×
محافظة المنطقة الشرقية

69% من موظفي الحكومة يتغيبون بدون عذر.. والمتزوجون في الصدارة

صورة الخبر

في واحد من أسوأ أفلامه، يظهر عادل إمام كرجل أعمال اسمه هنداوي يعاني من الإفلاس ولا يريد أن يهرب خارج بلاده كما فعل الكثيرون من أقرانه. يلجأ في كل مرة إلى حلول مؤقتة، تستهدف جدولة مديونياته بمساعدة رجل دولة فاسد، يسهل له الحصول على قرض بنكي بطرق غير مشروعة، شريطة أن يقاسمه ابن الرجل الفاسد، الذي أطلق عليه في الفيلم بوبوس تدليلا ودلعا. في آخر المشاهد، اكتشف هنداوي الذي يقوم بدوره الزعيم عادل إمام أنه يبني بيتا بالرمال على شاطئ البحر، يأخذ من السفح ليضيف إلى القمة، فينهار الأساس، تزيد أصفار القرض، ولا تقل المديونيات، ويتضخم بوبوس بالمال، وتتضخم ديون هنداوي المغلوب على أمره. المشهد الأخير في الفيلم، لا يخلو من الكوميديا السوداء، يذهب البطل هنداوي لمجاملة رجل فقير في زواجه فيجد أحد عُمّال مصانعه المغلقة بسبب الإفلاس، والمسرّحين من الخدمة، يبحث عنه ليقتله، اعتقادا منه أنه السبب فيما آل إليه حاله من فقر وضياع وتشرد. في الملاحقات الأخيرة بين رجل الأعمال والعامل الضحية، غاب بوبوس عن إنقاذ حياة هنداوي، وهو الذي ينقذ أمواله غير المنقولة في كل مرة. فيلم بوبوس، الذي أنتج قبل أربعة أعوام، يسلط الضوء على الفساد المالي الذي سيطر على مصر بعد انتخابات 2005، وهروب رجال الأعمال إلى الخارج بعد تعثرهم في الوفاء بمطالبات المصارف، ويكشف عن الفساد الحكومي الذي سقى هذه النبتة فأنتجت ثمارا فاسدة، ويلفت النظر إلى أن العلاجات المهدئة كانت سببا رئيسا في تفجر الوضع، وفقدان السيطرة عليه. الوضع المالي المتعثر الذي يعيشه نادي اتحاد جدة حاليا، ليس بعيدا عن أحداث فيلم بوبوس مع اختلاف بعض التفاصيل، وهو نذير خطر يدق الأجراس على كل بوابات الأندية السعودية، ومظلتها الأم، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ويهدد بتفجر الوضع عاجلا أو آجلا. .. ولا يمكن حصر الأسباب بدقة في مقال واحد، وأعتقد أن الهوة الكبيرة التي تفصل بين الاحتراف الإداري والتطوع، تأتي في صدارة المسببات، وهي التي أوجدت فراغا قانونيا تراكمت حوله وعبر السنين مشكلات مالية وإدارية، سمحت بتسرب منتفعين، ومرتزقة، يبحثون عن المجد الشخصي ويغلبون المصلحة الخاصة على العامة، فنشأت الدمامل في أجساد كثير من الأندية الرياضية، وكبرت كالأورام التي يصعب مواجهتها الآن. .. لا يمكن أن نطالب رئيس ناد ما ببيان مالي، وهو الذي يدفع من جيبه، والأمر ليس كذلك الآن منذ أن وقّعت الأندية عقودا استثمارية مع شركات ومؤسسات، ولا يمكن أن يترك سقف الصفقات مفتوحا للأندية، وهي التي قد يسيطر على سدتها مغامرون يوقّعون الصفقات، كما يلقي المقامرون كروت البوكر. المشهد الاتحادي المؤلم، ليس وليد اللحظة، تكونت تفاصيله عبر إداراته المتعددة، ولم يجد رقابة من الجهة الرسمية، فآلت الأمور إلى ما آلت إليه من السوء والتعثر والمديونيات. هل تقف المؤسسة الرسمية موقف المتفرج؟ هذا ليس من الحكمة ولا الحياد في شيء، ما العمل إذن؟ لنلحق بما يمكن اللحاق به، ونفعّل قانونا بلاتينيا في الموسم المقبل، الذي يفرض على الأندية توقيع صفقات وفق مداخيلها فقط، ويلغي أي مغامرات قد تقود إلى المقامرة. ما الذي يمنع اتحاد القدم أن يطلب ميزانيات الأندية للموسم الجديد في نهاية الموسم الحالي، وفق كل التوقعات: المداخيل الاستثمارية، هبات أعضاء الشرف، ما يقدمه الرؤساء، وبعد ذلك، يوافق أو يمنع الصفقات التي قد تؤدي إلى التهلكة. الأمر جد خطير، والوقف أمامه مكتوف الأيدي، خيار يصنف المسؤول في فصيلة النعام.