أكد اقتصاديون لـ «اليوم» أن الاستقرار السياسي الذي تنعم بها البلد ينعكس على سياستها الاقتصادية التي تجعلها بيئة مستقرة جاذبة للاستثمارات الخارجية. وأبان الخبراء خلال حديثهم على هامش احتلال المملكة المرتبة الثانية في جذب الاستثمارات الأجنبية باستثمارات بلغت 8 مليارات دولار، بنسبة 18,3% ووصلت المملكة لتلك المرتبة نتيجة طبيعية لجهود القيادة في السعي للنهوض بالمملكة اقتصاديا. وتوقع الخبراء أن يكون هناك نمو كبير على مستوى الاستثمارات الأجنبية خلال الأعوام القادمة لما يقدمه الاقتصاد السعودي من مرونة واستجابة سريعة للمتغيرات الاقتصادية المختلفة على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي. تذليل الصعوبات والمعوقات ويؤكد الخبير الاقتصاد محمد العمران أن خلال السنوات العشر الأخيرة قد لاحظ الجميع أن المملكة من اكبر دول المنطقة في جذب الاستثمارات الخارجية من حيث الأرقام وهناك دول عربية تنافس المملكة في ذلك ومن ضمنها دولة الإمارات العربية المتحدة، وينوه العمران بأن ذلك يوضح نجاح الهيئة العامة للاستثمارات في المملكة، بالإضافة إلى جاهزية اقتصاد المملكة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الضخمة مما يدل على ذلك احتلال المملكة في المرتبة الثانية في جذب الاستثمارات الأجنبية باستثمارات بلغت 8 مليارات. وأشار العمران إلى ضرورة أن تسعى الهيئة العامة للاستثمارات لمزيد من التسهيلات لتذليل الصعوبات والمعوقات أمام المستثمر الأجنبي لكي تحتل المملكة المركز الأول في الأعوام القادمة وتزيد من جذب الاستثمارات الخارجية. ويرى العمران أن قرار مجلس الوزراء بفتح باب الاستثمار المباشر أمام المستثمر الأجنبي سيعطي فرصة بزيادة دخول الاستثمارات الأجنبية خلال عامين أو ثلاثة من الآن حيث سيتم ضخ قرابة 30- 40 مليار دولار إلى السوق السعودية. ويوضح العمران اهتمام المستثمر الأجنبي بتنويع استثماراته في الدول الناشئة، وتعتبر المملكة من أهمها لما تحظى به من استقرار اقتصادي مقابل ما يشهده العالم من تخوف تباطؤ النمو الاقتصادي وحالة من عدم الاستقرار في الولايات المتحدة الأمريكية ورفع أسعار الفائدة، بالإضافة إلى الإصلاحات التي يشهدها اقتصاد المملكة، جميع تلك الأسباب تعد قوة جاذبة للمستثمر الأجنبي. استكمال المسيرة ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور لؤي الطيار أن وصول المملكة لاحتلال المراتب الأولى ما هو إلا نتيجة لجهود القيادة الرشيدة ومساعيها لكل ما هو في تطوير المملكة والنهوض بها اقتصاديا، مضيفا إن تلك النتيجة بدئ العمل لها منذ عهد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، ومن ثم أكمل بعده الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - وجاء بعدهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله، ليكمل المسيرة بقرارات تفتح أبواب المملكة للاستثمار الأجنبي. بالإضافة إلى الاتفاقيات مع عدد من الدول المهمة صناعيا في مختلف المجالات، كمجالات الطاقة المتجددة والمناجم والتعدين وغيرها من الاستثمارات ذات القيمة الإضافية. ويرجع الطيار إقبال المستثمرين الأجانب على المملكة للتسهيلات التي تقدمها المملكة، وبالإضافة إلى وجود المدن الصناعية والاقتصادية والتي تعتبر عامل جذب للاستثمارات الخارجية كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية برابغ ومدينة المعرفة بالمدينة المنورة. وطالب الطيار من الجهات المعنية في الدولة بإيجاد مركز معلومات موحد ليقدم من خلاله جميع الخدمات للمستثمر الأجنبي وأيضا زيادة التسهيلات لجذب الاستثمارات الخارجية، إضافة لتقديم الخدمات للمستثمرين الأجانب عبر الملحقيات السعودية في الخارج. حماية المستثمر الأجنبي وفي ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي عبدالله المغلوث ان الاستثمار الاجنبي في أي دولة تعمل على رفع اقتصاد البلد وشعوبها أيضا، ويعتبر إحدى الصناعات والادوات التي تجلب أموالا وأرباحا وتعمل على تشغيل العمالة الوطنية والمقيمة على مستوى الدول، إلا أن البنية التحتية والتشريعية والادوات التي تتبناها الدول العربية لم تكن جاهزة أو ناهضة بالشكل المطلوب الذي يشجع الاستثمار في الدول والحفاظ على أموال المستثمر، وفي السنوات الاخيرة ومع ظهور التقلبات الامنية في بعض الدول العربية سببت تخوفا من المستثمرين الدوليين من أوروبا وأمريكا، باستثناء دول الخليج العربي التي تتمتع بالاستقرار السياسي ووجود أنظمة تحمي المستثمر الاجنبي وخصوصا المملكة والتي لديها هيئة متخصصة في جذب وتطوير الاستثمار وخلق الفرص وتوفير حلول للمعوقات التي يعاني منها المستثمر الاجنبي، ولهذا حققت الرصيد الاكبر عربيا في الاستثمارات الاجنبية في عدة مجالات سواء على الصناعات النفطية والبتروكيماويات والصناعات التحويلية، أو على مستوى الطاقة المتجددة والكهرباء والبنية التحتية، لا سيما خصوبة البيئة السعودية لجذب المستثمرين بسبب نموها السريع في عدة مجالات لما لديها من طلب قوي وآلية لحماية حقوق المستثمر الاجنبي. استحواذ بالمنطقة العربية وتشير دراسة نشرتها إحدى مؤسسات الاستثمار وائتمان الصادرات بالكويت إلى ان المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة اجتذبتا أكثر من 40% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية، في العام 2014م، في حين أشارت الدراسة إلى تراجع تلك الاستثمارات في بقية الدول العربية بنسبة 8%. وأوضحت الدراسة أن الدول العربية اجتذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 43,9 مليار دولار في 2014، مقابل 47,5 مليار دولار في 2013. فيما حلت المملكة في المرتبة الثانية باستثمارات بلغت 8 مليارات دولار، بنسبة 18,3%، بينما جاءت الإمارات في المرتبة الأولى من حيث حجم الاستثمارات، التي وصلت إلى 10,1 مليارات دولار، بما يعادل 23% من مجمل الاستثمارات التي جذبتها الدول العربية، والدراسة شملت 20 من 22 عضوا في جامعة الدول العربية باستثناء سوريا وجزر القمر.