بعد عقد الاتفاق النووي مع إيران والذي سينتج عنه رفع تدريجي للعقوبات الإيرانية، وستكون أهم انعكاساته عودة البترول الإيراني للأسواق، وبحكم حساسية أسعار البترول للاقتصاد السعودي وسوق الأسهم السعودي حيث يشكل البترول 89% من الدخل الحكومي، وهذا ما ينعكس على الاقتصاد العام حيث يشكل الإنفاق الحكومي مانسبته 26.4% من إنفاق الناتج المحلي، وهو ما جعل معامل ارتباط أسعار البترول وسوق الأسهم السعودي يبلغ (0.5) حسب بيانات وكالة بلومبرج بين 2005 و2014. إن عودة البترول الإيراني للأسواق بعد أن كان حجم الإنتاج الإيراني 3.6 ملايين برميل قبل العقوبات الدولية، وانخفض بعد ذلك إلى 2.5 مليون برميل ونتج عن ذلك خسارة أهم أسواقها، وهو السوق الأوروبي، والذي يستهلك 587 ألف برميل من حجم الإنتاج و528 ألف برميل أخرى في آسيا، لوحظ ارتفاع تدريجي للنفط الإيراني، حيث بلغ مؤخرا 2.8 مليون برميل، وهذا ما يصب في مصالح أوبك وهو عودة منتج يستطيع إعادة ضخ مليون برميل خلال عام. من الملحوظ من الجدول الأول بأن إنتاج دول أوبك لم يرتفع بين العام 2013 و2014، والسبب الاضطرابات السياسية التي تؤثر على الإنتاج كما حدث في ليبيا والعراق، وان أغلب الزيادة جاءت من خارج أوبك. عودة إيران سوف تعزز قوة أوبك في تغذية الأسواق خصوصا أن كميات الإنتاج بلغت مستوى عال لأكبر منتجي أوبك، وهي المملكة العربية السعودية حيث بلغ 10.6 ملايين برميل يوميا، وهو رقم عالي، ولذلك عودة إيران سوف تخفف الضغط على الإنتاج السعودي ودول أخرى مثل الكويت والإمارات التي رفعت طاقتها الإنتاجية والذي يأثر على عمر احتياطياتها، والأخيرتان لديها احتياطيات نفطية أقل من إيران، وهم الكويت والإمارات. زيادة الإنتاج السعودي وحصة إيران بلغ الإنتاج السعودي 8.2 ملايين برميل بنهاية 2010، وارتفعت الكميات المنتجة من 8.2 ملايين برميل إلى 9.3 ملايين برميل نتيجة الاضطرابات السياسة خلال فترة الربيع العربي عام 2011 والتي أثرت على إنتاجية عدة دول مثل ليبيا التي انخفض إنتاجها قرابة المليون برميل خلال تلك الظروف وسورية واليمن بحدود 140 ألف برميل، وقامت دول أوبك وبالتحديد المملكة لتعويض النقص بالإضافة لارتفاع الطلب في اليابان في ذلك الوقت، هذه الارتفاعات كانت قبل فرض العقوبات على إيران عام 2011. في عام 2012 فرضت عقوبات على إيران، وانعكس سلبيا على إنتاجها الذي كان يصدر منه 2.5 مليون برميل يوميا، حيث طبقت القرار 44% من أسواق إيران النفطية، وانعكس ذلك على دول أوبك لتعويض النقص بين المملكة والكويت والإمارات، حيث ارتفع إنتاج المملكة إلى 9.8 ملايين برميل، وأخذ هذا يضغط على قدرة دول أوبك في زيادة حصتها عالميا حيث أخذت دول أوبك تغطي نقص الكميات المنتجة بين بعضها. إستراتجية أوبك وعودة النفط الإيراني عمدت أوبك مؤخرا إلى زيادة إنتاجها للوصول إلى أسواق أكثر على حساب الأسعار، والتي من دورها إخراج المنتجين ذوي تكلفة الإنتاج العالية لصالح إنتاج أوبك الأقل تكلفة، لكنه كان على حساب الطاقة الإنتاجية لأكبر المنتجين وبالتالي عمر احتياطياتها، فعودة إيران ستساعد الدول المنتجة في تغذية نمو الطلب العالمي خصوصا أن حجم الاحتياطي الإيراني يبلغ 157 مليار برميل، ويعد الرابع عالميا ومن المقدر أن ترفع إيران من إنتاجها إلى 5 ملايين في السنوات القادمة. التساؤل الحالي هو حول قدرة الإنتاج الحالية لإيران، ونسبة التآكل التي أثرت على آبارها ومدة الصيانة التي هي بحاجة لها، ولكن حسب التصريحات الرسمية الإيرانية فإن إيران تستطيع أن تضيف 500 ألف برميل، ونعتقد بأنها سوف تعتمد مبدئيا على مخازنها التي تبلغ 40 مليون برميل، وهنا سوف توضح نوايا أوبك حول مستوى الأسعار الحالي، فهل سوف تستخدم البترول الإيراني لتقليص الأسعار أكثر وإزعاج المنتجين خارج أوبك أكثر، أو سيكون هناك تناسب بين الدول المنتجة الكبرى وهي السعودية والكويت والإمارات، بالإضافة للكميات الإضافية نتيجة تسارع النمو لأن تكون لصالح إيران. الاستنتاج حسب استراتجية أوبك التي لاحظناها مؤخرا والتي تعمد تغطية أكبر قدر من الأسواق، وتغطية الزيادة على الطلب العالمي النفطي، فإن النفط الإيراني يعد تعزيزا لقدرات الإنتاج في أوبك ويخفف الضغط على كبار المنتجين، وإن كان هذا على حساب الأسعار، والذي يبدو لنا بأن الهدف منه هو إخراج المنتجين ذوي التكلفة العالية لصالح لدول أوبك ذوي التكلفة المنخفضة، لذلك نرى بأن عودة إيران سوف تنعكس إيجابيا لصالح أوبك، وليس بالضروري أن تكون سلبية على أسعار البترول، إلا إذا رغبت أوبك بزيادة المعروض أكثر، وتقليص الأسعار أكثر برغم الإنتاج العالي لكبار المنتجين بالمنظمة. * رئيس قسم الأبحاث في شركة "الاستثمار كابيتال"