بعد مرور أقل من يوم على خطاب الرئيس بشار الأسد، صعدت قواته الهجوم على منطقة جوبر المتصلة بشرق العاصمة، على نحو غير مسبوق، كما دك الطيران الحربي مدينة دوما وعدة بلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، فيما عادت قذائف الهاون لتتساقط على أنحاء متفرقة من مدينة دمشق. وأثار الأسد استهجان غالبية السوريين بالطرح الذي قدمه في خطابه يوم الأحد الماضي أمام رؤساء النقابات والمنظمات المهنية والشعبية، حيث أكد أن الوطن ليس لمن يسكنه ويحمل جنسيته؛ بل للذي يدافع عنه، في الوقت الذي أشاد فيه بمشاركة حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في القتال إلى جانبه. كما وصفت وسائل إعلام معارضة خطاب الأسد بأنه جاء على «غرار خطابات أمراء الحرب»؛ إذ اعترف باضطراره للتخلي عن بعض المناطق من أجل تحصين مناطق أخرى تحت سيطرة قواته. فالخطاب الذي جاء تصعيديا، لا سيما باعتبار الأسد أي حديث عن الحل السياسي كلاما فارغا وأجوف، جاء مقدمة لتصعيد غير مسبوق على جبهة جوبر بريف دمشق، بدأ في الثالثة من فجر أمس بحشد كبير للقوات، والقصف بشكل هستيري بصواريخ أرض – أرض، وصواريخ من طراز «فيل»، بالتزامن مع أكثر من 10 غارات قام بها طيران الـ«ميغ» على الحي. وقال ناشطون في جوبر إن قوات النظام استخدمت البراميل وغاز الكلور في الهجوم على جوبر وزملكا، وتم تسجيل عشرات الإصابات بالاختناق في صفوف المدنيين. كما أفادت مصادر في المشفى الميداني بعين ترما، أن القصف بالغازات السامة استهدف أحياء سكنية، وأن من بين المصابين نساء وأطفال، مشيرة إلى أن المتأثرين بالغازات أصيبوا بضيق تنفس، وحالات تقيؤ، وتضيق في حدقة العين، خصوصا لدى الأطفال. ومع تواصل الاشتباكات العنيفة وأنباء عن سقوط طائرة حربية من طراز «ميغ» كانت تقصف المنطقة، جاء تصعيد قوات النظام ردا على تقدم «فيلق الرحمن» المقاتل في جوبر وسيطرته على وحدة المياه، وأيضا تقدم مقاتلي «جيش الإسلام» وسيطرتهم على مقر الشركة الخماسية شرق دمشق. ودارت اشتباكات عنيفة على أطراف المنطقة في محاولة من قوات النظام لاقتحامها بالترافق مع قصف جوي عنيف شمل مدينة دوما، وأسفر عن سقوط ستة قتلى على الأقل، وعدد من الجرحى. ودمار كبير في المباني. وفي دمشق، استيقظ السكان على دوي سقوط قذائف الهاون، حيث قتل شخص وأصيب أكثر من أربعة عشر آخرين في مناطق عدة، وذكر مصدر في قيادة الشرطة لـ«سانا» أن «3 قذائف هاون أطلقها إرهابيو ما يسمى (جيش الإسلام) سقطت على منطقة الزبلطاني السكنية، وتسببت بـ(استشهاد) شخص وإصابة 13 آخرين بجروح متفاوتة وإلحاق أضرار مادية بـ3 سيارات». وأضاف المصدر أن قذيفة هاون سقطت في محيط فندق «شيراتون دمشق»، أسفرت عن إصابة عامل تنظيفات بجروح، في حين خلفت قذيفة أخرى سقطت على حي باب توما أضرارًا مادية بأحد المنازل. كما أفادت قناة «إل بي سي» التلفزيونية اللبنانية، أن مراسلها في سوريا قتل بينما كان يغطي القتال الدائر في العاصمة دمشق. وذكرت القناة، أن المواطن السوري ثائر العجلاني، قتل خلال تغطيته المعارك في حي جوبر أمس الاثنين. فيما ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن العجلاني عمل أيضا لحساب إذاعة «شام إف إم» ومقرها دمشق. من جانبها، ذكرت وسائل إعلام معارضة أن العجلاني كان رئيس مركز الإعلام في «ميليشيا الدفاع» المساندة لقوات النظام بدمشق، وقد قتل مع ثلاثة آخرين من قوات النظام بينهم ضابطان، جراء استهدافهم في حي جوبر. مع الإشارة إلى أن العجلاني كان يرافق بشكل مستمر قوات النظام وميليشيا الدفاع وعناصر حزب الله في معاركهم. وأفاد مراسل «الدرر الشامية» بمقتل قائد الحملة التابعة لنظام الأسد على حي جوبر الدمشقي خلال المعارك التي اندلعت في ساعات متأخرة من ليلة أول من أمس، واستمرت حتى الصباح. وقال إن قائد الحملة هو الرائد حسن قنطار، وهو مكلف باستعادة عدد من النقاط التي خسرها نظام الأسد خلال الأسابيع الماضية في الحي.