أظهر تقرير أعدته إرنست ويونغ (EY) بعنوان: «كيف تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي ردم فجوة الخبرات؟»، وجود صعوبة لدى شركات القطاع الخاص في استبقاء الموظفين المواطنين، وذلك بسبب ارتفاع توقعاتهم في الرواتب، ويعتقد أصحاب العمل بوجود عدد من التحديات التي تواجههم لتوظيف المواطنين في القطاع الخاص، ومن أبرزها الافتقار إلى الخبرة في العمل (53 في المئة)، وضعف مهارات التواصل (36 في المئة)، وقلة المهارات والمؤهلات المطلوبة (22 في المئة). ويشعر ثلاثة أرباع أصحاب العمل في دول المجلس يشعرون بعدم وجود الفهم الكافي لدى المؤسسات التعليمية عن الخبرات المطلوبة في القطاع الخاص. ويشير التقرير إلى أن الأولويات الثلاث المهمة للطلاب من دول مجلس التعاون الخليجي عند التقدم إلى وظيفة ما، هي: الراتب والأمان الوظيفي، والتوازن بين متطلبات العمل والحياة الشخصية. ويضع ما يقارب ثلاثة أرباع الطلاب في دول مجلس التعاون الخليجي الراتب على قائمة أولوياتهم كأحد أهم مقومات العمل، فيما يعتبر 59 في المئة من الطلاب أن الأمان الوظيفي من أبرز الأولويات. هذا وتم تصميم استطلاع الرأي الذي شمل طلاباً وأصحاب عمل شركات خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي بهدف تحديد التحديات الرئيسية التي تواجهها الشركات لتوظيف واستبقاء المواطنين، بالإضافة إلى آراء الشباب حول التوظيف. وتشير النتائج إلى وجود فجوة بين توقعات الطرفين. وقال غيرارد غالاغر، الشريك المسئول عن خدمات الاستشارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في EY: «على رغم الجهود المبذولة في منطقة الخليج لتحسين أنظمة ومناهج التعليم، إلا أن هناك فجوة بين احتياجات القطاع الخاص وتوقعات الشباب، بما يؤدي إلى صعوبة في تحسين النتائج. وتجد الشركات صعوبة في البحث عن أصحاب العمل بشكل حثيث للبحث عن أصحاب مهارات ملائمة لأعمالهم، وخصوصاً في المناصب الابتدائية. بينما لا تبدو الصورة واضحة بالنسبة للطلاب في المدارس والجامعات والكليات إزاء طريقة دخولهم إلى سوق العمل وكيفية وبناء مسيرة مهنية طويلة الأمد، كما أن الأساتذة غير مطلعين بالشكل الكافي على احتياجات سوق العمل، وأهمية إدراج هذا الموضوع في المناهج التعليمية التي يقدمونها للطلاب». الحاجة لتوظيف المواطنين في القطاع الخاص يشكّل المواطنون في الإمارات العربية المتحدة وقطر 1 في المئة فقط من القوى العاملة في القطاع الخاص. في حين تصل نسبة عدد المواطنين إلى 18 في المئة في المملكة العربية السعودية وهي الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي. ويقول ويل كوبر، شريك ورئيس البنى التحتية الاجتماعية الحكومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في EY: «هناك حاجة ملحة لتوظيف المزيد من المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي في القطاع الخاص. فالنموذج القديم لتوظيف المواطنين في وظائف حكومية عالية الراتب لم يعد خياراً مستداماً، حيث أصبحت الموازنات مقيدة، بما يشكل ضغطاً على الشركات الحكومية لتصبح أكثر كفاءة. وذلك بالإضافة إلى تأثيره السلبي على القطاع الخاص أيضاً والذي يعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة». وفي حال رغبت دول مجلس التعاون الخليجي بمواكبة العدد المتزايد من الشباب المواطنين الذين يدخلون سوق العمل وضمان محافظتها في الوقت نفسه على تنافسيتها، فإن هذه الدول تحتاج إلى خلق المزيد من فرص العمل في القطاع الخاص، ولكن ينبغي عليها أيضاً، وبالأهمية نفسها، التأكد من أن مواطنيها يمتلكون الرغبة والكفاءة اللازمتين لشغل هذه الوظائف. ازدياد عمق فجوة الخبرات يعد ازدياد عمق فجوة الخبرات في دول مجلس التعاون الخليجي أمراً ملحّاً لسببين رئيسيين، أولهما أن مستوى البطالة بين الشباب مرتفع بالفعل، وثانيهما أن الحوافز الاجتماعية والمالية المتاحة أمام المواطنين لتولي وظائف آمنة وذات دخل عالٍ في القطاع العام قللت من رغبة الشباب في تطوير المهارات التي تناسب الوظائف في القطاع الخاص والخبرات الضرورية التي تمكّنهم من تطوير أنفسهم. كما أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته EY وشمل طلاباً وشركات خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، تفضيل الطلاب في هذه الدول، باستثناء البحرين، لتولي وظائف في القطاع العام. وأضاف غيرارد: «ينبغي تغيير طريقة التفكير هذه للحد من معدلات البطالة المتزايدة على المدى المتوسط والطويل، وتمكين تنويع الاقتصاد بشكل ناجح، وتقليل اعتماده على عائدات النفط والغاز. وتتجلى الأولوية الآن في تهيئة الشباب وتزويدهم بالمهارات المطلوبة من سوق العمل قبل أن يبدأوا البحث عن وظيفة، وبما فيه ضمان التوافق بين التعليم والتدريب واحتياجات الشركات». أربعة عوامل أساسية للنجاح في ردم فجوة الخبرات هناك أربعة مجالات أساسية يمكن أن يتعاون فيها القطاع الخاص والنظام التعليمي والحكومات لردم الفجوة بين احتياجات الاقتصاد المتغير والمهارات والسلوكيات التي يتعلمها الطلاب حالياً، وهي: التوافق بين المناهج التعليمية واحتياجات أصحاب العمل، وتقديم المعلومات حول المِهن المتوافرة، وتطوير القوى العاملة من خلال الخبرات والتدريب، وتشجيع ثقافة التوظيف والابتكار وريادة الأعمال. وينبغي على القطاع الخاص التوجه إلى المدارس والكليات والجامعات ومخاطبة الطلاب بشكل مباشر، وتزوديهم بالمشورة الضرورية، وعقد الشراكات اللازمة للمساعدة في تطوير مناهج دراسية وبرامج تقدم خبرة العمل. وأضاف ويل: «يمكن للحكومات تحويل النمو الكبير في أعداد الشباب إلى فرصة ديمغرافية من خلال التعاون بين القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والمستثمرين وأصحاب العمل والشباب. وقد بدأت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بمعالجة التحديات المتعلقة بالمهارات، والاستثمار في تعليم العدد المتزايد من مواطنيها الشباب، ولكن هناك الآن حاجة ملحة لتركيز الإنفاق على مبادرات من شأنها التوفيق بين توقعات الشباب واحتياجات أصحاب العمل المتزايدة بشكل سريع. وينبغي على قطاع التعليم تعديل المناهج الدراسية، وتطوير توازنٍ بين المهارات العملية والفهم الأكاديمي المرتبط بسوق العمل الحالية والمستقبلية، ودمج خبرات العمل ضمن البرامج التعليمية. وتضمن هذه المقاربة تزويد القوى العاملة المستقبلية بالمهارات الضرورية للتوظيف».