أن يجاريها عائداً وجودةً. وبالقطع، فلابد أن ترتقي تلك المنظومة للتحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة، سواء أكانت تحديات أمنية أم اجتماعية أم اقتصادية وعلمية. كما أنه ليس مقبولاً حدوث أي تقصير في منظومة التعليم، فهي خط دفاعنا الأهم؛ فكرياً وأمنياً واقتصادياً؛ فمنتجاتها هي فلذات الأكباد، ومن يجلس اليوم على مقاعد الدرس تلميذاً، نأمل -بمشيئة الله- أن يزداد فكره عقلاً وحكمة بمكوثه على تلك المقاعد، فيصبح رافداً يتقوى به البلد وأهله. والأمل معقود أن تشهد المدارس نقلة نوعية هذا العام، بدءاً من يوم افتتاحها، ليكون يوماً مميزاً، فيه دلالات على الترحيب وتمام الاستعداد، وأن تتجاوز كل مدارسنا -الحكومية والخاصة- أن تبدأ وهي تعاني من نواقص هنا وهناك، حتى لا تبدو وكأنها «متفاجئة» بعودة الطلاب إليها! وأقترح على الوزارة الموقرة فتح المدارس قبل أسبوع من بدء الدراسة حتى تُتاح لزيارة أولياء الأمور، من باب التعارف وليطمئن كل أب وأم على أوضاع المدرسة التي ستضم أبناءه وبناته، فيتبينوا الوضع حقيقة: هل الكادر الدراسي متكامل؟ هل التجهيزات تامة؟ هل المقررات الدراسية متوفرة؟ قد يقول قائل: ذلك ليس من مهام الأهالي ولا أولياء الأمور! إذاً مسئولية مَنّ؟ مَنّ يُطمئن أولياء الأمور أن كل مدرسة مما يزيد على 32 ألف مدرسة تديرها وزارة التعليم، مؤهلة وجديرة باستقبال التلاميذ؟ الأمر لا يتطلب أن يشعر أحد بعدم الارتياح، بل بحاجة لإجابة فنية من الجهة المعنية في وزارة التعليم، تخبرنا ما هي الآلية التي تطمئن الوزارة من خلالها أن كل مدرسة من المدارس التابعة لها هي بالفعل وحقيقة جاهزة. مثلاً، هل هناك جهة أو جهاز في الوزارة ومديريات التعليم المنتشرة مناطة بها مهمة التفتيش على المدارس قبل بداية العام الدراسي للتعرف على أوضاعها ووضع خطة للصيانة ولاستكمال التجهيزات خلال فصل الصيف؟ وهل حدث هذا بالفعل قبل بدء العام الدراسي الجديد، الذي يقرع الأبواب؟ وهل هناك جهة أو جهاز في الوزارة ومديريات التعليم المنتشرة مهمته الاطمئنان قبل بدء العام الدراسي أن المدارس بالفعل خضعت للصيانة واستكملت التجهيزات الضرورية فيها؟ إن كان ثمة إجابة، فسيكون إعلانها ملائما قبل بدء العام الدراسي، وإلا فلابد من بذل الجهد اللازم لجعل المدارس مؤهلة في أقرب وقت، بل وعلينا التفكر ملياً في الموازنة بين إرسال التلاميذ إلى مدارس غير جاهزة وبين إبقائهم في المنزل. وتكمن أهمية التأكد من جاهزية المدارس لافتتاح العام الدراسي الجديد، هو أننا نريد أن «نرّكز» الرمح «ركزاً» صحيحاً لهذا العام الدراسي؛ بتوثب وبتلمس عالٍ للمسئولية العظيمة الملقاة على عاتق قطاع التعليم العام خصوصاً، فبين يدي هذا القطاع يُصنع مستقبل بلادنا، فنحو خمسة ملايين من فلذاتنا التي تمشي على الأرض ستذهب للمدارس متطلعة لتلقي العلم ولصقل المواهب وتوظيف العقل بما يساهم -بتوفيق الله سبحانه- في جعلنا في مقدمة الأمم. بَزّ المنافسين وصَدّ الأعداء لن يحدث إلا من خلال بناء قدراتنا وقدرات الأجيال القادمة، وليس محل شك أن المدارس هي المكان الأكثر تأثيراً والأعلى مساهمة في تحقيق ذلك (أو عدم تحقيقه لا قدر الله). هنا يكمن التحدي، وأن ندرك جميعاً أن علينا أن ننهض متحمسين مستعدين ليوم افتتاح المدارس، ليكون يوماً -بإذن الله- بهياً نلمح فيه بوضوح تقاطيع التحفز والحماس، وليس شكاوى عن عدم جاهزية مدرسة هنا وأخرى هناك. هناك فرق بين ما يوضع على الورق كخطط وتطلعات وتوصيات و «أحلام»، وبين ما ينجز ويتحقق فعلاً. وفوق كل ذلك، فيجب ألا ننسى أبداً أن هذه المنظومة التعليمية ينفق عليها بسخاء لكي توفر أفضل تعليم ممكن لأبنائنا وبناتنا، فهل هذا متحقق أو هو في طريقه للتحقق؟ وحتى قبل الخوض في كل هذا أعود لأتساءل: هل مدارسنا جاهزة لاستقبال الطلاب؟ فضلاً أجب بنعم أم لا، داعماً إجابتك بالأدلة. متخصص في المعلوماتية والانتاج