×
محافظة المنطقة الشرقية

لعب لشباب البسيتين.. وعشــق وأخلص للمحــرق

صورة الخبر

«اربطوا غنمتكم، تيسنا ما يجيكم»، لم أجد في حياتي أسخف أو أشد سماجة ممن يتمثل بهذا القول ليبرر تحرشه بامرأة، ذاك أنه يهبط بنفسه إلى مستوى الحيوان حين يجعل قدوته التيس، وينتظر من الآخرين أن يتعاملوا معه كما يتعاملون مع حيوان حقير! في حادثة التحرش الجماعية التي وقعت يوم العيد لفتاتين كانتا تتنزهان على كورنيش جدة، ظهر بين الناس من يلوم الفتاتين متعاطفا مع المتحرشين، باعتبار أنهم كانوا ضحية للفتاتين اللتين جاءتا إلى مكان مملوء بالشباب وبدون محرم (يحرسهما)، فافتتن بهما الشباب. كل من يبرر للمتحرش فعلته بأنه تعرض للإغراء فانساق وراء أهوائه، يضع المتحرش ضمن فصيلة الحيوانات التي ليس لها عقل يرشدها، وليس لها إرادة تكبح غريزتها وتضبط سلوكها، فأبسط ما يقال للمتحرش الذي يدعي أنه تعرض للإغراء فلم يستطع التحكم في غرائزه: لِم لم يغض بصره؟ وقد كان بإمكانه أن يفعل فيحمي نفسه من التعرض للإغراء الذي يدعيه؟ التعرض للإغراء أمر محتمل وقوعه في أي مكان وفي أي وقت، لا يمكن للإنسان أن ينجو منه، لكن الواجب حماية النفس بغض البصر، ولو كانت الحياة خلوا من المغريات والمثيرات للشهوات لما أمر الله ــ سبحانه ــ عباده بغض البصر نساء ورجالا على السواء. لا أدري، لِم يبادر بعضنا إلى التماس العذر للمتحرشين بأنهم وقعوا تحت تأثير فتنة النساء لهم بالزينة والعطر والتبرج، ونظل نردد ذلك المثل السخيف الذي يبقي المتحرشين ضمن الدائرة الحيوانية، فيكون التماس ذلك العذر لهم مخزيا؛ لأنه يجردهم من أسمى الصفات التي يتميز بها الإنسان: العقل والإرادة. إن القول بأن الإنسان متى تعرض للإغراء انهار وضعف ووقع بلا وعي منه في الإثم، وأن الواجب إزاحة كل المغريات عن طريقه لضمان استقامة سلوكه، هو قول غير واقعي يتنافى مع طبيعة الحياة، ومن أراد أن يتأكد من ذلك، فليجرب تعميم هذا القول على الأشياء الأخرى، مثلا هل يصح تبرير السطو على محلات المجوهرات بأن اللصوص لم يستطيعوا مقاومة إغراء بريق الألماس وهو يتلألأ أمام أعينهم؟ أو تبرير السطو على البنوك وعلى مكائن الصراف بأن وجود المال داخلها يحرك غريزة حب امتلاك المال في صدور المارة؟ أو تبرير خطف الأطفال بأن الخاطفين محرومون من الإنجاب ورؤية الأطفال أثارت غريزة الأبوة داخلهم؟ وقس على ذلك. إن تعميم أي فكرة يجعلنا نستطيع الحكم عليها بطريقة أفضل، وإذا كنا لا نستسيغ أن نبرر للمجرمين إجرامهم بوقوعهم تحت تأثير إغراءات معينة، فإن هذا يدل على أن تبرير التحرش بوقوع المتحرش تحت تأثير إغراء النساء، هو تبرير باطل.