صدقاً أوحقاً، لا أعرف لماذا قرَّر أفلاطون أن يربط العقل السليم والجسم السليم ببعض، من ذا الذي افترض أن «الربط» واجب التطبيق؟ هل نحن في فصل اللغة العربية نبحث عن الترادف والتضاد؟ والغريب أن هذه المقولة أصبحت تُقال بكثرة وكأن الحياة بين هاتين وما غيرهما خطأ. لا أعرف لم تعودنا على قول ذلك؟ ونحن جميعاً أنا وأنتم أعزائي نعلم جيداً جداً في قرارة أنفسنا أن لكل قاعدة شواذاً، ولولا الشواذ لما تعلمنا واختلفنا وأصبحنا أكثر قوة. إن أول ما يلفت انتباهنا في حياتنا الاجتماعية هو المظهر، إما جسمياً وبالتالي صحياً، أو ما يرتديه الشخص من ثياب وأناقة، فهل هذا يعني أن العليل ناقص عقل؟ أيعني هذا أننا سنرفض مصادقته لأنه في مستوى عقلي أدنى منا، أو في مستوى فكري لا يوازينا؟ أليس العقل الرصين يحتاج إلى بحث ومعرفة، خبرة سنوات تمتلئ بالتعلم؟ ولو كان الفرد قليل القراءة والاستماع هل كنا سننفر من فقره الثقافي؟ ألم يذكر القرآن الكريم في أول آية له «اقرأ»، ماذا لو لم نقرأ أكنت أنا الآن أكتب وأنت تقرأ؟ ماذا عن الأديب طه حسين صاحب أجمل الحروف، الذي أبدع في رسم الكلمات ألم يكن ضريراً؟، بل وماذا عن الموسيقار الشهير بيتهوفن الذي يبعث فينا جمال الحياة عن طريق مقطوعة موسيقية واحدة، ألم يكن أصم؟ هناك الآلاف من هذه النماذج العبقرية مازالوا بيننا، فهل نعتقد بضرورة ارتباط العقل السليم بالجسم السليم؟