×
محافظة المنطقة الشرقية

تمشيط شواطئ «مرباط» جواًوبحراًوبراًبحثاً عن عبدالله ومنصور

صورة الخبر

‮‬وقال ربكم ادعوني‮ ‬أستجب لكم‮ (‬سورة‮ ‬غافر‮: ‬الآية‮ ‬60‮)‬،‮ ‬فالدعاء‮ ‬يصل الخلق بالخالق،‮ ‬ويعبر عن إيمان عميق بأن هناك إلهاً‮ ‬قديراً‮ ‬على كل شيء،‮ ‬بيده الأمر كله،‮ ‬يقدم المساعدة لمن‮ ‬يطلبها وفى أي‮ ‬وقت‮. ‬بابه مفتوح لا‮ ‬يغلق في‮ ‬وجه أحد مهما عظم أو صغر، ‬نلجأ إليه في‮ ‬كل وقت وخصوصاً‮ ‬في‮ ‬الشدة‮، ‬ولكن كيف‮ ‬يكون الدعاء؟ فالدعاء له آداب وشروط حتى‮ ‬يتحقق‮، ‬ولن نجد خيراً‮ ‬من الأدعية التي‮ ‬دعا بها الأنبياء،‮ ‬عليهم السلام ربهم،‮ ‬والتي‮ ‬وردت في‮ ‬القرآن الكريم،‮ ‬وفي‮ ‬صحيح سنة المصطفى،‮ ‬صلى الله عليه وسلم‮. ‬ولقد مرّ الأنبياء بمواقف صعبة لم‮ ‬ينقذهم منها إلا صدق دعائهم،‮ ‬حيث كانت لهم في‮ ‬هذه المواقف أنبل الكلمات وأجمل الألفاظ التي‮ ‬تجسّد حسن التوسل ومناجاة الله وحده،‮ ‬ومن خلال هذه الحلقات نتعرف إلى المواقف التي‮ ‬تعرض لها الأنبياء الكرام وإلى الأدعية التي‮ ‬دعوا بها ونتعلم كيف‮ ‬يكون الدعاء‮.‬ ‬قال الله تعالى‮: وَلَقَدْ‮ ‬نَصَرَكُمُ‮ ‬اللَّهُ‮ ‬بِبَدْرٍ‮ ‬وَأَنْتُمْ‮ ‬أَذِلَّةٌ‮ ‬فَاتَّقُوا اللَّهَ‮ ‬لَعَلَّكُمْ‮ ‬تَشْكُرُونَ‮، (آل عمران‮: ‬123) ‮ ‬تعد‮ ‬غزوة بدر الكبرى أول معركة في‮ ‬الإسلام قامت بين الحق والباطل،‮ ‬ولذلك سميت‮ ‬يوم الفرقان،‮ ‬وعلى الرغم من أن الفارق العددي بين الفريقين‮ ‬يرجح كفة المشركين،‮ ‬إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب الدنيوية وأعد عدته للحرب وركن إلى ركن رب العالمين،‮ ‬فكان شديد التضرع والدعاء متوسلاً ملحاً مستمداً النصر من الله‮.. ‬ قافلة عظيمة ‮ ‬يقول ابن كثير في كتابه البداية والنهاية‮، ‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي‮ ‬سفيان صخر بن حرب مقبلاً من الشام في‮ ‬عير لقريش عظيمة فيها أموال وتجارة،‮ ‬وفيها ثلاثون رجلا‮ً أو أربعون‮ منهم‮: ‬مخرمة بن نوفل،‮ ‬وعمرو بن العاص،‮ ‬وكان في‮ ‬العير ألف بعير تحمل أموال قريش بأسرها إلا حويطب بن عبد العزى فلهذا تخلف عن بدر‮.‬ ‮ ‬ندب المسلمين إليهم وقال‮: ‬هذه عير قريش فيها أموالهم،‮ ‬فاخرجوا إليها لعل الله‮ ‬ينفلكموها‮‬،‮ ‬فانتدب الناس فخفف بعضهم وثقل بعض،‮ ‬وذلك أنهم لم‮ ‬يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ ‬يلقى حرباً،‮ ‬وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز‮ ‬يتجسس من لقي‮ ‬من الركبان تخوفا على أموال الناس حتى أصاب خبراً من بعض الركبان أن محمداً قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك‮.‬‮ ‬فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري‮ ‬فبعثه إلى مكة،‮ ‬وأمره أن‮ ‬يأتي‮ ‬قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم،‮ ‬ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في‮ ‬أصحابه،‮ ‬فخرج ضمضم بن عمرو سريعاً إلى مكة‮.‬ ‮ ‬فتجهز الناس سراعاً،‮ ‬وقالوا‮: ‬أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟‮ ‬كلا والله ليعلمن‮ ‬غير ذلك‮. ‬فكانوا بين رجلين،‮ ‬إما خارج وإما باعث مكانه رجلا‮ً. ‬وخرجت قريش،‮ ‬فلم‮ ‬يتخلف من أشرافها أحد‮. ‬إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب تخلف،‮ ‬وبعث مكانه العاصي‮ ‬بن هشام بن المغيرة. مجلس استشاري خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه للحاق بقافلة قريش،‮ ‬ولكن أبا سفيان استطاع أن‮ ‬يعرف موقع جيش المسلمين ببدر ويحول هو خط سير القافلة نحو الساحل‮ ‬غرباً تاركاً الطريق الرئيسي‮ ‬الذي‮ ‬يمر ببدر على اليسار،‮ ‬وبهذا نجا بالقافلة وأرسل رسالة للجيش المكي‮ ‬بهذا المعنى،‮ ‬فهمّ‮ ‬الجيش بالرجوع ولكن فرعون هذه الأمة أبا جهل صدهم عن ذلك،‮ ‬ولكن قبيلة بني‮ ‬زهرة بقيادة الأخنس بن شريق عصوه ورجعوا ولم‮ ‬يشهدوا‮ ‬غزوة بدر‮.‬ ‮ ‬وكان لابد من اللقاء حتى‮ ‬يحسم الأمر ويقول الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه‮ (‬حياة محمد‮):‮ لم‮ ‬يكن‮ ‬يظن المسلمون أن سير الحرب سيتحول من إغارة على قافلة بحراسة صغيرة إلى صدام مع جيش كبير مسلح‮ ‬يقدر بثلاثة أضعاف جيشهم،‮ ‬فعقد الرسول صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً مع أصحابه ليعرف استعدادهم لمواصلة الحرب المقبلة،‮ ‬وعرض عليهم مستجدات الأمر،‮ ‬وشاورهم في‮ ‬القضية،‮ ‬فقام أبو بكر وعمر و المقداد فتكلموا وأحسنوا،‮ ‬وبينوا أنهم لا‮ ‬يتخلفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً،‮ ‬ولا‮ ‬يعصون له أمراً،‮ ‬فأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر،‮ ‬وقال‮: أشيروا عليّ‮ ‬أيها الناس.‮ ‬وكان‮ ‬يريد بذلك الأنصار ليتعرف استعدادهم لذلك،‮ ‬فقال سعد بن معاذ‮: ‬والله لكأنك تريدنا‮ ‬يا رسول الله‮! ‬قال‮: ‬أجل، قال‮: ‬فقد آمنا بك وصدقناك،‮ ‬وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض‮ ‬يا رسول الله لما أردت، فوالذي‮ ‬بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد،‮ ‬وما نكره أن تلقى بنا عدواً‮ ‬غداً،‮ ‬وإنا لصبر في‮ ‬الحرب صدق في‮ ‬اللقاء،‮ ‬ولعل الله‮ ‬يريك مناماً تقرّ‮ ‬به عينك،‮ ‬فسر بنا على بركة الله‬،‮ ‬فسر ‬الرسول صلى الله عليه وسلم بما قاله المهاجرون والأنصار،‮ ‬وقال‮: سيروا وأبشروا،‮ ‬فإن الله تعالى قد وعدني‮ ‬إحدى الطائفتين.‬ انتصار الحق قضى الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة في‮ ‬الصلاة والدعاء والتبتل والتضرع لله،‮ ‬ووقف صلى الله عليه وسلم‮ ‬ينظم الصفوف ويدعو ويقول:‮ ‬اللهم نصرك الذي‮ ‬وعدت،‮ ‬اللهم هذه قريش جاءت بخيلها ورجلها تحادك وتحاد رسولك‮. ‬ونظر إلى أصحابه وقال‮: ‬اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم،‮ ‬اللهم إنهم عالة فاحملهم‮ ‬،‮ ‬اللهم إن تهلك هذه العصابة لاتُعبد في‮ ‬الأرض‮.‬ ‮ ‬وكان النبي‮ ‬عليه الصلاة والسلام كان‮ ‬يدعو الله ويجأر إليه ويبالغ‮ ‬في‮ ‬رفع‮ ‬يده مستسلماً لربه تبارك وتعالى حتى سقط البُردُ‮ ‬من على منكبه،‮ ‬فأخذ أبو بكر بمنكبيه وقال: يا رسول الله،‮ ‬بعض مناشدتك ربك‮ ‬،‮ ‬فإنه منجز لك ما وعد‮.‬ ‮ ‬ويأتي القبول ويبعث رب العزة المدد والعون فأوحى الله إلى ملائكته‮. أَنِّي‮ ‬مَعَكُمْ‮ ‬فَثَبِّتُواْ‮ ‬الَّذِينَ‮ ‬آمَنُواْ‮ ‬سَأُلْقِي‮ ‬فِي‮ ‬قُلُوبِ‮ ‬الَّذِينَ‮ ‬كَفَرُواْ‮ ‬الرَّعْبَ‮، ‬(سورة الأنفال‮: ‬الآية 21)، وأوحى إلى رسوله‮: ‬أَنِّي‮ ‬مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ‮ ‬مِّنَ‮ ‬الْمَلآئِكَةِ‮ ‬مُرْدِفِينَ‮، (‬سورةالأنفال‮: ‬الآية 9)، أي‮ أنهم ردف لكم،‮ ‬أو‮ ‬يردف بعضهم بعضاً ولا‮ ‬يأتون دفعة واحدة‮.‬ وأغفى‮ ‬رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة،‮ ‬ثم رفع رأسه فقال:‮ ‬أبشر‮ ‬يا أبا بكر،‮ ‬هذا جبريل على ثَنَاياه النَّقْعُ‮ أي‮ ‬الغبار وفي‮ ‬رواية ابن إسحاق‮: ‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ ‬أبشر‮ ‬يا أبا بكر،‮ ‬أتاك نصر الله،‮ ‬هذا جبريل آخذ بعنان فرسه‮ ‬يقوده،‮ ‬وعلى ثناياه النقع‮.‬ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو‮ ‬يثب في‮ ‬الدرع ويقول‮: ‬سَيُهْزَمُ‮ ‬الْجَمْعُ‮ ‬وَيُوَلُّونَ‮ ‬الدُّبُرَ‮، (‬سورة القمر‮: ‬الآية ‮٥٤)‬، ثم أخذ حَفْنَةً‮ ‬من الحَصْبَاء،‮ ‬فاستقبل بها قريشاً وقال‮:‬ ‮(‬شاهت الوجوه‮) ‬ورمى بها في‮ ‬وجوههم،‮ ‬فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة،‮ ‬وفي‮ ‬ذلك أنزل الله‮ ‬وَمَا رَمَيْتَ‮ ‬إِذْ‮ ‬رَمَيْتَ‮ ‬وَلَكِنَّ‮ ‬اللهَ‮ ‬رَمَى‮، (‬سورة الأنفال‮: ‬الآية‮ ٧١‬). انتهت المعركة بهزيمة ساحقة للمشركين،‮ ‬وبفتح مبين للمسلمين،‮ ‬وقد استشهد من المسلمين في‮ ‬هذه المعركة أربعة عشر رجلاً،‮ ‬ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار،أما المشركون فقد لحقتهم خسائر فادحة حيث‮ ‬قتل منهم سبعون،‮ ‬وأسر سبعون‮.