ظهرت مؤخراً ظاهرة سفر المرأة مع صديقاتها، وبدون الزوج، ففي السابق كان الرجل يفضل السفر مع أصدقائه حتى مع وجود زوجته وأبنائه، فيصر على أن ينطلق مع أصحابه في محاولة لإقناع زوجته بالسماح له بالسفر مع إطلاق الوعود والعهود بأن تكون السفرة المقبلة معها ومع الأبناء، فتحاول الزوجة أن تتقبل ذلك بروح رياضية وتترك زوجها يمضي في سفرة جميلة مع الأصحاب. ويبدو أن الوضع تغير لدى بعض المحيطات الأسرية والتي أصبحت تسمح للمرأة بالسفر مع صديقاتها بمفردهن، ليعشن تلك الحرية التي يعيشها الرجل حينما يسافر مع أصدقائه، وعلى الرغم من حقيقة كون هذه الحالات من السفر لسيدات مع صديقاتهن غير منتشرة ومقبولة في غالبية الأسر السعودية إلاّ أنها أصبحت موجودة خاصةً في نطاق المحيط الزوجي، فالرجل حينما يكون مشغولا أو في حالة سفر دائم فإنه يسمح للزوجة بأن تسافر مع صديقاتها حتى تعيش أجواء إجازتها بمتعة وسعادة، فهل يعني السماح للمرأة بالسفر مع صديقاتها تغيرا في التفكير الشرقي، وهل تغيرت نظرة المجتمع نحو مفهوم حرية وحقوق المرأة حتى أصبح - لدى بعض الأسر - تقبل لفكرة سفر المرأة مع صديقاتها بعد أن كان ذلك مرفوضاً ومُنتقداً اجتماعياً خاصةً في محيط الأسرة؟ ويبدو أن ذلك التحول أصبح موجوداً في نطاقات محدودة، إلاّ أن الرجل سواء كان زوجا أو أبا بدأ يفكر بطريقة مختلفة لمفهوم الوصاية والولاية على الفتاة، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، فالمرأة أصبح يحق لها السفر للاستجمام مع صديقاتها كما يفعل الرجل، خاصةً حينما تتمتع المرأة بصفات عمرية وإمكانات مادية تؤهلها للسفر، كونها موظفة قادرة على الصرف المادي، وفي سن يمكنها من الاعتماد على نفسها وإن كانت مازالت شابة. أكثر ثقة وقالت مشاعل سعد: إن تطلعات المرأة اتسعت أكثر من قبل وأصبحت أكثر ثقة من ذي قبل بنفسها، فالبعض من النساء أصبحن يطالبن أسرهن بالسماح لهن بالسفر مع صديقاتهن من منطلق الثقة بها، وبدأت القصة حينما كانت المرأة تطالب بالسماح لها قبل عشرات السنوات بالخروج مع صديقاتها في رحلة قصيرة مدتها يوم كامل، فتخرج في شاليه على البحر، أو في استراحة آمنة، وتعيش تلك الأجواء الجميلة مع صديقاتها حتى تطورت الأمور وأصبحت المرأة تتطلع إلى السفر مع الصديقات في رحلة سفر إلى خارج المملكة أو داخلها قد تتجاوز الأسبوع، مضيفةً أن هناك من السيدات من استطعن أن يحرزن نجاحاً في إقناع الزوج أو الأهل بذلك من منطلق الفكرة وعشن أجواء ذلك السفر، مبينةً أنه ليس من الخطأ أن تسافر المرأة كما الرجل وأن تستمتع بإجازتها برفقة صديقاتها، ولكن المشكلة حينما يتعرضن هؤلاء السيدات لأي مشكلة مع غياب الرجل في تلك الرحلة، مشيرةً إلى أنه مازال الكثير من الأسر تصر على وضع الحدود للمرأة في ذهابها وإيابها، ومازال الكثير يرفض تلك الحرية الكبيرة وينظر إليها على أنها تمرد غير مقبول وسلوك غير مرض حتى مع وجود بعض تلك الحالات. تغير المجتمع وأوضحت رهان السعد أن للمرأة الحق في أن تعيش أوقاتا تسعدها برفقة صديقاتها بالشكل الذي تراه مناسباً، خاصةً مع تغير المجتمع الذي لم يعد ينظر لتحركات المرحلة وتنقلاتها كما في السابق، فالمرأة أصبحت الآن تسافر بمفردها للدراسة خارج المملكة، وأصبحت تسافر من أجل أن تنهي أعمالا متعلقة بوظيفتها خاصةً في محيط التوظيف الأهلي، والمرأة أصبحت تسافر للمشاركة في مهرجانات ومؤتمرات ومعارض، مضيفةً أن سفر المرأة في حد ذاته ليس المشكلة سواء كان برفقة صديقاتها أو بمفردها فهو في آخر المطاف سفر، إلاّ أن المشكلة في نظرة البعض لسفر المرأة على وجه العموم بمفردها، فقضية "المحرم" مازالت موجودة وتفرض نفسها، على الرغم من أن هناك بعض السيدات لم يعدن بحاجة إلى تلك الوصاية، خاصةً حينما تتجاوز سن الأربعين وهو سن النضج والأهلية الكاملة، ففي هذا العمر قد تكون المرأة أما لأبناء كبار وقد تكون مسؤولة في وظيفتها ولها مكانتها، مُتمنيةً احترام حرية المرأة بوصولها لهذا السن، سواء اختارت أن تسافر مع صديقاتها أو بمفردها. خروج عن المألوف ورفضت أحلام يوسف سفر المرأة مع صديقاتها، حيث تعد ذلك تعديا على التقاليد المعروفة وخروجا عن المألوف، فبعيداً عن موضوع التغير الذي أصبح في المجتمع والنظرة للمرأة إلاّ أن ذلك مرفوض من عدة جهات أهمها أن المرأة مهما كانت أهليتها ومهما وصلت من مكانة فتبقى امرأة تحتاج إلى وجود رجل برفقتها، فذلك يقدم لها الكثير من سبل الأمان، مضيفةً أن المرأة حينما تسافر مع زوجها فإنها تشعر بالكثير من القلق في تحركاتها خاصةً في دولة لا تدين بالدين الاسلامي، فيكون الزوج حذرا في تنقلاته واختياراته حينما تكون أسرته برفقته، فكيف حينما تسافر المرأة بمفردها مع مجموعة من الصديقات خاصةً حينما تكون في مرحلة عمرية مازالت فيها شابة، متأسفةً أنه يحاول بعض الأزواج أن يقدموا لزوجاتهم مساحة من الحرية تستطيع فيها التحرك والسفر بمفردها، لكن لذلك ضريبة، مُشددةً على أهمية مراعاة الزوج وتفهمه واستعداده سواء اتفقا مع السفر أو اختلفنا معه. إعادة النظر وذكرت أنوار فهد أن المجتمع الآن تخطى نظرته السابقة للمرأة وأصبح يحترمها كإنسانة، والشاهد على ذلك ما وصلت إليه من مناصب، والثقة التي تقدم لها من أسرتها أولاً ومن محيط مجتمعها حينما يسمح لها بالسفر لإكمال تعليمها، مضيفةً أن المرأة لم تعد تقابل تلك المشكلة، مضيفةً أنه إذا ما وجد من ينتقد سفر المرأة مع صديقاتها يجب أن يعيد النظر في نظرته للمرأة، فكما الرجل يملك الحق في السفر برفقة أصدقائه كذلك يحق للمرأة أن تسافر برفقة صديقاتها، مشيرة إلى أن المجتمع لا ينتقد سفر المرأة مع أقاربها من السيدات خاصةً حينما تكون داخل المملكة، متسائلةً لماذا ينتقد حينما تسافر مع صديقاتها؟ فليس هناك فرق كبير، فالجميع سيدات ويحق لهن ما يحق للرجل، خاصةً حينما تكون المرأة مؤهلة من ناحية السن والوضع الاجتماعي. إثبات الاستقلالية وتحدث د. جبرين الجبرين - أستاذ مشارك بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود - قائلاً: إن سفر المرأة مع صديقاتها أو حتى سفرها بمفردها يجب أن لا يلفت الانتباه وأن يتم التعاطي معه بشكل اعتيادي، فأين المشكلة؟، فيحق للمرأة ذلك، وحينما نقول المرأة فنحن نقصد المرأة البالغة المكلفة فإنه يحق لها السفر مع صديقاتها، وقد يكون المبرر وراء ذلك هو الرغبة في إثبات الاستقلالية والاعتماد على النفس، إلاّ أنه ما يجب مناقشته بذلك الخصوص هو الوضع الاجتماعي للمرأة، هل هذه المرأة الراغبة في السفر لها أسرة ولديها زوج وأطفال؟ وهنا قد ندخل في مشكلة اجتماعية تتمثل في هروب المرأة من واجباتها وإهمال منزلها وزوجها وأسرتها، مضيفاً أن تلك المرأة لن تسافر إلاّ بموافقة زوجها ونفترض هنا عدم وجود مشكلة أسرية مترتبة على سفرها بمفردها أو مع صديقاتها، مبيناً أن الحالة الثانية تتمثل في كون المرأة غير متزوجة وهنا يكون سفر المرأة ربما بغير وجود المحرم فتضطر هنا أن تسافر مع صديقاتها، وربما يكون سفر المرأة مع صديقاتها أحد شروط الأسرة أو ولي الأمر في السماح للمرأة بالسفر، مشيراً إلى أن معظم الحالات تدخل ضمن هذا السبب، لذلك فإن سفر المرأة مع صديقاتها لا يعتبر مشكلة خاصةً حينما تحصل على موافقة الولي سواء كان زوجا أو أبا.