×
محافظة المنطقة الشرقية

نادٍ منافس يغازل العملاق الأسمراني «غالي»

صورة الخبر

يمكن الكتابة والنضال حتّى الأبد تأكيداً لرحميّة العلاقة بين العروبة والإسلام، ويمكن الصراع قروناً، إذا اقتضى الأمر، لأنّ اثنين لم يفهما روح الإسلام - ولن يفهماها - ولا روح تلك العلاقة، وأعني بهما معظم الغرب أوّلاً ومسلميه الجاهزين للفتك في بلادنا، سواء كانوا من دواخلنا أو غربيين من خارجنا ثانياً. بكلمتين نحن أمام سطرين يختصران ما يحصل: إن خطّ الزلازل التي نسمع وقعها اليوم في بلادنا، تظهر وكأنّنا أمام مشروع تطلّع إلى إعادة ضمّ روسيّا إلى المسيحية ونجح، بهدف تبشير آسيا، ويؤخذ الإسلام ومعه العروبة من الخلف، ليضربا على شواطئ المتوسّط، فيتحقّق، وهم الحلم اليهودي الأكبر، بنقل البابوية إلى القدس، لتتصالح نهائياً مع اليهود، كما مع الشرق ويتصالح الإسلامي بعدها مع دين إبراهيم. إنّ يأس الكنيسة الغربيّة التاريخي من مصالحة الشرق الأرثوذكسي المتجذّر بالشرق، حدا بالفكرة بتفتيت الشرق الأوسط في شتّى الأمم، أياً كانت الضحايا والنتائج. ما هو موقع المسيحية والإسلام في ذهن هذا الغرب؟ ومن يستطع تحديد الغرب والشرق؟ وكيف ستتمّ، إذن، تنقية المذاهب والهويات وملامح المستقبل المحكومة بالغموض؟ وكيف نعبر فوق هذه المتراكمات، وعبرها، نحو تخليص التشابك في ما بين الأديان الدسمة، مثل اليهودية والإسلام، والأديان الفاقدة الدسم، كالمسيحية والقوميات المتراجعة؟ وأين هي دروب إسرائيل في ما يحصل من متغيّرات ؟ أسئلة تحتاج لأطروحات، لكنني سأحاول الخروج من الأحداث المؤلمة والخطرة التي تجتاح عقولنا وبلادنا العربية، مثل تقصّي فنون الإرهاب المتعدّد الهويات والأغراض، والأرق الذي يصيب الحكّام والمسؤولين والشعوب في الصميم. وسأحاول الابتعاد أيضاً عن الأمور الجديدة المستوردة التي تشغل أجيالنا، أو تلهيهم، وتغرس عيونهم وأصابعهم كما معظم سكّان العالم في الدردشة أو اللتلتة في شاشات التواصل الاجتماعي السهلة، وأركّز على مقاربة مجموعة من المتغيّرات والتحوّلات الكبرى التي تسكن عقول الطبقات الخارقة التي تحلم بحكم البشريّة وقيادتها، أو انقيادها، بعد تحللها وإدمانها على الفوضى والموت. أركّز على التفكير بدعوة شاملة لمفكّرينا بهدف القراءة الأصيلة للعروبة والإسلام تضمن المستقبل. سأحاول المباشرة بالقراءة، لكنّني أجزم بأنّ النصوص الدينية، والإسلامية تحديداً، هي هي لم تتغيّر، ولن تتغيّر، مهما تقاتل العرب والمسلمون، ومهما مطّت تركيا الأعناق، ومن خلفها العالم، للبحث عن نصوصٍ معدّلة أو مستحدثة في الدين. الإسلام أمر ثابت، والمسلمون أمر آخر متحرّك، يبدون وكأنهم رقع من البشر بازيلية من Puzzleأي صعبة التركيب والجمع والتوحّد، وسهلة التفتيت والتفرقة والتشظي. يصيب دينهم ما أصاب المسيحيين الذين أخرجوا من الدين خروجاً نصفيّاً أو غامضاً، أو هم لم يخرجوا نهائياً بعد، وما زالوا مشغولين مع اليهود بالأديان والأوطان الأخرى في العالم. لقد أورثت الثورات الدينية وصراع السلطات والأنظمة في الغرب، بمختلف معانيها، دماء يصعب كيلها، سفكت ولم تبلغ اليباس النهائي، بالرغم من تجاوزها قرناً كاملاً. ما يتغيّر في بلادنا، إذن، هم بعض المسلمين، إذ ينبشون أو يدفعون دفعاً إلى النبش في تواريخهم وصراعاتهم القديمة في النصوص والنفوس، إلى درجة فوران اللاوعي والدم. القراءة في الدين الإسلامي هي عبء لأنّها ليست في أساس الإسلام وروحه. إنّها نقيض النبوءة التي تطمح إلى حكم الدنيا، انطلاقاً من الأميّة، حيث لا قراءة ولا كتابة .. لا تعني الأمّيّة نقصاً أو عيباً، بل سرّاً/نصّاً منزلاً، أي معجزة تتجاوز العلم المنقوع بالخبث والكوارث. فاللسان النبوي الذي بدأ متلعثماً، ألحّ في أن يزملوه، أي يغطّوه، كي تنبثق الكلمات، ثم تنتشر في الذاكرات، وفوق الألسنة والنصوص غير المنقّطة أو المحرّكة، بمعنى Punctuation، تحقيقاً عمليّاً لوحدانيّة الخالق في كلمته الثالثة والأخيرة. الأخيرة نعم، حيث الإقفال النهائي لباب السماء في وجه البشر الذين ما عادوا يصطفون، وصاروا لا يحتملون في تطاولاتهم. سالت السماء بحلّتها المضيئة وشمسها ونجومها في النص النهائي الموصول بالعهدين الجديد والقديم، ومال البشر إلى تحديد الكون والمعرفة من دون دراسةٍ أو معرفةٍ أو علامات استفهام. أن تقرأ وأنت أمّي محاولة، بل مهمّة إعجازيّة، ستلتهم معظم العقول والأعمار، وأراها تلتهم الفكر الديني الباهت أو تبعثه مجدّداً. أن تقرأ مجدّداً أو جديداً نصوص العروبة والعرب والزمان والمكان في مدى المسلمين الفائرين في الكرة الأرضية، يعني أن تقرأ جسدك/ نفسك/ روحك/ تاريخك/ مستقبلك، وإنّني لن أعدكم بإمكانيّة ذلك، أو بالقدرة على تعليق الأجساد أو النصوص التي نقرأها أو نعيد قراءتها، بمسمارٍ فوق معبد دلفي في أثينا، حيث العنوان الأبرز اعرف نفسك تعرف العالم، وصولاً إلى رحم الله امرأً عرف حدّه فوقف عنده، تسقط في وجه كلّ صاحب مذهب جديد يدّعي الإسلام. يعتذر النص، إذن، عن الفيض الوجداني أحياناً، وهو يتماهى بالنصوص الكبرى، أوكيفيّة ولاداتها في الألسن أو فوق الصفحات والشاشات، فادّعي القراءة والكتابة مقيماً في العروبة وأكوام النصوص المتناقضة والمتحاربة، المدمّاة برؤوس ومن دون رؤوس، الخجولة المستمرّة في النظر إلى الخلف أو إلى الأمام ولا فرق كبيراً بين الوجهتين تملأ أرض العرب. فالباحث في هذا الشأن تائه مفقود، والخارج منه جاهل مولود. نحن نعيش/نموت بحثاً ولو عن قبّعة العروبة فوق رأس نصوصنا الطريّة والخجولة القديمة والحديثة في الحداثة والإسلام والتحديث والتغيير والغير والاستبدادية في تلاقي الحضارات. فقد سدّت المستحيلات دروبنا في التعبير والتأثير، ليس في التفكير بحثاً عن فكرة جديدة نتمسّك بها، مثل قشة تبنٍ طافية فوق محيطات الدماء والماء. تتكرّر كلمة الرؤوس في نصوص النخب العربيّة التي يصيبها الإعياء لشدّة ما يخضعونها للحذف والتغيير والتمزيق، كون التعبير بات محكوماً بأرض شاسعة من الرمال الرخوة الحارقة، كما هو محكوم بمخزون من اللاوعي الغامض في زمن تقطيع الرؤوس وتعليق الأجساد فوق الجذوع البريّة، تحت رايات الدين. نعم المستحيلات في عالم العرب تدفعنا إلى زجّ فشلنا/خجلنا فوق النصوص والألسنة، فنقابلهما وكأنّنا أطفال يهرمون مجدّداً في فنون القراءة والإسلام والعروبة المستحيلة. لن ترمينا فكرة دولة الخلافة مجدّداً في أفكار تجديد الدين واستحالات تفكيكه إلاّ عبر انتظار تفكيك إستراتيجيات التكفيريين المنسوجين والمفبركين في عقل الغرب وعريه الحضاري. لا تيأسوا، سيأتي يوم، وهو ليس ببعيد، نعلّق فيه مدى خيرنا فوق جبين الكرة التي ما عادت تتجاوز بمبادئها السياسية سوى جوزةٍ مهترئة. ماذا نبغي؟ مبادرة إلى تجميع رزمة من المفكرين العرب حول طاولة في عاصمة عربيّة بحثاً عن قراءة جديدة لمستقبل العرب.