×
محافظة المنطقة الشرقية

إسهامات المحسنين تصل بإيرادات «خيرية الشارقة» إلى 83 مليون درهم

صورة الخبر

محمود حمدي زقزوق* ‬يثير بعض الغربيين من كتّاب ومستشرقين وباحثين موقف الإسلام من المرأة،‮ ‬حيث‮ ‬يرى هؤلاء أن المرأة في‮ ‬ظل شريعة الإسلام لم تحصل على حقوقها كاملة وأن المرأة الغربية مميزة عنها،‮ ‬والواقع أن هذا الكلام لا‮ ‬يستند إلى أدلة وبراهين،‮ ‬ويؤكد جهل من‮ ‬يردده بالإسلام وشريعته ومنهجه في‮ ‬الحياة،‮ ‬فالإسلام انتشل المرأة من الأوضاع السيئة التي‮ ‬كانت تعيشها في‮ ‬الجاهلية. وهو الذي‮ ‬أرسى مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة،‮ ‬والرسول صلى الله عليه وسلم وصف العلاقة بين الرجل والمرأة بقوله‮: ‬النساء شقائق الرجال لهن مثل الذي‮ ‬عليهن بالمعروف‮ ‬والوصف بكلمة‮ ‬شقائق‮ ‬يوضح لنا المساواة والندية،‮ ‬والرجال والنساء أمام الله سواء لا فرق بينهما،‮ ‬إلا في‮ ‬العمل الصالح الذي‮ ‬يقدمه كل منهما،‮ ‬كما‮ ‬يشير القرآن الكريم إلى ذلك‮: ‬من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا‮ ‬يعملون‮.‬ والعديد من النصوص القرآنية والنبوية تؤكد كفالة الإسلام لكل حقوق المرأة، وتؤكد أن الإسلام وفر للمرأة المسلمة كياناً اجتماعياً لا تحظى به المرأة الغربية. وإذا كان البعض‮ ‬يرى أن المرأة المسلمة لا تحظى داخل مجتمعاتها العربية والإسلامية بالحقوق الشرعية التي‮ ‬كفلها لها الإسلام،‮ ‬وتعاني‮ ‬معظم نسائنا ظلم الرجال،‮ ‬فهذه قضية أخرى،‮ ‬ويجب أن نفرق بين ما جاء به الإسلام من تشريعات عادلة تنظم علاقة المرأة بكل المحيطين بها من أب وأم وأخوة وزوج وأولاد وغيرهم،‮ ‬وما تعاني‮ه المرأة الآن بسبب جهل الرجال بحقوق زوجاتهم الشرعية أو بسبب العادات والتقاليد المتوارثة التي‮ ‬تحرم المرأة من معظم حقوقها الشرعية،‮ ‬ومشكلة الغربيين أو خصوم الإسلام عموماً أنهم‮ ‬يحكمون على الإسلام من خلال السلوكيات الخاطئة لبعض المسلمين،‮ ‬وهذا خلط أحيانا‮ً ‬يكون متعمداً بقصد الإساءة للإسلام،‮ ‬وأحياناً‮ ‬يكون عن جهل.‬ وزعم البعض يرى أن المرأة في‮ ‬ظل شريعة الإسلام لا تحظى بحرية واستقلالية مثل المرأة الغربية،‮ ‬فهي‮ ‬دائماً تابعة للرجل،‮ ‬في‮ ‬بيت أسرتها تابعة لوليها الذي‮ ‬هو في‮ ‬الأغلب أبوها،‮ ‬ففي ‬بيت زوجها تعيش في‮ ‬ظل سيطرة زوج‮ ‬يحدد لها المباح والمحظور‮.. ‬هذا الكلام‮ ‬يؤكد أيضاً الجهل بشريعة الإسلام،‮ ‬وهو امتداد للخلط الفاضح بين تشريعات الإسلام وعادات وتقاليد تسيطر على عقول بعض الرجال في‮ ‬مجتمعاتنا.. ‬فكل من اطلع على شريعة الإسلام بعقلية متجردة عن الهوى‮ ‬يدرك أنها أعطت للمرأة استقلالها التام عن الرجل من الناحية الاقتصادية،‮ ‬فلها مطلق الحرية في‮ ‬التصرف فيما تملك بالبيع والشراء والهبة والاستثمار‮.. ‬الخ،‮ ‬من دون إذن من الرجل ما دامت لها أهلية التصرف،‮ ‬وليس لزوجها ولا لغيره من أقاربها من الرجال أن‮ ‬يأخذ من مالها شيئاً إلا بإذنها‮.. ‬ومن الناحية المدنية والعلاقة الإنسانية لا‮ ‬يجوز للرجل حتى ولو كان الأب، أن‮ ‬يجبر ابنته على الزواج من رجل لا تحبه،‮ ‬فالزواج لا بد أن‮ ‬يكون بموافقتها وبرضاها‮.‬ أيضاً‮.. ‬جعل الإسلام أمر الأسرة شورى بين الزوجين،‮ ‬فالمرأة شريكة للرجل في‮ ‬الأسرة وفي‮ ‬تربية الأطفال،‮ ‬وقد حمّل النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم كلاً من الرجل والمرأة هذه المسؤولية المشتركة عندما قال‮: ‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته،‮ ‬فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته،‮ ‬والمرأة راعية في‮ ‬بيت زوجها وهي‮ ‬مسؤولة عن رعيتها‮.. ‬وإسناد المسؤولية هنا للمرأة‮ ‬ينفي‮ ‬تماماً تهمة تبعية المرأة الدائمة للرجل،‮ ‬فليست هناك مسؤولية من دون حرية،‮ ‬والحرية لا تتفق مع التبعية‮.‬ وقضية الفرق بين الرجل والمرأة في‮ ‬الميراث والشهادة،‮ ‬وغيرهما من القضايا التي‮ ‬يستغلها الغربيون للطعن في‮ ‬الإسلام والتشكيك في‮ ‬مصداقية شريعته،‮ ‬وواجبنا في‮ ‬كل الأحوال أن نشرح لهم ونوضح فلسفة الإسلام في‮ ‬جعل ميراث الرجل أحياناً ضعف ميراث المرأة ومن جعل شهادة الرجل في‮ ‬بعض الأمور تعادل شهادة امرأتين‮. ‬وما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نشير إليه هنا أن الكثيرين من كتاب ومفكري‮ ‬الغرب المنصفين‮ ‬يدركون عظمة التشريع الإسلامي‮ ‬في‮ ‬هذه الفوارق البسيطة ويؤكدون أنها لا تنتقص من حقوق المرأة ولا تمثل إهانة لها،‮ ‬ولو فهم الغربيون المقاصد الشرعية من تمييز الرجل في‮ ‬بعض الأمور لأدركوا أن ذلك‮ ‬يصب في‮ ‬النهاية في‮ ‬مصلحة المرأة،‮ ‬ففي‮ ‬مقابل ذلك حمّل الإسلام الرجل مسؤوليات كبيرة وخطرة وألزمه بالتزامات لا تقدر على تحملها أشجع النساء وأكثرهن قدرة على الصمود‮.‬ والإسلام لم‮ ‬يحرم المرأة من المناصب القيادية،‮ ‬وهناك بلاد إسلامية كثيرة تولّت المرأة قيادتها وقيادة وزارات فيها وتحملت مسؤوليات،‮ ‬والإسلام لا‮ ‬يحرم المرأة من تولي‮ ‬مناصب عليا في‮ ‬الدولة،‮ ‬فلها أن تشغل من المناصب ما‮ ‬يتلاءم مع طبيعتها ومع خبراتها وكفاءتها ومؤهلاتها. *عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر