سألت أحد أمناء المحافظات ذات يوم عن سبب عدم صمود الاسفلت أعواما عديدة وأزمنة مديدة!، كما كان عليه الحال من قبل، حيث كنا لا نرى إعادة لسفلتة شارع إلا بعد مرور عقد أو عقدين على سفلتته السابقة، وهل دخلت عملية الغش حتى في «الزفت» !، ففسر لي ما حصل ويحصل خلال الأعوام الأخيرة بأن معظم المدن والمحافظات قد اتسعت مساحاتها وأصبح عدد أمتار شوارعها الداخلية التي تتبع في صيانتها الأمانات والبلديات بمئات الملايين من الأمتار وأنه لا مقارنة بين ما كان يسفلت من شوارع في المدن والمحافظات من حيث المساحة والعدد وبين ما هو موجود حاليا ولذلك فإن الأمانات والبلديات عندما ترفع إلى مراجعها بطلب ميزانية إعادة سفلتة بعض شوارعها الداخلية المتآكلة وتحدد عدد الأمتار المربعة المراد إعادة سفلتتها حسب المواصفات العالمية للسفلتة وهي أن يكون سمك طبقة الإسفلت خمسة عشر سنتيمترا فإن المبالغ المعتمدة غالبا لا تغطي الأمتار المربعة المتآكلة في حالة قسمة المبالغ على عدد الأمتار، فتجد الأمانة أو البلدية نفسها أمام خيارين أحلاهما مـر.. إما أن توزع المبلغ المعتمد على بعض الشوارع وتهمل الأخرى لكي تضمن تنفيذ سفلتة بمواصفات عالمية وبسمك لا يقل عن خمسة عشر سم مكعبا وفي هذه الحالة لا يغطي المبلغ ثلث مساحة الشوارع المحتاجة للصيانة وإما أن تجعل مواصفات السفلتة أقل مما هو موجود عالميا فتقبل بسمك لا يزيد على خمسة سم مكعب للإسفلت المراد فرشه في الشوارع المعدومة العافية لكي تغطي أكبر مساحة من تلك الشوارع، وفي هذه الحالة فإن طبقة الإسفلت الرقيقة نسبيا لن تصمد كثيرا وتحتاج إلى صيانة بعد سنوات قليلة ولذلك اعتبرت معظم البلديات والأمانات معظم ما نفذته من مشاريع سفلتة في شوارع المدن والمحافظات عبارة عن سفلتة «مؤقتة» لأنها كذلك فعلا ، فهل تلام البلديات والأمانات على اجتهادها وتدابيرها لتغطية أكبر مساحة من الشوارع المبهدلة بالمبلغ المحدود للصيانة أم أن اللوم يقع على جهات أخرى لم تعتمد المبالغ الكافية لتنفيذ الصيانة بمواصفات عالمية، وفي جميع الأحوال ما هو ذنب سياراتنا التي لا تخرج من مطب إلا لتقع في مطب حتى أصبحت مثل أبي كتب الذي يسمى بالفصحى بالرجل الأحدب؟! وقد قيل في المثل الشعبي « من تـرخص .. تـنـغص » !!.