بذلت جمعية المقاولين بالدولة جهودا كبيرة خلال الأعوام الماضية بهدف تطبيق عقد موحد للمقاولات يعرف عالميا باسم (عقود الفيديك) التي تتيح بنوده تجاوز الخلافات الناشئة بين أطراف التعاقد في حالتي زيادة أو تراجع الأسعار خلال تنفيذ المشروع، لكن جهود الجمعية لم تنجح. فلا المقاول يقبل بخفض أجره في حال انخفاض الأسعار ولا المالك يرضى بدفع مبلغ أكبر إذا ما زادت الأسعار. لكن يبدو أن قرار تحرير الوقود بضمنها الديزل وتحديد سعره شهريا سيجبر الطرفين على القبول أخيرا بما كانت تدعو إليه جمعية المقاولين. وكانت جمعية المقاولين تصف عقود المقاولات بأنها (عقود إذعان) لأنها تعطي لمالك المشروع مساحة تحرك كبيرة وسيطرة كاملة على فرض ما يضمن مصالحه في حين لا يجد المقاول إلا الإذعان لتلك العقود رغبة منه في البقاء في سوق إنشاءات مفتوح يطبق مقولة ( Take it Or leave It - إما أن تقبل أو تغادر) ويشهد بين الحين والآخر تنافسا بين المقاولين أنفسهم إلى درجة يصبح معها عملية (حرق الأسعار) شراً لابد منه. حافز قال رجل الأعمال الدكتور أحمد سيف بالحصا رئيس جمعية المقاولين بالدولة، إن السعر الجديد للديزل حافز كبير للمقاولين والمطورين لتنفيذ المشاريع العمرانية. لكن بالحصا لفت إلى أن تلك الثمار لن تظهر فورا ولن تشمل المشاريع القائمة ما لم يكن المالك والمقاول قد تعاقدا على خفض أو زيادة الأسعار تماشيا مع الأسعار السائدة في السوق، وبما أن أسعار الديزل الجديدة تحددت أمس فإن ثمار ذلك ستظهر في عقود تنفيذ المشاريع المقبلة إذ في مقدور المقاول الآن أن يقوم بتسعير تنفيذ المشروع وفقا للسعر. وقال بالحصا إن الوقت الراهن مناسب جدا لتطبيق عقود الفيديك في سوق الإنشاءات المحلي بالكامل، لاسيما وأن ذلك النوع من العقود يعد الأكثر شيوعاً في تنظيم مقاولات البناء في جميع دول العالم لأنها تضع إطاراً تعاقدياً مسبقاً لتخطي المستجدات في عملية إنجاز المشروع. ومن تلك المستجدات زيادة أو خفض أسعار تكلفة عملية الإنجاز ومنها سعر الوقود. أرضية لفت بالحصا إلى أن تحديد سعر الوقود شهرياً مهم جدا لأنه يوفر أرضية مثالية لتطبيق عقود الفيدك العالمية لأنه لن يترك أمام مالك المشروع والمقاول غير خيار واحد هو خفض بند تكلفة الوقود أو زيادتها من التكلفة الإجمالية حسب السعر السائد وقت تنفيذ عمليات إنجاز المشروع. أوضح بالحصا أن قطاع الإنشاءات من بين أكثر القطاعات الاقتصادية استفادة من السعر الجديد، لاسيما وأن القرار يأتي على خلفية الدراسة التي قامت بها وزارة الطاقة في الدولة مقارنة بالأسعار العالمية للمشتقات البترولية، والتي أثمرت عن قناعة تامة من انخفاض أسعار بيع الديزل عن مستوياتها الحالية. محفّز ووصف الانخفاض في سعر الديزل بالعامل الإيجابي والمحفز للاقتصاد الوطني نتيجة لارتباط الديزل بالعمليات التشغيلية في مجموعة كبيرة من القطاعات الحيوية في الدولة وفي مقدمتها الإنشاءات والصناعة، والنقل، والشحن، وهو ما يعني مكاسب وربحية لتلك القطاعات بسبب المحصلة النهائية لانخفاض الفاتورة التشغيلية لمختلف الشركات في تلك القطاعات. وقال بالحصا إن انتعاشاً أكبر ينتظر صناعة الإنشاءات عشية تطبيق قرار تحرير أسعار الوقود الذي أثمر أمس عن خفض سعر بيع لتر الديزل بنسبة 29% إلى 2.05 درهم نزولا من 2.90 درهم ( يوفر 85 فلسا لكل لتر). وعدّ رجال أعمال يديرون شركات مقاولات في دولة الإمارات السعر الجديد فاتحا لشهية صناعة البناء والتشييد على مشاريع أكبر في المستقبل القريب. وقال رئيس جمعية المقاولين بالدولة، إن أسعار المحروقات مرتبطة إلى حد كبير بكلفة البناء والتشييد. لذلك فإن انخفاض السعر على خلفية تحرير أسعار الوقود هو بالتأكيد دعم كبير يتلقاه قطاع الإنشاءات والعامل المهم في نمو الشركات العاملة في صناعة البناء والتشييد. دعم الإنشاءات وأشار إلى أن خفض سعر الديزل يدعم بقوة نمو قطاع الإنشاءات وسيؤدي تراجع أسعار الديزل إلى تخفيف العبء على سلسلة طويلة من المستهلكين وتبدأ بالمقاول (وتحديداً شركات المقاولات الصغيرة) الذي سيخفض تكاليف التنفيذ ومن ثم مطوري العقار بتخفيض أسعار البيع أو الإيجار ولو بنسب متواضعة، لكنها بالتأكيد ستقلل من حجم الضغوط المالية التي يتعرض لها. وسيشكل تخفيض أسعار الديزل خطوة إيجابية في اتجاه تخفيض تكاليف العديد من الصناعات التي يدخل الديزل فيها كوقود، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الكثير من الصناعات وتكاليف الحياة المعيشية في الدولة.